سمَّيْتُ شجرةً كانت تقوم أسفل ذلك المرتقى الذي كانت تقع عليه مدرستي الإعدادية:
شجرة الحب،
وكنت في ذلك كمراهق صغير لا أسمع إلا لحديث يدور في أعماقي ولا أستطيع الجهر به.كانت شجرتي صغيرة أيضاً تكاد لا تعلو قامتي في ذلك الزمان إلا بنحو متر أو يزيد قليلا.
***
دارت على الشجرة ـ وعليّ كما لا أحتاج أن أخفي ـ الأيامُ
بفؤوس متعددة:
من جدب وإهمال وعدم حراسة من أي جهة ، فشحَُبتْ ألوانها ثم كان أن استؤصلتْ، لتنهض في مكانها عمارة ، ليست واطئة ولا شامخة، وإنما لتكون مقراً لصالون تجميل وجوه نسوة لسن بالجميلات، وليتسع بناؤها الأرضي لإدارة لا تضيء دوراً ولا عالماً وإن كانت مصبَّ أموال من جيوب لم تعرف يوما من أين ينبع المال إلا جبينها الذي يتفصَّدُ آلاف المرات بلا جدوى. لذلك لا يملك الناس إذا رأوها إلا أن يمتلئوا حنقاً ونفورا من كل شيء فيها ، بل حتى من مجرد النظر إليها.
***
أما أنا، فكلما مررت بهذه الطريق حيث كانت شجرتي لا أرى ضوءاً ولا ينابيع ماء أو مولدات أضواء أو طواحين هواء.
وإنما أغمض عيني فتحضرني في رؤيا حلم بهيج، شجرة الحب تلك، التي يؤلمني ألا تكون قد أثمرت متعة أو أعطتني لذةً من أي نوع،
***
إيه يا شجرتي التي خانت ما علقت عليها من آمال.
فلم تأتني بما كنت أحب أو أرغب
فلا ورق أمام عيني وإن عبثت ببصري الأضواء
ولا زهر يفغم أنفي وإن زكمت أنفاسي الأدواء
ولا علامة حب بين يديَّ … تصاحب خطوي إلى حيث أشاء
أحمد بنميمون