رحلة الألف ميل وتحقيق الحلم، دائما ماتبدأ بخطوة صغيرة ومن تم يبدأ الحلم يكبر ويكبر حتى يصبح حقيقة واضحة للعيان، وإذا أسقطنا هذا المسار نجده يلائم بشكل كبير البطل المغربي عبد السلام حيلي المتوج بذهبية سباق 400 متر فئة T12 بالألعاب البارالمبية التي نظمت مؤخرا بالعاصمة اليابانية طوكيو.
في هذا الحوار، يفتح البطل المغربي قلبه لقراء جريدة الشمال، وسيقربنا من الكيفية التي مكنته من الوصول إلى حلمه، وكيف تعايش مع الضغط هناك بأراضي الساموراي، وكيف تلقى برقية التهنئة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
في البداية نود أن نشكرك على سعة صدرك من خلال قبولك إجراء هذا الحوار
ج: الشكر لكم على الإهتمام الجميل والمشجع للرياضة والرياضيين.
س: نحن نعلم من هو عبد السلام حيلي وما يتوفر عليه من أرقام قياسية وميداليات ذهبية، لكن هناك فئة من الجمهور لاتعرف مسيرتك الرياضية فكيف كانت البداية؟ ومتى كانت؟
ج: بدايتي كانت خلال فترة دراستي بالمرحلة الإعدادية، وكانت أستاذة لمادة التربية البدنية هي من رأتني في حصص الرياضة، وكانت قد أرسلتني لخوض غمار منافسات العدو الريفي للألعاب المدرسية، وكنت قد أجريت السباق بشكل جيد، وهي من شجعتني على بدء مشواري في ميدان أم الألعاب، بالإضافة إلى ذلك عملت على إحضار مدرب لي وجعلتني أنخرط في إحدى الجمعيات الرياضية، واليوم بعد إحدى عشرة سنة أتوج بالميدالية البارالمبية.
س: أنت الاَن بطل بارالمبي وفزت بذهبية سباق 400 متر فئة T12، حدثنا كيف مرت الإستعدادات؟ وكيف كانت الأجواء هناك بالعاصمة اليابانية طوكيو؟
ج: الأجواء بمدينة طوكيو كانت صعبة للغاية، لأنني كنت مخالطا لأحد الأصدقاء من الوفد المغربي، الذي سقط في اختبارات فيروس كورونا وكان مشاركا في منافسات الماراطون، وعند مراجعة تذاكر الطائرة، وجدوني أنني كنت أجلس بجانبه، مما جعلهم يتخدون قرار عزلي بغرفة داخل القرية الأولمبية فيما صديقي تم نقله للمستشفى، وبالتالي هم من كانوا يتكلفون بأخذ الغداء لغرفتي، ويتواصلون معي فقط عبر الهاتف، يعني الأجواء كانت صعبة صراحة، بحكم أنني لم أستطع ممارسة تداريبي في الخمسة أيام الأولى، وهو مادفع مدراء الجامعة إلى مراسلة الإتحاد الدولي لمطالبتهم بالسماح لي بإجراء التداريب، ومن تم بدأوا بإرسال سيارة خاصة لي، وهي كانت مكلفة بإيصالي لمركز التداريب وإعادتي للقرية، وكنت أتدرب وحيدا بعيدا عن العدائين، هكذا كانت أيامي الأولى بمدينة طوكيو، إلى غاية مرور 15 يوما، تمكنت خلالها من استعادة حريتي وممارسة حياتي الطبيعية.
س: قبل أي سباق نهائي لأي عداء، لابد أن يكون هناك ضغط نفسي، كيف تعاملت مع هذا المعطى؟
ج: الضغط النفسي ضروري، أي عداء يعيشه، لأن هذا السباق ليس سباق ملتقى عادي، بل هو سباق نهائي الألعاب البارالمبية، تكون مرة كل أربع سنوات، يعني هي كل شيء، ويحلم بها أي عداء كيفما كان، حلمه هو أن يصل ويشارك في الألعاب الأولمبية، يعني كان هناك ضغط نفسي خاصة أنني كنت أعيش ضغطا نوعيا بسبب عزلي، ولكن الحمد لله تمكنت من تحقيق هدفي الذي ذهبت من أجله متحديا جميع الظروف.
س: لحظة الصعود للبوديوم الأولمبي هي حلم لكل رياضي ورياضية، حدثنا عن هذه اللحظة التاريخية وكيف عشت تجربتها؟
ج: لحظة الصعود للبوديوم هي حلم لكل رياضي ورياضية، لأن الميدالية هي ميدالية أولمبية، ولن تعوضها أي ميدالية أخرى، كان شعورا رائعا فيه مزيج من الفرحة والكثير من الأشياء التي لايمكن وصفها، في تلك اللحظة كنت أفكر في والداي، أصدقائي أبي رحمه الله الكل كان ينتظر تلك الميدالية والحمد لله كانت أول ميدالية ربحها المغرب وكان شرف لي أنني أدخل الفرحة على قلوب المغاربة جميعا.
