فعاليات المجتمع المدني تؤكد أن لاتنمية بدون العناية الكاملة بالعنصر البشري وتدق ناقوس الخطر تجاه ظاهرة انتشار المخدرات القوية
جريدة الشمال – عبد الحي مفتاح ( برنامج تنمية إقليم شفشاون )
ما السر في ذلك؟. لقد أعطى مفكرونا منذ ما يسمى بعصر النهضة تفسيرات متعددة لهذا الإشكال ولم يتمكنوا من الاتفاق على سبب أو عامل واحد لتأخرنا، و حاول مفكرو ما بعد النهضة القيام بمحاولات تركيبية من خلال دراسات نقدية لعصر النهضة واجتهادات مفكريه، بل إن بعضهم ذهب نحو جذور العقل العربي وفكره… متلمسا عبر الحفر التاريخي والمعرفي العثور على عناصر لمقاربة إشكال التأخر أو التخلف والتقدم في أفق تمهيد الطريق أمام بلورة مخارج ممكنة له، ومع ذلك ما زال هذا الإشكال يرخي بكلكله على عقولنا لحد الآن؟ !.
وفي اعتقادي أن هذا الإشكال يوخز بتواتر كل ذي عقل سليم وحس وهم وطني هنا يحتك مباشرة ب”حضارة” الغرب أو فقط يعرف عنها من خلال و سائل الإعلام بمختلف أنواعها.

أسوق هذا السؤال/الإشكال في سياق الحديث عن إشكال آخر لايقل أهمية وقد يكون متفرعا عنه وهو سؤال التنمية وما يرتبط بها من عوائق ومقاربات، وقد كان اللقاء التشاوري الذي عقده رئيس المجلس الإقليمي مع عيات وفعاليات المجتمع المدني في إطار إعداد برنامج تنمية الإقليم يوم الجمعة 29 شتنبر 2017 بمقر المجلس، مناسبة طرح فيها هذا الإشكال وأثيرت عناصره بإلحاح، حيث انصب نقاش ممثلي الجمعيات في هذا اللقاء -بعد استعراض تشخيص الحاجيات “التنموية” لإقليم شفشاون الذي قامت به مصالح عمالة إقليم شفشاون سنة 2014 والتي في حددت في 4091 مشروع بغلاف مالي يناهز 16 مليار درهم- على العوائق سواء كانت مادية-تقنية أوتنظيمية أوسلوكية أو ثقافية مترتبطة بالوعي الجمعي والقيم، وعلى المقاربات سواء كانت اجتماعية أوبيئية أو سياسية أو اقتصادية.
والأمر الأساسي الذي حظي بنقاش فيه تباين واختلاف للرؤى هو هل يكفي تحقيق إنجازات على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات وحده ليكون أساسا للوصول إلى التنمية أم أن التنمية لابد أن تكون لها أسس اجتماعية، ثقافية تربوية وقيمية، إذ الملاحظ هو أن المجهود الوطني الذي بذل، بتفاوت بين الجهات والأقاليم…، على مستوى التشييد والبناء، وخاصة في العقود الأخيرة، مجهود كبير لكنه يبقى معطلا لـخلل في بناء الشخصية المغربية القادرة على استثمار المؤهلات لتحقيق الطفرة التنموية التي لا رجعة فيها.
التعليم، التربية، التكوين، الثقافة، تقوية القدرات، حقوق النساء، حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، الصحة، الرياضة… مجالات أكد جل المتدخلين على إعطائها الأولوية، بتوازن بين الحاضرة والبادية ووفق مبدأ العدالة المجالية، باعتبارها دعامات للتنمية البشرية، وفي هذا الباب أبرز عبدالرحيم بوعزة رئيس المجلس أن العنصر البشري معادلة أساسية في التنمية، وأعطى مثالا بنموذج اليابان الفقير من حيث الموارد الطبيعية والقوي بموارده البشرية وثقافته وحضارته الذي صنعت منه رقما اقتصاديا صعبا مؤثرا في كوكب الأرض، رغم الإكراهات والعوائق الضخمة.
وفي وصفه لحالة إقليم شفشاون، قال عبدالرحيم بوعزة، إنه إقليم منكوب، وأضاف أنه حان الوقت لكي يتبوأ المكانة التي يستحقها ضمن أقاليم الجهة ويتمتع سكانه دون تمييز بحقهم في التنمية الشمولية، ودعا عبدالرحيم بوعزة في هذا الصدد كافة الفاعلين في القطاع العام والخاص والمجتمع المدني، إلى التعبئة وتنسيق الجهود لتنزيله على أرض الواقع وفق الصيغة التي سيعتمد بها من طرف المجلس الإقليمي في غضون نونبر المقبل، مؤكدا في هذا الصدد على ضرورة الترافع أمام الوزارات والمؤسسات المعنية وطنيا وجهويا وإقليميا من أجل توفير التمويل اللازم لمشاريع البرنامج بحكم ضخامة الغلاف المالي وضعف إمكانيات الإقليم المالية، وعبر عبدالرحيم بوعزة عن تفاؤله بمستوى النضج والوعي الذي جسده نقاش المجتمع المدني لبرنامج تنمية الإقليم والمقترحات والتوصيات والأفكار التي تقدم بها في هذا الصدد.
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من تدخلات ممثلي المجتمع المدني دقت ناقوس الخطر تجاه ظاهرة انتشار المخدرات القوية، وأكدت على ضرورة الإسراع بالتحرك من خلال مبادرات عملية تتجه بداية إلى التلاميذ بالمؤسسات التعليمية من أجل وقف النزيف، وقد عبر عبدالرحيم بوعزة رئيس المجلس الإقليمي عن استعداده لدعم جميع المبادرات في هذا الاتجاه على اعتبار أن أبناء الإقليم دون كافة وبجميع الجماعات الترابية هم ثروته الحقيقة وأمله في المستقبل.
اللقاء التشاوري ترأسه عبدالرحيم بوعزة رئيس المجلس الإقليمي، بحضور محمد التجكاني نائب لجنة التنمية القروية والحضرية وإنعاش الاستثمارات والماء والطاقة والبيئة، وكلتا الشاوني رئيسة هيئة المواطنة والتنمية البشرية، وعادل زروق المدير العام للمصالح بالإقليم، وعدد من ممثلات وممثلي الجمعيات الفاعلة في مجال التنمية الاجتماعية والثقافية والرياضية…