طنجة عاصمة البرلمانات والجمعية البرلمانية من أجل المتوسط دعوة إلى مواجهة الإرهاب والتطرف وإشاعة ثقافة الاعتدال والتسامح
الجمعة 03 يونيو 2016 – 11:49:32
اختيار مدينة طنجة لاحتضان أشغال القمّة الثـالثة لرُؤَساء البرلمانـات والجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، جاء ليعيد إلى هذه المدينة جزءا من إشعاعها الإفريقي الذي انتبه إلى أهميته الراحل الحسن الثاني رحمه الله حين اتخذ مبادرته السامية بإنشاء مجمع إفريقي بطنجة يتشكل من المركز الإفريقي للتكوين والتدريب من أجل التنمية “كافراد” وجمعية المنظمات الإفريقية من أجل التنمية التجارية AOAPC كما استقرت بطنجة في تلك الفترة اللجنة الاقتصادية الأممية لإفريقيا الشمالية وقد شهدت مدينة طنجة في الستينات والسبعينات وجانبا من الثمانينات، نشاطا إشعاعيا واسعا لفائدة القارة اإفريقية بفضل اللقاءات والمؤتمرات والندوات والتداريب التقنية حيث إن الراحل الحسن الثاني أراد بتأسيسه في مدينة طنجة لمركز الكافراد أن يساهم المغرب ، مبكرا، وفي إطار هويته الإفريقية في تكوين ما أسماهم “القبعات الزرق” لتحقيق التنمية في القارة الإفرقية، على غرار “القبعات الزرق” لحفظ السلام للأمم المتحدة في العالم.
وبعد يومين من الأشغال على مستوى الجلسات العامة ولجان العمل الوظيفية المتخصصة، أعلن عن اختتام أشغال القمة البرلمانية الثالثة والدورة الثانية عشرة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، كما تم الإعلان عن البيان الختامي الذي دعا إلى مضاعفة التنسيق والتعاون الأورومتوسطي لمواجهة التطرف والإرهاب، والى بناء روابط قادرة على خلق تنمية مشتركة في مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة، مع اعتبار التغيرات المناخية و ضرورة الحفاظ على البيئة في فضاء البحر الأبيض المتوسط. مواجهة التطرف والإرهاب.
كما دعا أعضاء الجمعية الى دعم العمل المشترك ضد جماعات التطرف والإرهاب التي تصر على الاستمرار في حصد الأرواح وتخرب البنيات التحتية للاقتصاد وتدمر الرموز التاريخية للموروث الإنساني وللحضارة الإنسانية وتهدد الوحدة الترابية للدول”.
وشَدّدَ البَيـان الختامي على “ضرورة تضافر الجهود لمواجهة تزايد تهديدات الجماعات الإرهابية التي لا دين ولا وطن لها، مع الانخراط في المجهود الدولي الرامي إلى تعزيز الأمن والاستقرار في العالم والدفاع عن القيم الإنسانية الكونية، من أجل مساندة البلدان التي وقعت ضحية الأعمال الإرهابية الموجعة”.
وأكّـدَ البيانُ ضرورة الإسراع في “بناء استراتيجية شاملة تستجيب للبعدين الاجتماعي والتنموي، إضافة إلى مكونات تربوية ودينية، مبنية على نشر ثقافة التسامح والاعتدال، واعتماد شراكات لتحقيق تعاون شامل في المنطقة مع التأكيد على ضرورة تملك كل الأطراف “لإرادة قوية من أجل التعاون والتنسيق على المستويين الثنائي والإقليمي، وبلورة استراتيجيات وطنية بهدف تبديد الأوهام التي تروج لها ايديولوجيات التطرف، التي لا يجب ربطها بدين أو حضارة أو ثقافة معينة، وإعادة الاعتبار للقيم الدينية والروحية والثقافية إضافة إلى “تشجيع الحوار بين الثقافات والأديان من أجل استباق موجات التطرف، في إطار مقاربة تشاركية ووقائية ترتكز على انخراط المواطنين في الجهود التي تتخذها مؤسسات الدولة، من القضاء على عوامل التطرف وأسبابه وضرورات الحفاظ على الأمن والاستقرار”، في العالم قضايا الهجرة.
وتطرّقَ البَيــان الختــامي كذلك إلى قَضـايــا الهجـرة، حيث دَعــَا إلى “نهج سياسات شاملة ومنسجمة تروم تحسين تنقل الأشخاص داخل الفضاء الأورو- متوسطي، مع تبني سياسة أوروبية موحدة خاصة بالهجرة النظامية، ترتكز على سبل قانونية جديدة وتسمح بفتح المزيد من القنوات الإنسانية في البلدان الأورومتوسطية المعنية أكثر من غيرها بتدفق المهاجرين، في إطار القوانين التي تطبق في هذه البلدان”. البيئة والمناخ وبخصوص قضايا البيئة والمناخ، أكد البيان الختامي “ضرورة مواكبة البرلمانات والسلطات المحلية والفرقاء الاجتماعيين والمجتمع المدني لجهود الحكومات، من أجل الانكباب على مستقبل التغيرات المناخية في المنطقة المتوسطية وتطوير جميع أنواع إنتاج الطاقة من مصادر متجددة واعتماد كل التدابير الهادفة الى اقتصاد الطاقة “.