س:والدك رحمه الله توفي سنة 2019 قبل بطولة العالم، وكنت قد صرحت في السابق بأنه كان صديقا لك، فكيف ساهم والدك في مسار البطل عبدالسلام حيلي؟
ج: والدي رحمه الله كان أبا وصديقا وأخ، كان فيه كل شيء ساندني وشجعني كثيرا، شيء جميل أن يكون الأب يساند إبنه، خصوصا إذا كنت في نظره بطلا في وقت لايراك الناس كذلك وله الفضل في كل شيء، والدي حضر لجميع مراحلي إلى غاية وفاته في أواخر سنة 2018، قبل خوضي بطولة العالم، كان يرى معاناتي بحكم أنني كنت أتعذب في تداريبي، كنت أتدرب صباح مساء، من أجل الوصول إلى هدفي، كان مسرورا بخوضي بطولة العالم ولكن شاءت الأقدار أن يتوفاه الله، والاَن بقيت الوالدة أطال الله في عمرها.
س: فور عودتك من طوكيو، تلقيت رسالة تهنئة من الرياضي الأول صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، فكيف تلقيتها؟ وماذا تشكل هذه الرسالة بالنسبة لك؟
ج: في ذلك الوقت كنت مازلت بمدينة طوكيو، وبقيت لي يومين للمجيء إلى المغرب، اليوم الذي لعبت فيه السباق النهائي وتوجت بالميدالية الذهبية، جاءت الرسالة الملكية إلتي تسلمتها والدتي بالمنزل، واتصلوا بي ليخبروني بمجيئها من عند سبدنا نصره الله وأيده، كانت فرحتي كبيرة جدا لايمكن وصفها لدرجة أنني بكيت، أغلى حاجة وأثمنها أن تأتيك رسالة من الرياضي الأول ملكنا الحبيب نصره الله، هنأني في تلك البرقية، وعندما قرأتها وجدت فيها الكثير من التحفيز والتشجيع، واصيا بأن أتدرب أكثر وأشتغل وسيتحقق كل شيء، وبالتالي ستكون راية المغرب دائما عالية خفاقة في المحافل الدولية.
س:في نهائي سباق 400 متر حققت رقم قياسي عالمي هو 47 ثانية و79 جزء من المائة، كيف تمكنت من تحقيق هذا الإنجاز؟
ج: هذا الإنجاز حققته في بطولة العالم بالإمارات وبالضبط بمدينة دبي سنة 2019، وحطمته في الألعاب الأولمبية، ولا أخفيكم أنني ذهبت لطوكيو على أساس أن أظفر بالميدالية والرقم القياسي جاء لأنني كنت مركزا عليها، نظرا لكون الألعاب الأولمبية تلعب على الميداليات وليس على الأرقام القياسية، وفي السباق النهائي كنت أخذت استراتيجيتي المبنية على عدم ترك الفرصة للعدائين التونسي والأمريكي للسيطرة على السباق، وأخذي زمام الأمور واللعب بالسرعة التي أريد، والحمد لله ربي وفقني وفزت بالذهبية ضاربا بذلك عصفورين بحجر واحد الظفر بالذهبية وتحطيم الرقم القياسي.
س: بالنسبة للجامعة هل هناك دعم ومنح مالية أم لا؟
ج: الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى ضعاف البصر ساعدونا بشكل كبير خاصة من ناحية التربصات، التي كان لها دور كبير من ناحية الإستعدادات، دون نسيان الوزارة الوصية التي حفزتنا قبل الذهاب إلى العاصمة اليابانية طوكيو، واَمنت بحظوظنا، وبعد العودة سنأخذ مستحقاتنا، نحن الاَن ننتظرها لكن الأهم هو أنهم حفزونا لتقديم الأفضل
س: ماهي محطتك القادمة؟
ج: محطتي القادمة ستكون بطولة العالم لألعاب القوى والتي ستنظم باليابان السنة القادمة إن شاء الله.
كلمة لقراء لجريدة الشمال وللجمهور المغربي.
ج: الكلمة التي يمكنني قولها لقراء جريدة الشمال، هي شكرا جزيلا لكافة الشعب المغربي، الذي ساندني كثيرا، الشيء الوحيد الذي يمكنني قوله هو أنه هذه الميدالية التي ظفر بها حيلي عبدالسلام هي في ملكية الشعب المغربي قاطبة، نظرا لكونهم أدخلوا الفرحة على قلبي عندما قرأت تعاليقهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وأعدهم أنني سأظل أشتغل على نفسي لكي أجعل من الراية الوطنية دائما في الأعالي.
حاوره ياسر بن هلال