منذ أيام عشت لمة مباركة ميمونة في مداغ:
مداغ وجهتي
وهوى جناني
لأن بها
رسولَ الله
حلاّ
كنت رفقة لفيف مبارك من فقراء الزاوية القادرية البودشيشية لجهة شمالنا الميمون..
في مداغ كانت لنا مجالس أنس بذكر الله.. وحظوة بزيارة الشيخ المربي الذي تتوجه إليه همم متشوفين لتخليصها من وقوفها في براثن طبعها الأمَّار.. واحتجابها بالغواشي..
في مداغ كنا في مرقى محرِّر من أسفل سافلين نحو أحسن تقويم..
كنا في باب وصول مُرق لرحمة تحلٍّ..
كنا في عروج معنوي نقطع مقامات.. معظمين لجناب حقاني..
في المعلمة المداغية أصغينا إلى خطبة جمعة، ألقاها سيدي احميدة القادري رضي الله عنه، وجمّع فيها مشمولات بلاغة الخير..
بعد صلاة الجمعة كان لنا مع شيخنا سيدي جمال نضَّر الله أيامه ونجله الكريم سيدي منير رضي الله عنه لقاء كريم..
في يوم موال كنا في حضرة ربانية محمدية جمالية، أمسكنا فيها عن الكلام؛ حرصا منا على حفظ آداب خطاب سماعٍ بودشيشي انبسطت له قلوبنا ونحن في موقف قرب..
كان سيدي معاذ رضي الله عنه شديد الحرص -كعادته- على ربط السماع بأنساقه الدلالية وتنويعاته الإيقاعية بمنظومة ذكر الله؛ لكون السماع عنده بالله، ولله، ومن الله، وإلى الله.
كل ما ورد على مسامع قلوبنا في تلك الحضرة مع صاحب الحضرة غلبنا بأحوال في وصلات ممتدة.. ومن مفاتيحها الدالة على بعض أسرارها:
حتى إذا ما تدانــــى الميقات في جمع شملـــي
صارت جبالي دكــــا من هيبة المتجلـــــــــــي
كان منسوب تكرار هذه الدلالة السماعية مرتفعا؛ منورا لقلوب مردديها بإيقاع جلالي جمالي جذّاب بتوجيه من شيخ الحضرة..
في اليوم الموالي ظلت تلك الدلالة الجماعية بمشمولاتها ساكنة في لبي :
. حتى إذا.. (إعلان بانتهاء غاية..)
. الميقات.. (وقتي وحالي زمن حالي..)
. بجمع شملي.. (مشمول متفرقاتي، وكل ما علق بذاتي، ورسخ في كياني، صار مستويا مدكوكا.. بلطف وإحسان.. وما جمعني هو الله ولا شيء سواه..).
. هيبة المتجلي..( عظم الحال في قلبي، فلم أعد أنظر لغير محبوبي المتجلي أمامي ؛ ليس بعيان، ولكن بكشف قلبي ..).
كانت الحضرة الجمالية في مداغ نمطا فريدا في التوجيه المرقي المنبني في الأول والآخر على عبادة الله، إذ كلما تقدم الفقير في عبادة خالقه ازدادت عنده هيبة الله وخشيته..
حفظ الله الشيخ المربي سيدي جمال الدين القادري بودشيش.