على رؤوس الرِّماح .
جريدة الشمال – عبد المجيد الإدريسي ( أمريكا وإيران )
الثلاثـاء 05 شتنبر 2017 – 12:01:37
و إذا بها تتعامل على خطيْن من موضوع الاتفاق النووي و التنافس بين روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية ، مع سلوك إيران و عدم انصياعها لهذه الأخيرة . هم يؤيدون الاتفاق النووي لكن ضدَّ تطوير الصواريخ الإيرانية . المفارقة أنهم على نفس الجانب ضدّ ” داعش “. بتزكية من الكونجريس الأمريكي الجديد إذ يُلزم الحكومة مراجعة الالتزام للاتفاق النووي ! فأصبحت أمريكا غير ملزمة بالاتفاق النووي خروجا عن الإجماع الدولي . العداء المباشر بين أمريكا و إيران أضحى خطاباً سياسياً . نتيجة انتهاكات إيران لحقوق الإنسان جاء هذا العداء على شكل فرس ” طروادة ” بين سبارْطا و أثينا . و هي أمريكا التي تزعم أنَّ إيران لم تحترم روح الاتفاقية و ليس نصها ، فأمست أمريكا هي أيضا غير ملزمة لا بروح الاتفاقية و لا بنصها ! لأنَّ الاتفاق يشمل الصواريخ “البليستيكية ” . استعداء إيران أصبح صفقة مُرْبحة لابتزاز الدول العربية، رغم صفقاتها مع شركة ” بويينغ ” . استراتيجية الإدارة الأمريكية ، إنْ هي إلا سياسة لمنْ يذِِرُّ عليها ربحاً ! وهي تتغنى على الأوتار و الخلافات الطائفية ، شكلها شكل إيران التي لا تحترم بعض الحكومات العربية . شاءتْ الانقسامات العربية أن تسمح لإيران و تمكنها من وضع موْطىء قدم للشيعة في العراق و حزب الله في لبنان وسوريا . لمّا كان الشاه صديقا لإسرائيل لم يكن لدول الخليج مشكل من أيِّ نوع مع إيران إلا بعد ما نجحت الثورة الشعبية الإيرانية بزعامة الخُميْني . ثمَّ أصبحت بلاد فارس عضداً للقضية الفلسطينية . فما فتئتْ أنْ تتحوَّل بعض دول الخليج عدوَّة لإيران خوفاَ من تصدير ثورتها الشيعية إلى منطقة الخليج . فسقطتْ بعض الدول العربية في أحضان إسرائيل المدَللة الأمريكية ! ؟…
الإدارة الأمريكية الجديدة تؤكد معاداة إيران و بذلك تكون قد نحتْ استراتيجية إسرائيلية ، من أجل اختلاق أزمة بين العرب وإيران ! ذاهبة إلى الأنظمة العربية ” المغلقة” من الدول ” العميقة ” التي تكمم الأفواه و تزِجُّ بالكلمة الحرَّة وراء الشمس . هذه منهجية الدول الغربية لاستنزاف خيرات دول العالم المتخلف ، و قد أسست لهذه الأخيرة أنظمة شمولية سلطوية . و لغزل الخيط في المخيط ، استنبطتْ نسيجاً أضفتْ عليه صفة ” لوكو- الإرهاب ” مضافا إليها بدْءاً بإيران ثمَّ قطر ، بعد تعميمه على الدول الإسلامية ! انطلتْ “الشيطنة” على بعض دول الخليج و مصر باسم أزمة الخليج فأقدَمتْ على حصار قطر دون سابق إنذار . اتهمتْ قطر بخطاب الكراهية و العنف التي تتحدث به قناة الجزيرة ، بتأييدها للإخوان المسلمين ،و احتضانها لبعض علماء الإسلام. ما شكل مادة دسمة لثنيِ الأنظار عن إرهاب إسرائيل ، و تحويلها إلى خطر الشيعة الفارسية ” البُعْبُع ” على بلاد الخليج السُنية . عوَض العدوّ الصهيوني الحقيقي للعالم العربي النصراني و الإسلامي . صهينتْ الإدارة الأمريكية الحالية عملية ابتزاز ، اصطادتْ من ” رباها ” صفقات من دولة خليجية ، مبلغ 14 مليار $ . أما ملايين الدولارات فحدِّتْ و لا حرج . بدأ الحراك للوصول إلى مفاوضات خليجية، مصرية بين الوسيط – أمير الكويت- الصباح – ،لإيجاد عوامل مشتركة تلملمُ صلة الرحِم بين ” الإخوة – الكرامازوف “.
بدعم من تركيا للكويت و تثمين الموقف القطري الذي لا يتعارض مع القانون الدولي . الشروط الجائرة التي فرضتها دول الحصار على قطر ، قد يستحيل عليها تنفيذ إملاءات مصرية- خليجية ، و هي مطالب ذات سيادة . فقط لأنها تأوي بعض مشايخ و علماء الإسلام الذين يجهرون بكلمة حق عند سلطان جائر .