وفي هذا الصدد، أعرب اعضاء الجمعية عن قرارهم العمل معا من أجل “تحديد معالم مخطط عمل أورومتوسطي لمواجهة الاحتباس الحراري، انطلاقا من وعيهم التام بالموقع الجغرافي لحوض البحر الأبيض المتوسط، الذي يشكل منطقة من أكثر المناطق تأثرا بالتغيرات المناخية وأكثر معاناة من التلوث ومن حدة الضغط على بيئة طبيعية تعاني أصلا من ضغط الأنشطة البشرية”.
وأوصى البيان الختامي، بضرورة اعتبار التغيرات المناخية والمحافظة على البيئة، في المنطقة المتوسطية في إطار الروابط الثقافية المتوسطية، عبر إطلاق مسالك جامعية متخصصة، ومن خلال التدبير المحلي والجهوي، علاوة على مشاريع ملموسة لفائدة هذه الشعوب”. الاتحاد من أجل المتوسط.
وبخصوص الدور المحوري الذي يضطلع به الاتحاد من اجل المتوسط، دعا أعضاء الجمعية الى “تشجيع التعاون والاندماج الإقليميين في المنطقة المتوسطية “، معربين في الوقت ذاته عن ارتياحهم للتقدم الذي تم إحرازه من قبل الاتحاد في تنفيذ برنامجه الإقليمي وتعزيز الحوار السياسي وتيسير تنفيذ مجموعة من المشاريع ذات الأثر المباشر على الساكنة وكذا التفاعل مع كل الفاعلين في مجال التعاون الإقليمي”، وأبرزوا ، من جهة أخرى، ضرورة مضاعفة الدعم السياسي والمالي من طرف الحكومات الأورومتوسطية للاتحاد ولأمانته العامة، من أجل تعزيزدور الاتحاد والمساهمة بشكل أكبر في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية في المنطقة، مشيدين بمستوى التعاون الإقليمي مع جنوب المتوسط الذي عرف تقدما بفضل الاتحاد من أجل المتوسط، الذي بات يشكل منتدى للمشاورات السياسية والاقتصادية، يحظى بالتقدير الكبير من طرف كافة دول المنطقة.
وختم أعضاء الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط بيانهم الختامي بالدعوة إلى تشجيع ” قيام شراكة قوية مع تجمعات إقليمية أخرى مثل اتحاد المغرب العربي ومجموعة حوار 5+5 والجمعية الإقليمية والمحلية الأورو-متوسطية والجامعة العربية، والإتحاد الأوروبي دون إغفال الروابط الاستراتيجية مع البلدان الإفريقية وقبل الأعلان عن نهاية أشغال هذه الدورة، تسلمت إيطاليا في شخص رئيسة مجلس النواب في هذا البلد، السيدة لاورا بولدريني، الرئاسة الدورية للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، خلقا لرئيس مجلس النواب المغربي، رشيد الطالبي العلمي كما تم التوافق حول أعضاء مكتب الجمعية والمكتب الموسع الذي يشمل تمثيليات أعضاء الجمعية. وفي كلمة بمناسبة تسلمها رئاسة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط نوهت لاورا بولدريني، ، بالنجاح الكبير الذي حققته الدورة التي استضافتها مدينة طنجة على مدى يومين، الأمر الذي أتاح الفرصة لتطوير النقاش حول مختلف قضايا البحر الأبيض المتوسط والتحديات التي تواجه المنطقة، مشيدة بالجهود التي بذلها المغرب لتنظيم هذه الدورة. وأكدت رئيسة الجمعية البرلمانية، في هذا السياق، ضرورة إطلاق مخطط استراتيجي كبير من أجل المتوسط ومن أجل أفريقيا، ووضع سياسة فعالة ومتبصرة بدعم من أوروبا والعالم، مضيفة أن الجمعية البرلمانية ستولي اهتماما خاصا لمعالجة العديد من القضايا البالغة الاهمية، بما في ذلك قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب والاستقرار وخلق فرص العمل للشباب، والسياحة المستدامة والنجاعة الطاقية، وتكريس وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين. وكان السيد رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، قد ألقى كلمة خلال افتتاح هذا اللقاء الإفريقي المتوسطي الهام، أكد فيها الانخراط الفعلي للبرلمان المغربي في إطار البرلمانات الإفريقية والأورومتوسطية، اعتبارا لأنه يشكل مكسبا للعمل البرلماني المشترك وآلية من آليات التعاون وترجمة للإرادة المشتركة في دعم الحوار الأورومتوسطي وتقوية الجهود المشتركة لدعم السلم والأمن والاستقرار عبر المزيد من التعاون، والعمل من أجل تعميق شروط الحرية والديمقراطية في المنطقة.
