فلسفة التطور وأثرها في قضايا المرأة
جريدة الشمال – بقلم: محمد الشعري (نظرية التطور و المراة المسلمة )
الجمعة 12 ينــاير 2018 – 11:45:54
• تُعد نَظَـريـة التطـــور الداروينيـة من أخطر الفلسفات التي سادت الفكر العربي خلال القرن التاسع عشر الميلادي، وتبرز خطورة هذه النظرية من خلال محاولة عدد من علماء مقارنة الأديان سحب وتطبيق هذه الفلسفة في مجال الدين، فأصبح الدين في فكر هؤلاء خاضعا للتطور، شأنه في ذلك شأن مختلف الكائنات التي تطورت من الأدنى إلى الأعلى. لقد ساق التأثر بنظرية التطور في الفكر الغربي، إلى ظهور اتجاه يرى أن الأحكام الشرعية الثابتة بالوحي ـ على وجه العموم ـ ما هي إلا أحكام ذات قيمة تاريخية نسبية خاضعة للتطور والتغير المستمر.
هذا يمثل الاتجاه في اليهودية “الحركة الإصلاحية أو التنويرية” التي نشأت في ألمانيا عام 1845م، وأصدرت فلسفتها الأولى القائمة على اعتبار أن اليهودية ديانة تطورية بشكل دائم، موافق لمتطلبات الزمان والمكان، واحتياجات العصر وتغيراته.
وسارت “الحركة الإصلاحية البروتستانتية” في النصرانية على نهج مقارب، إذ تبنت تأويلات جديدة لنصوص الإنجيل تساير مفهومات فلسفة التطور ودلالتها، فأنكرت أن يكون الإنجيل وحيا إلاهيا، وركزت على تاريخية نصوصه، واستعاضت عن الأحكام الثابتة بتلك النصوص بالتركيز على السلوك الأخلاقي كأساس للحياة النصرانية.
لقد نجم عن تطبيق نظرية التطور في الفكر الغربي (في علم مقارنة الأديان على وجه الخصوص) كذلك، نظريات “الإسقاط” عند “أوجست كونت” وغيره ممن ذهب إلى أن الدين والفلسفة قد مرا بمراحل بائدة منقرضة، وأن ليس ثمة تفسير للوجود العام والخاص إلا العلم المادي الوضعي، فالدين عند الوضعيين إسقاطات وتراكمات تاريخية.
ولم يفرق هؤلاء بين الدين من حيث كونه تشريعا ثابتا بنصوص القرآن، وهكذا انتقل الدين في الوعي الغربي من مصدر للمعرفة والحقيقة إلى تراكم تاريخيا صدى لزمان واقع ينبغي تجاوزه. وانعكست تلك الفلسفة على قضية المرأة في الفكر الغربي، عندما دعت لها “الحركة الإصلاحية” في اليهودية.
لقد وصلت رياح تلك الفلسفة إلى عدد من دعاة المساواة في المجتمعات المسلمة، فالدين بمختلف أحكامه المتعلقة بالمرأة على وجه الخصوص قابل للتطور والتدرج وفق متطلبات الحياة الاجتماعية، حيث إن تلك التغيرات كافية لإحداث مثل هذا التطور في الدين وأحكامه التشريعية. وبناء عليه ذهب عدد من أصحاب هذا الاتجاه إلى المطالبة بمساواة المرأة للرجل في جميع الحقوق، والقول بأن التشريعات الثابتة بنصوص القرآن الكريم أو السنة الصحيحة بما حوته من مبادئ قانونية وأحكام تشريعية كانت عندهم واردة ضمن سياق ثقافي واجتماعي واقتصادي محدد، أما وقد تغير السياق وتبدلت تلك الظروف الاجتماعية والثقافية وتطورت، فهذه الأحكام المتعلقة بالمرأة نزلت في مجتمع لم يكن يعطي للمرأة أي حق من الحقوق، وقد تغير هذا المجتمع.
لقد وصلت رياح تلك الفلسفة إلى عدد من دعاة المساواة في المجتمعات المسلمة، فالدين بمختلف أحكامه المتعلقة بالمرأة على وجه الخصوص قابل للتطور والتدرج وفق متطلبات الحياة الاجتماعية، حيث إن تلك التغيرات كافية لإحداث مثل هذا التطور في الدين وأحكامه التشريعية. وبناء عليه ذهب عدد من أصحاب هذا الاتجاه إلى المطالبة بمساواة المرأة للرجل في جميع الحقوق، والقول بأن التشريعات الثابتة بنصوص القرآن أو السنة النبوية، لا ينبغي أن تفهم إلا ضمن إطارها التاريخي، ومن خلال الأعراف القبلية السائدة حين نزولها.