و قد ارتقى المنهج السمعي البصري و ضمن استقلاله و حريته ، وهم يطالبون بإقفاله . و لما لا يطالبون بإقفال ” س.ن.ن” و ” ب.ب.س” و “فرانس 24 ” و ” ت.ف.5 ” و جميع القنوات الحرَّة المستقلة !؟…بات معلوما أنَّ وزراء خارجية دول الحصار ما زالوا يكرِّرون وصف قطر بدعم ” الإرهاب ” ! و زعزعة الأمن ،وهي التي كانت على رأس الفتن، أي بتزكية الربيع العربي! و الوقوف بجانب القضية الفلسطينية و مقاومة حماس بقطاع غزة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي . و لم تعد تذكر دول الحصار إرهاب إسرائيل ، حتى إنَّ بعضاً منهم فتح مجاله للإسرائيليين . و هذا ما خططتْ له غرفة العمليات ..جاء على لسان طرفة بن العبد في القرن السادس الميلادي ، نظم في ظلم ذوي القربى :
و ظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضةًًً ~ على المرْء من وقع الحُسام المُهنَّد . بينما غرفة العمليات ، اتخذتْ من العالم العربي ” كوباي ” لمختبر أسلحتها الفتاكة من طائرات أباشي إلى الفنطوم و الميك(بثلاثة نقط فوق الكاف ) ، و الميراج و الجاكوار(ثلاثة نقط فوق الكاف ) ثمَّ الصواريخ التي تزن سبعة أطنان ( هذه الأخيرة ” رحبتْ ” بها الأراضي الأفغانية ) ، و الراجمات المنبعثة من الأسطول البحري ، التي فاقت قنابل “هيروشيما و نكازاكي “. جرَّاء القتل و التقتيل الدائر في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا ، و الرجوع إلى نقطة الصفر . و دعوة الشعب إلى تقرير المصير تحت ” رحمة ” المدافع و قنابل طائرات ” حفتر ” ، مقابل شرعية ” السراج” ، تمخض عن ذلك اجتماعات أبو ظبي و القاهرة ثمّ الوساطة الفرنسية باجتماع باريس ، تولدَتْ عنه حزازات إيطالية . و العالم العربي لا يكاد يحصي موتاه تحت و فوق الأنقاض دون ملايين النازحين و المهاجرين ممَّن لم تتغذَ بهم حيتان البحار . توالت سبع اجتماعات بقسمات ضيزى بجنيف ، ، يزعم فيها النظام السوري ، قائلا : أهمّ شيء أنْ يكون هناك ” كراكيز” شريك وطني و ليس عميلاً لأجندات أجنبية ! وهو لا خيار له ( النظام ) إلا قبول المقاربة الروسية ! كل هذا ” الجينوسيد ” ضدّ الأمة العربية و الإسلامية يصبُّ في مصلحة إسرائيل . خلقت ملايين الجرحى و 6 ملايين لاجىء ، و ما زال الخطاب على لسان “النظام” إعلام ديماغوجي ، فلا يمكن أنْ يمثل حقيقة الوضع . فالشعوب العربية تدرك و تتطلع أنْ تعيش كريمة حرَّة في أوطانها بما فيها الشعب الفلسطيني وهو جزء لا يتجزأ من الأمة . بإقامة دولته و عاصمتها القدس الشريف . ثم عودة الفلسطينيين إلى أرضهم ، وهذه هي عين الحقيقة التي يجب أنْ يعلمها العالم .
تنفيذا لقرارات الأمم المتحدة و قرارات مجلس الأمن . جبلة الصهاينة يحنثون أيمانهم و لا تنفع معهم المواثيق و العهود ، وقد ينقضون كل هذه القرارات ، و لهم في العهد القديم ” الإصحاح من 10 إلى 15 تثنية ” ما معناه أنَّ كل ذلك الشعب ( العربي الفلسطيني ) ليكون لك ( لإسرائيل ) للتسخير و يُستعبدُ لك ، و إنْ كان في الحرب فاضرب جميع ذكورهم بالسيف . أما النساء و الأطفال و البهائم و كل ما في المدينة غنيمة لنفسك. أليستْ هذه إيديلوجية الإرهاب يتربى و ينشأ عليها أبناء الصهاينة ، و لا أحد يطالب باستئصالها من كنانيش العهد القديم !؟… القرار 3379 الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/11/1975م ، يحدِّدُ هذا القرار أنَّ الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية و التمييز العنصري ، و مطالبا القرار جميع دول العالم بمقاومة الإديلوجية الصهيونية التي تشكل خطراً على الأمن و السلم العالميين . ولما كان مؤتمر مدريد سنة 1991م ، جعلتْ إسرائيل من إلغاء القرار شرطاً لمشاركتها في المؤتمر . رضخت الأمم المتحدة لمطلب إسرائيل ، و ألغت القرار 3379 بموجب القرار 86/46 بتاريخ 16/12/1991م ، فكانت هذه هي الحيلة التي تمكنتْ بموجبها إلغاء صفة العنصرية و التمييز العنصري عن الصهيونية ، الذي تهدِّدُ الأمن و السلم في العالم . لم ير العالم أيَّاً من توصيات مدريد التي بقيت حبرا على ورق و رفضتْ إسرائيل تنفيذها جملة و تفصيلا .
فكان على الأمم المتحدة أنْ تعيد تفعيل القرار 3379 . على هذا النحو من الحيل و الخدع تخطط إسرائيل على المدى البعيد و في الوقت المناسب لها ، سوف تعمل على إلغاء و بمعية الصهيونية العالمية ، لكل قرارات الأمم المتحدة و قرارات مجلس الأمن ذات الصلة . و تراجعها عن كل المواثيق و المعاهدات الدولية و لذلك لن يبقى لفلسطين دُنُما من الأرض ، تلك هي استراتيجية الفكر الصهيوني … و يبقى العرب على رؤوس الرِّماح !
إنما الزبد الاستعماري لا بدَّ أنْ يذهب جفاءاً….