أما رئيس غرفة المستشارين، حكيم بنشماش، فقد أكد أهمية هذا اللقاء بالنسبة لترسيخ الفكر الجماعي في أفق ” المستقبل المشترك للفضاء الأورو متوسطي” ، الهادف إلى بناء أرضية متوسطية لتحقيق السلم والأمن والتنمية المستدامة، مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات المناخية وضرورة حماية البيئة في الفضاء المتوسطي .
حكيم بنشماش أبرزمن جهة أخرى أن البرلمانيين، بصفة عامة، يواجهون اشكاليات ثلاث على ثلاثة مستويات، “ترتبط خاصة بالتعدد الثقافي المتوسطي والسلم والأمن والتنمية المستدامة، والتحولات المناخية وحماية البيئة، وبالتنمية الحضرية المستدامة والمناخ والبيئة والتعليم العالي والبحث والشؤون المدنية والاجتماعية بأهداف التنمية المستدامة في أفق 2030 وفي كلمتها بالمناسبة، أبرزت امبركة بوعيدة الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، دور البرلمانات في تحقيق التعاون بين الدول الأعضاء، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بهدف مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة، وتحقيق السلام والأمن والرخاء لبلدان وشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط.
من جهته، اعتبر رئيس مجلس الشيوخ الايطالي بيترو غراسو أن المنطقة الأورومتوسطية تتوفر على مقومات جغرافية وتاريخية وسياسية أكيدة، تساعدها على مواجهة كل أنواع التحديات وأنه لن يكون بالمستطاع مواجهة الفوضى والصراعات والمواجهات وحالة عدم الاستقرار التي تعيش على إيقاعها العديد من دول العالم إلا بالوحدة والعمل المشترك والتعاون والالتزام الجماعي والمساهمة الجادة في إيجاد الحلول المشتركة.
وبدوره، قال الرئيس السابق للاتحاد البرلماني الدولي وللجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط عبد الواحد الراضي إن المنطقة المتوسطية، مهد القيم الحضارية والفكرية والإنسانية، مدعوة اليوم إلى تعزيز دور المؤسسات البرلمانية من أجل تقوية الحوار والتفاهم بين الدول، كما أن التعاون بين الشمال والجنوب مسؤولية كل الدول اعتبارا لكونها السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار المنشود ومواجهة منطق الصراعات الذي يزيد من تعقيد الواقع الراهن.
وتميزت أشغال اليوم الثاني والأخير لهذا اللقاء بتقديم عرض حول مؤتمر حوض البحر الأبيض المتوسط ومؤتمر المناخ ميد كوب 22، قبل عرض توصيات لجان الجمعية البرلمانية للمناقشة والمصادقة، وتسليم رئاسة الاتحاد من أجل المتوسط التداولية.
القمّة البَرلمانية التي احتَضنتها طنجة يومي السبت والأحد المـاضيين التي تعتبر منصة أوروـ متوسطية
لتبادل الآراء وإنتاج القرارات الصائبة وإبداع الحلول
وكان مكتب الجمعية البرلمانبة للإتحاد من أجل المتوسط ، قد اجتمع بالرباط، منتصف فبراير الماضي حيث أشاد في البيان الختامي بالاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي اعتمدها المغرب ونوه بمشاريع المغرب في مجال الطاقة النظيفة وبجهوده في ما يخص الرهانات الأمنية ومكافحة الارهاب في منطقة المغرب الكبير والساحل الهادفة إلى وقف العنف في حوض البحر الأبيض المتوسط و أشاد أيضا بالمقاربة المندمجة والمنسجمة التي يعتمدها المغرب للوقاية من التهديدات الإرهابية عبر تعزيز التدبير الأمني ومكافحة الفقر والتهميش والفوارق الاجتماعية وتكريس قيم التسامح الديني. من جهة أخرى اتفق المشاركون على أن الرهان بالنسبة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط يتمثل في تعزيز العلاقات البرلمانية ودعم البناء الأورو ـ المتوسطي من أجل إعطاء دفعة جديدة ومستدامة للاتحاد من أجل المتوسط .
يذكر أن الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط تأسست سنة 2004 باسم “الجمعية البرلمانية الأورو – متوسطية” قبل أن يتم تغيير اسمها سنة 2010. و تمثل الجمعية إطارا للتعاون متعدد الأطراف بين البرلمانيين المنتخبين من الاتحاد الأوروبي وبرلمانيي جنوب حوض المتوسط. وتجتمع الجمعية على الأقل مرة واحدة في السنة وتضم 280 عضوا بالتساوي بين ضفتي حوض الأبيض المتوسط. ويتكون مكتب الجمعية الذي سيتولى المسؤولية لغاية سنة 2020 من ممثلي برلمانات كل من مصر وتركيا والبرلمان الأوروبي، إضافة إلى رؤساء خمس لجان وظيفية ونوابهم.
تصوير : حمودة