عن رحيل الفنان التشكيلي الإسباني مانويل ذي غراسيا صديق شفشاون
جريدة الشمال – عبدالحي مفتاح ( الفن التشكيلي ورحيله احد رُواده )
الأربعاء 22 نوفمبر 2017 – 16:43:35
الفنان محمد حقون يتذكر بتأثر ذكريات صداقته مع هذا الفنان الإسباني الذي جمعهما حب مشترك لمدينة شفشاون بعد عودته من مدينة ليون الفرنسية والتي عرض بها الفنان مانويل ذي غراسيا سنة 1982، وقد كان لقاؤه الأول به سنة 1986بمدينة بشفشاون، ويحكي الفنان محمد حقون أن الفنان مانويل ذي غراسيا حدثه صديق له كان صديقا أيضا لبيرتوشي عن مدينة شفشاون وسحرها وكان ينوي زيارتها لكن دون أن يحدد تاريخا لذلك، إلا أنه حينما هم بزيارة الصحراء المغربية(قبل ذلك كانت مستعمرة إسبانية) ليقف على أثر أحد المعالم التي كانت موضوعا للوحة تشكيلية متميزة لأحد الأساتذة الذين تأثر بهم، ارتأى عند دخوله من مدينة سبتة إلى المغرب أن يمر من شفشاون لرؤيتها قبل الذهاب إلى الصحراء، وحينما دخل شفشاون سحرته وتخلى عن سفره الموعود إلى الصحراء، حيث مكث بها قدرا من الزمن يرسم ما أدهشه من مناظرها التي خلدها في لوحاته.
الفنان محمد حقون يروي أن الفنان مانويل ذي غراسيا قال له إنه وجد في شفشاون صيدا ثمينا وهو الفنان العاشق للضوء والألوان والمجبول على الرسم المباشر لمناظره، و الفنان عند الراحل مانويل إذا وجد الصيد الذي يريده فقد يثنيه عن الأشياء الأخرى وعن العالم بأسره وينسيه حتى نفسه.
هذه الصداقة بين الفنان مانويل ذي غراسيا والفنان محمد حقون لم تكن صداقة عابرة، لذلك كان رصيدها التقدير الفني والإنساني العميق الذي يتجاوز حدود ما هو متعارف عليه، وقد أثمرت هذه الصداقة تكريما للفنان مانويل ذي غراسيا سنة 1998 إلى جانب شاعر المدينة عبدالكريم الطبال من طرف جمعية ريف الأندلس بمناسبة المعرض التشكيلي والفوتوغرافي السنوي الذي كانت تنظمه كل سنة بحي العنصر بالمدينة القديمة، وهذه الجمعية كان الفنان محمد حقون من وراء تأسيسها إلى جانب عدة فعاليات أخرى وترأس مكتبها لسنوات عديدة ولايزال رئيسها الشرفي لحد الآن.
الفنان مانويل ذي غراسيا الذي ولد في مورا ( من قرى توليدو) في صيف سنة 1937 في بدايات الحرب الأهلية بإسبانيا يعتبر من الفنانين الإسبان الذين تأثروا بالمدرسة الإنطباعية الفرنسية، والذين صالوا وجالوا عبر العالم باحثين عن ما يشبع نهمهم إلى التخليد الجمالي لما يكون مصدر إلهام لعلاقة ريشتهم الروحية بالواقع الطبيعي والعمراني والزمن المنفلت.
والفنان الراحل مانويل ذي غراسيا خلف أعمالا كثيرة (بألوان زيتية خاصة) خلال حياته الفنية التي كانت بمثابة رحلة بحث تشكيلي حثيث عن اللوحة التي يأملها، وقد كانت مدينتي مدريد وبلباو إلى جانب مدينة شفشاون من أهم المدن التي افتتن بها إلى أن حط به الرحال في آخر حياته بمنطقة ساحرة هي: لافيرا بإكسترمادورا الذي كان له عند مقامه بها منزلا هيأه بذوقه ووفق حلمه وحساسيته خصص ركنا منه لأعماله التي رسمها بشفشاون.
وللإشارة فالراحل كان عضوا بالاكاديمية الملكية للفنون الجميلة والعلوم التاريخية بتوليدو، وعرضت أعماله في معارض فردية وجماعية بالمدن الإسبانية وبأوروبا وامريكا وغيرهما، وكانت بداياته الفنية منذ ستينات القرن الماضي، وقد عرف مساره الفني عنفوانه منذ السبعينات وتطور بشكل حثيث منذ ذلك الحين حتى رحيله، و قد اختار الفنان الراحل منذ سنوات أن يعرض بشكل دائم ومتواصل أعماله برواق أنسورينا بمدريد.
ويذكر أن الفنان مانويل ذي غراسيا لم يترك إرثا غنيا من الأعمال الفنية الخالدة فقط بل ترك خلفا له هي ابنته الفنانة أنوسكا التي تشق طريقها بإصرار في المشهد التشكيلي الإسباني كذلك… !!!