حديقة النباتات بمواصفات عالمية
الخميس 09 فبراير 2017 – 11:36:56
الويستيتي Ouistiti قـردٌ أمـازوني قَـزم لا يرتفع عن الأرض إلى برُبــع قــدم ولا يتعدى وزنه 150 غراما، ظهر مؤخرا بجوار غابة “دونابو” حيث يستقر، بعد أن تحايَلَ على صاحب مسكن، بمكره و”تحرامياته” المعهــودة، أيام كان يتلهى بأخبار الشمال، ليجعل منها ورقة ضغط وابتزاز من أجل تحقيق مآرب دنيئة لأن الدناءة جزء من طبعه ولؤمه ومكره.
وبعد أن خاض مغامرات فاشلة في إشعال الفتن حيث ما حل وارتحل، وحيث افتضح أمره وتفشى سره وساء ذكره، ها هو يعود إلى الغابة، يتبعه نحسه، ليشعل النار من حوله ، مستعملا بعض المواقع وبعض آليات المجتمع المدني من أجل “إنجاح” مخطط ماكر، يرمي إلى “افشال” مشروع ناجح، سوف يضفي على مدينة طنجة جمالا فوق جمالها، ويهبها معلمة حضارية تضاف إلى معالمها الكثيرة.
المُؤسف أن الحيلة انطلت على بعض المواقع لتنطلق جوقة “المشاغبين”، لجهلهم وغرورهم، وسذاجتهم ، في حركة “تدميرية” وراء “الويستيتي” العبيط.
وبموازاة مع تحركات هذا “الفينومين” العجيب، كثر الحديث عن “تدمير” غابة “دونابو” وعن اجتثاث عشرات الأشجار “المُعَمّرة”، وعن إتلاف الغطاء الغابوي وتهديد التوازن الإيكولوجي وعن “زحف إسمنتي”وشيك !….. ولو تحملت جوقة المشاغبين “عناء” الاستخبار عما يجري داخل غـابـــة “دونابو” وعن طبيعة المشروع الذي يوجد في طور الإنجــاز، في ذلك الفضاء الساحر، لعَضُّوا على أصابعهم أسفا وحسرة ونَدَمــًا، إن كانوا، أصلا، أهل همّة ومروءة وعفة ! ماذا يجري في غابة “دونابو” وما طبيعة المشروع الذي ينجز في ذلك الفضاء الغابوي الأخاذ ؟ ببساطة، مشروع إنشاء “حديقة نباتات Un jardin Botanique بمواصفات عالمية سوف يمنح طنجة وزوارها حديقة غناء ومنتزها رائعا في فضاء غابوي منتظم ومصنف، ومحترم للبيئة والطبيعة.
المشروع الذي اطّلَعْنـَــا عليه بتفاصيله الـدقيقـــة، وكان في إمكان “جوقة المشاغبين”، إعلاميين و”مرصديين” و”حقوقيين” أن يحصلوا على كافة البيانات بشأنه ، انطلق من دراسة الحالة الراهنة لغابة “دونابو”، وإنجاز عملية تقييم من أجل تحديد الأشجار الميتة وهي عديدة وتعتبر مهددة لباقي النباتات التي تحجب عنها نور الشمس والضياء وتمنع من الوصول إلى باقي الأشجار الحية، ثم القيام بعمليات التشذيب وقلع النباتات الضارة، وإنجاز البنيات التحتية وإيصال الماء والكهرباء والتليفون إلى الحديقة، بيد أن الغاية هي التمكن من إنتاج طاقة خاصة عبر نصب لوحات شمسية بالحديقة. وإحداث حوض لتجميع مياه الأمطار من أجل عمليات سقي النباتات الموجودة والمغروسة مجددا.
إلى جانب ذلك، القيام بفتح ممرات للزائرين داخل الحديقة باستعمال مواد طبيعية من خشب وأحجار مع احترام الوسط والبيئة. ثم إحاطة الحديقة بسياج يتسلقه نبات معرش يضفي عليه لون الخضرة بصفة دائمة. أما عملية التشجير فتشمل النباتات المحلية الموجودة في محيط رأس سبارطيل وكذلك أنواعا من الخضر والفواكه وأنواعا متعددة ومختلفة من النباتات الطبية . كما يتضمن برنامج التشجير النباتات المنتجة للأزهار والورود المحلية والمستوردة التي يمكنها أن تتأقلم مع البيئة الغابوية للحديقة، وأيضا نباتات الفطر التي تزخر بها غابات المغرب، والتي يمكن أن يتم التعريف بها في حديقة طنجة .
إلى جانب مخطط التشجير سوف يتم تجهيز الحديقة بمراحيض متحركة وبغرف خشبية من أجل حفظ وصيانة أدوات العمل، وتوفير أماكن لاستراحة الزوار. وقد أعد خبراء حدائق النباتات في الفضاء الغابوي لائحة واسعة من النباتات الطبية وأشجار الفواكه والخضر ونباتات الزهور والورود بما يفوق 75 نوعا، منها الأقاقيا و أخيليا والقطيفة والزعرور والبغونية والخشخاش والخبيزة والياقوتية والخزامة والليلج والزنبق ، والعينبية الحمراء وتوت العليق والفراولة والكشمشة البيضاء والحمراء والصفراء وثمرة الكيوي الاستوائية والبليان والتوت وغيرها كثير.
ويوجد أيضا 69 نوعا من النعناع Mentha متقاربة الأجناس تم وضع لائحة تتضمن 15 نوعا، منها النعناع المائي والنعناع البري ونعناع الحقل ونعناع كورسيكا والنعناع الأخضر والنعناع الدوار والنعناع الكثيف وغيرها. أما لائحة النباتات الطبية فإنها تشمل 164 نوعا بالإضافة إلى 9 أنواع من الطماطم. إن هذا المشروع يحظى بدعم مجموعة من المنظمات العالمية المعترف بها دوليا، والمتخصصة في إنشاء حدائق النباتات والمحافظة على أنواع النباتات المحلية وحمايتها.
ولنتصور هذه الحديقة وقد اكتمل تجهيزها ونما غرسها واخضوضرت كل جوانبها وقصدها آلاف الزوار من محبي الطبيعة وآلاف التلاميذ والطلبة للتعرف على نباتات الحديقة، أسمائها وخصائصها ومواقعها الأصلية وتأقلمها مع طبيعة الفضاء الغابوي لحديقة “دونابو” ، وقضوا أوقاتا جميلة في مدرسة الأشجار والنباتات المنتجة للزهور والورود والنباتات الطبية والعطرية. أليس في هذا كله ما يدعو للفخر بهذه المنشأة الجديدة التي سوف تضيف مأثرة حضارية جديدة لمآثر “طنجة الكبرى” التي لا يمكن أن تكون إلا مزدهرة ونامية ومتطورة بفضل الغيورين على هذه المدينة من أصحاب الافكار النيرة والمبادرات الصالحة والمشاريع التنموية النافعة.
{فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض} [ سورة الرعد: 17]