حرب تطوان بــأقلام أمريكية
جريدة الشمال – الطالب : علي العبدلاوي ( حرب تطوان )
الخميس 03 مارس 2016 – 14:42:40
هكذا بدأت سوزان جيلسون ميللر المؤرخة و الباحثة في تاريخ شمال افريقيا والشرق الأوسط كتابها المعنون ب”تاريخ المغرب المعاصر”. الكتاب في مضمونه عبارة عن كرنولوجيا لأهم المحطات في تاريخ المغرب المعاصر، تطرقت في الجزء الأول منه الى موضوع نهاية حقبة الجهاد البحري، و خصصت حيزا منهذا الجزء للحديث عن حرب تطوان، حيث تم الكشف عن بعض خباياها، من بينها ذكرت سوزان أنه بعد سقوط تطوان في يد الاسبان، قام يهود هذه المدينة باستغلال تواجد المستعمر لخدمة مصالحه، وذلك في مقابل تقديم خدمات للطرف الآخر كالترجمة أو قيامهم بتصريف العملة، مما سيؤثر سلبا على علاقتهم بمسلمي المدينة في ما بعد.
جدير بالذكر أن بريطانيا تدخلت بالضغط على كلا الجانبين من أجل الوصول الى حل يرضي الطرفين، حيث طالبت اسبانيا بمبلغ 20 مليون أورو، كان من الصعب على خزينة الدولة تحمل هذا المبلغ. عزما منها على إنهاء الأزمة، قامت بريطانيا بإقراض المغرب ما قيمته 500،000 باوند. أمام هذه المبالغ، وجد السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان نفسه في موقف صعب، ولم يكن أمامه سوى السماح لكل من إسبانيا و بريطانيا باستغلال مداخيل موانئ الدولة. وعلى حد تعبيرها، أكدت سوزان ميللر أنه بسبب هذه الأزمة تم تكريس تبعية المغرب للخارج. في طرحها هذا، استعانت الباحثة الأمريكية بكل منالمؤرخ المغربي الناصري و جون دروموند هاي السفير البريطاني في المغرب ما بين سنتي 1845 و 1886. فالأول أكد أن حرب تطوان أزالت حجاب الحياء عن المغرب، مما سيسمح للمسيحيين بإحكام سيطرتهم على المغرب في ما بعد.
وأما الثاني فقد كتب في مؤلفه “مذكرة السير جون دروموند هاي” أنه صدم بحجم الثقة التي وضعها فيه السلطان والتي تجسد هذه التبعية.في الحقيقة، ظهرت بوادر الضعف قبل حرب تطوان،أذكر هنا معركة إيسلي بين المغرب وفرنسا سنة 1844، والتي شكلت المنعطف الأكثر تأثيرا في تاريخ المغرب خلال القرن التاسع عشر . أما حرب تطوان فكانت النقطة التي أفاضت الكأس، والتي مهدت لاستعمار المغرب ومن ثم تقسيمه.
اِنطلاقا مما سبق، وبناءاً على المعطيات التي قدمتها سوزان ميللر، يتبين أنها أغفلت أحد أهم أسس الخطاب الاستعماري ألا وهو الاختباء وراء المبررات. فهجوم سكان أنجرة لم يكن سوى مبرر استعمله الإسبان لبسط سيطرتهم على منطقة الشمال، تحت حجة أن لهم حقوقا تاريخية و جغرافية هناك. من هنا يمكن القول، أن إسبانيا كانت لها أهداف استعمارية استغلالية محضة. وكقراء للكتابات التاريخية، علينا عدم الانسياق وراء الكتاب. فالتاريخ لا يمكن قراءته من منظور واحد.