تعدّ الشريعة الإسلامية من أكبر الشرائع العلمية
الخميس 24 مارس 2016 – 16:04:05
في يوليو سنة 1951م انتهى الباحثون في مؤتمر (أسبوع الفقه الإسلامي) الذي عقدته (شعبة الحقوق الشرقية) في المجمع الدولي للحقوق المقارنة برئاسة الأستاذ (ميو)، أستاذ التشريع الإسلامي في كلية الحقوق بجامعة باريس؛ إلى أن: (مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة حقوقية تشريعية لا يُمارى فيها، وإن اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات ومن الأصول الحقوقية هي مناط الإعجاب، وبها يتمكّن الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها).
وقد أعلن المؤتمرون رغبتهم في تكرار فعاليات مؤتمر (أسبوع الفقه الإسلامي) سنوياً، ومتابعة أعماله وتفعيل قراراته وتوصياته بعد انعقاده، وأصدروا توصيتهم بتأليف لجنة لوضع (معجم للفقه الإسلامي) يُسهل الرجوع إلى المؤلفات الفقهية حتى يُمكن استعراض المعلومات الحقوقية الإسلامية وفقاً للأساليب الحديثة. وفي كلية القانون في جامعة (هارفارد)، أشهر الجامعات الأمريكية والعالمية على الإطلاق، وضعت الآية رقم (135) من سورة النساء على حائط المدخل الرئيسي للكلية موصوفة بأنها من أعظم عبارات العدالة في العالم عبر الأزمان، والآية المعنية هي قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النساء: 135]. وفي الفترة الأخيرة أشاد (يوخين هارتلوف)، وزير العدل بولاية (راينلاند بفالز) الألمانية، بالشريعة الإسلامية وطالب بتحكيمها، وقال: (إنه يتصور إمكانية السماح لمسلمي ألمانيا بحل منازعاتهم المتعلقة بالطلاق والنفقة والعقود المالية التي يفضلون فيها الابتعاد عن الفوائد الربوية، من خلال مُحكمين مسلمين يعتمدون بتقديراتهم على أحكام الشريعة الإسلامية). وأوضح (هارتلوف) أن الشريعة الإسلامية تتعامل مع قضايا الأحوال الشخصية والتعاقدات التجارية بصياغة عصرية مقبولة.
واقترح الأسقف (روان ويليامز)، رئيس (الكنيسة الإنجليكانية) في بريطانيا، تبنّي بعض أحكام الشريعة، وقال إن اعتماد أجزاء من الشريعة يبدو أمراً لا مفر منه في بعض الحالات. كما اقترح البروفيسور الهولندي (ليون يوسكنس) أستاذ القانون والثقافة في المجتمعات الإسلامية يتلقى القضاة في هولندا دروساً في الشريعة الإسلامية، وقال: الإقدام على هذه الخطوة ستكون أمرا مفيداً جداً للقضاء والمقاضين، ونقلت (المجلة العلمية لمجلس القضاء) عن البروفيسور المذكور قوله: (إذا ماتم اتباع القانون الهولندي فقط، إن الوصع القضائي سيكون أشبه ما يكون بشخص أعرج).
وفي الولايات المتحدة الأمريكية صرح (هارولد كو)، المستشار القانوني لإدارة الرئيس الأمريكي (أوباما)، بأنه يجب إقامة محاكم إسلامية على الأراضي الأمريكية للفصل في النزاعات بين المسلمين، كما رفضت (لجنة القواعد) في (مجلس الشيوخ) تمرير مشروع قانون يحظر اعتبار الشريعة الإسلامية في القضاء بولاية (أوكلاهوما) إثر قيام (مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية) بمعارضة القانون بقضية فيدرالية اكتسبت دعم أحد القضاة الذي أصدر إنذاراً قضائياً تمهيدياً بمنع اعتبار المذكرة المقترحة قانوناً.
لقد أظهرت إحدى الدراسات الحديثة التي أشرفت عليها (اللجنة العليا لحقوق اللاجئين) بالأمم المتحدة؛ أن الشريعة الإسلامية أكثر المصادر التي أثرت في صياغة قوانين حقوق اللاجئين التي يستفيد منها عشرات الملايين من اللاجئين حول العالم، وأشار (أنتونيو جوتريز)، ممثل (اللجنة العليا)، إلى أن القوانين التي تتبنّاها المنظمة قد أخذت بما أشار إليه الإسلام من توفير الأمان للاجئين وعدم ردهم إلى الأخطار التي فروا منها، إضافة إلى أن حماية اللاجئين تشمل غير المسلمين الذين لا يُكرههم الإسلام على تغيير دياناتهم، ولا يقوم بمساومتهم من أجل الحصول على حقوقهم، بل يقوم الإسلام على توفير الحماية لهم ولممتلكاتهم ويعمل على لمّ شمل أسرهم بنوع من الكرم والإحسان. ودعا (جوتريز) المجتمع الدولي لتقدير هذه الحقوق التي تكفلها الشريعة الإسلامية للاجئين.
يقول الأستاد الدكتور عبد الرزاق السنهوري رئيس مجلس الدولة الأسبق وأستادا القانون المدني ورئيس لجنة وضع القانون المدني المصري والعراقي وغيرهما (1880ـ1981)م الفقه الإسلامي نظام قانوني عظيم له صفة يستقل بها، ويتميز عن سائر النظم القانونية في صياغته، وتقتضي الدقة والأمانة العلمية علينا أن نحتفظ لهذا الفقه الجليل بمقوماته وطابعه، ونحن في هذا أسدّ حرصا، من بعض الفقهاء المحدثين، فيما يؤنس فيهم من ميل إلى تقريب الفقه الإسلامي من الفقه الغربي إن هذا لايكسب الفقه الإسلامي قوة يقول أيضاً: الشريعة الإسلامية بشهادة فقهاء الغرب تعد من أكبر الشرائع العالمية فما بال الغرب يعرف هذا الفضل ونحن ننكره؟!