على هامش مهرجان مدينة الناظور للقصة القصيرة جدا
الخميس 14 أبريـل 2016 – 16:40:16
تـأخذني المستجدات، و هي تفرخ تطورات في المفاهيم، و في كيفية إخضاعها للتطبيق. منها ما كان ـ في زمن مضى ـ حلما جنينا، حتى على مستوى التصور، مبهم الهيئة. فقط دوره الكامن في قدرة فئة من الناس، أن تأخذ بيد فئة أخرى، هو ما كل ما كنا نستطيع التفكير به، لأن أساسه ـ بأساليب غير مؤطرةـ كان شبه متداول بين الناس. و بالمقابل كنا نرى كيف أن مصطلح ” نقابة”، يرسم الرفض في عيون جل الآباء. و الجمعيات من غير الكشفية ، تكاد تكون منعدمة. الدولة منشغلة ببناء مؤسساتها..و المثقفون نصفهم ما زالا منتشيا بالاستقلال، و نصفهم الآخر سقط في فخ إيديولوجية غريبة عن احتياجات الوطن الحقيقية، فتحللت طاقاتهم وراء القضبان.
في زمننا هذا، ذلك ” الحلم غير محدد المعالم” ، أصبح جمعيات و مؤسسات و نواد ، و هيئات ذات نفع عام ، و عشرات التسميات ، التي تدخل ضمن إطار ما يسمى رسميا ، بالمجتمع المدني، له مساطيره التي تؤطره ، و قوانينه الدستوية التي تشرعه ، ضمن المنظومة الدستورية.
وفي هذا السياق ، قدر لي أن أرافق عن كثب تجربة جمعية ، استجابت للدور الذي خوله لها الدستور، و للحلم الذي كان يتصوره المجتمع.
***
نظّمَت جمعية جسور، للبحث في الثقافة و الفنون ، أيام 17 و 18 و 19 من شهر مارس 2016، مهرجان الناظور للقصة القصيرة جدا،في نسخته الخامسة ، تحت شعار ” القصة القصيرة جدا من التجريب إلى التأصيل ـ دورة الأديب ميمون مسلك”.
تأتي هذه التظاهرة ، في تقارب زمني مع تاريخ 13 مارس ، الذي اقتضى التوجيه السامي لملك البلاد، محمد السادس، اعتماده يوما وطنيا لمنظمات المجتمع المدني.وهو قرار يهدف إلى تعميق و تجديد الوعي الجماعي، بأهمية الأدوار التي خولها دستور 2011، للمجتمع المدني، باعتباره شريكا أساسيا في مسيرة بناء الوطن.
القراءة في الكتيب الذي أعدته الجمعية ، و الذي ضمنته برامج الدورات السابقة ، ابتداء من الدورة الاولى، وصولا إلى الخامسة، تمدنا برؤية بانورامية ، عن مدى استيعاب القائمين على هذه الجمعية ، للمسؤولية التشاركية ، في شأن تطوير ممكنات و فرص، و شروط التنمية المستدامة. خدمة للمواطنين و المواطنات. و غيرها من التطلعات التي أتى بها الميثاق الوطني للديمقراطية التشاركية.
الصورة من اليمين السيد عامل اقليم الناظور، و هو يشرح لضيوفه المشاريع المستقبلية بمنطقة ” مارتشيكا” لشاطئ مدينة
الناظور ،و يبدو معه في الصورة الأديب جمعة شنب من الاردن،إلى جانبه د.أسامة البحيري من مصر.
كما أجمعت الكتيبات الثلاث ، التي أصدرتها الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان و المجتمع المدني و هي : ” أحكام الدستور” ، و ” الميثاق الوطني للديمقراطية التشاركية”، و” التوصيات”، على تحديد مساهمة الهيئات المدنية في تدبير الشأن العام ، بشكل يضمن وجود تفاعل و تكامل مع المؤسسات التمثيلية، و السلطات العمومية. و هذا أيضا ما لمسناه عن قرب، و نحن نتابع فعاليات مهرجان مدينة الناظور للقصة القصيرة جدا.
يوم 17 مارس 2016 ، افتتحت الدورة الخامسة للمهرجان، من قبل اللجنة المنظمة، المنضوية تحت لواء جمعية جسور للثقافة و الفن، بحضور ضيوفه المبدعين و النقاد و المثقفين ، و بدعم تمثيلي لكل من السلطة المحلية، في شخص باشا مدينة الناظور، السيد ادريس دكوج. و المجلس البلدي في شخص مندوبته الدكتورة أمينة الوليدي. هذا الحضوري النوعي ، سواء المحلي أو الوطني أو العربي { الجزائر ـ الاردن ـ مصر}،بل و حتى الاوروبي { اسبانيا}، يترجم جهود الجمعية، في خلق التظاهرة ، و كذا تطويرها من أجل جعلها إحدى رافعات التنمية البشرية بالمدينة ، من خلال ضخ المزيد من إشعاع المدينة ،اتجاه المجتمع الثقافي الدولي. هذه الجهود ما كانت لتؤتي أكلها ، دون ” وجود تفاعل و تكامل مع المؤسسات التمثيلية و السلطات العمومية” كما أسلفت الإشارة، و كما هو منصوص عليه في ” الميثاق الوطني للديمقراطية التشاركية”.
يؤكد هذا و يزكيه ، مبادرة عامل صاحب الجلالة ، على إقليم الناظور، السيد مصطفى العطار، الذي أقام حفلة شاي على شرف ضيوف المهرجان، من الدول العربية الشقيقة : الدكتور أسامة البحيري، وفاطمة وهيدي من مصر. الدكتور جمعة شنب و الدكتورة أروى محمد ربيع، و الدكتورة جودي فارس البطاينة من الاردن. الاديب عبد الله المطمي من السعودية.الدكتورة حكيمة بوقرومة من الجزائر. بالإضافة إلى مشاركين من مدن أخرى من داخل المغرب، حيث حضر هذا اللقاء من تطوان الدكتور يوسف الفهري، و الدكتورة سعاد الناصر، و الناشر عبد الهادي بنيسف ، و الباحثة الزهرة حمودان.
رافق الضيوف رئيس جمعية جسور للفن و الثقافة، الدكتور جميل الحمداوي ، و مدير المهرجان الدكتور جمال الدين الخضري.
بعد تقديم أسماء الضيوف، للسيد العامل، قدم لهم الترحيب، معرفا بمدينة الناظور، و مؤهلاتها الطبيعية، ومشاريعها المستقبلية، التي تبشر بالنماء و الازدهار، منها مشروع ” مارتشيكا” ، على ضفاف شاطئ الناظور المتوسطي. كما أشاد بالجمعية و جهودها في نشر الثقافة و الوعي، بين ساكنة المدينة. مما يساهم في التنمية البشرية بالمنطقة. مشيرا في نفس الوقت إلى فتح أبواب التوصل مع الدول الشقيقة و الصديقة، بعد أن أصبحت مدينة الناظور عاصمة دولية للقصة القصيرة جدا. واعدا الجمعية على التشارك و الدعم في الدورة القادمة للمهرجان، ملحا على ضرورة بدء الاستعدادات في وقت مبكر، حتى تأتي النتائج، على مستوى آفاق انتظارالجميع.
صورة تكريم السيد عبد الهادي بنيسف على جهوده المشكورة، في نشر و توزيع الكتاب ،
و دوره في دعم حضور الكتاب كنشاط مواز لفعاليات مهرجان الناظور للقصة القصيرة جدا،
من قبل اللجنة التحضيرية للمهرجان، أعضاء جمعية ” جسور للثقافة و الفنون” ، و شركائها ،
و تمثلهم في تقديم درع التكريم السيدة مندوبة المجلس البلدي، الدكتورة أمينة الوليد
إن هذا التشارك بين الفاعلين المدنيين، و التزاماتهم بتفعيل ما يخوله لهم الميثاق الوطني للديمقراطية التشاركية ، بموازاة مع الفاعلين العموميين، بمدينة الناظور، يعتبر مؤشرا هاما على مدى فعاليته، في تدبير الشأن العام الاجتماعي،و قد يساهم إلى حد كبير، في إقلاع اقتصادي، تكون الثقافة رافعته. و قد تكون السياحة إحدى روافده.
كما أن نشر ثقافة أدوار المجتمع المدني ، على ضوء ما جاء في دستور 2011، و مخرجات الحوار الوطني حول المجتمع المدني و الأدوار الدستورية الجديدة، أصبحت ضرورة و حاجة ملحة، من أجل تأهيل المجتمع لاقتسام المسؤولية مع الدولة وأصحاب القرار، و نسج علاقة تشاركية، تكون رافعة للتنمية البشرية ببلادنا
جريدة الشمال