في دورة يناير للمجلس الإقليمي لشفشاون وضعية الإقليم الاستثنائية تحتاج إلى مقاربة تنموية استثنائية
جريدة الشمال – عبدالحي مفتاح ( مقاربة تنموية استثنائية )
الخميس 25 ينـاير 2018 – 16:17:56
وتم في هذه الدورة كذلك تدارس القضايا المتعلقة بالفلاحة والماء والبنيات التحتية والاستثمار، وهي قضايا قدم بصددها المدير الإقليمي للفلاحة وممثلي كل من وكالة الحوض المائي اللوكس ووكالة تنمية الشمال وإدارة جهة طنجة-تطوان-الحسيمة عروضا عقبتها مناقشة وتفاعل إيجابي بين المنتخبين الإقليميين والإدارات والمؤسسات المذكورة.
إقليم شفشاون، حسب ممثل إدارة مجلس الجهة، يعتبر الإقليم الأخير في الجهة من حيث مؤشرات التنمية، وهو إقليم رغم ما يتوفر عليه من مؤهلات طبيعية وبشرية وتاريخية، وما حظي به من مشاريع على المستوى الفلاحي خاصة (مشروع الديرو، اللوكس، جيف ريف، ميدا إلخ)، يبقى إقليما متأخرا عن أقاليم الأخرى في الجهة، ويحس سكانه أنهم يجرون أذيال العزلة وغصص التهميش، مما جعله، وقد نبه إلى ذلك عامل الإقليم، يسجل أرقاما متصاعدة في الهجرة من القرية إلى المدينة.
وإذا كان التأخر الذي يعرفه الإقليم على مستوى البنية التحتية والفلاحة والصحة والتعليم وباقي القطاعات والتجهيزات الأساسية، يمكن أن يهضمه عقل الإنسان بحكم الطبيعة القروية والجبلية والموقع الجغرافي والتضاريس الصعبة المشابهة في كل شيء لأقاليم أخرى تعيش نفس وضعية الـتأخر، فإن ما لايمكن هضمه بل ما يصدم هو العطش الذي يعرفه بسبب ندرة الموارد المائية، إذ كل المغاربة يعرفون من خلال النشرات الجوية التي يقدمها التلفزيون المغربي أنه إقليم يسجل أرقاما قياسية من حيث التساقطات المطرية، هذا العطش حقيقة وليس خيالا، ففي السنوات الأخيرة تم اللجوء إلى نقل الماء إلى عدد من مناطق الإقليم بواسطة الشاحنات الصهريجية ووسائل أخرى، وهذا يجسد، في رأي الكثير من الفاعلين المحليين، أحد مظاهر غياب الحكامة وسوء تدبير الموارد و الثروات العمومية والجشع القاتل حيالها، حيث يمكن القياس على ذلك بالنسبة للموارد الأخرى البحرية والنهرية والغابوية إلخ.
في مثل هذه الوضعية التي تنذر بالخطر، يصبح من الملح أولا وقف النزيف والمحافظة على المقومات الأساسية للتنمية لكي لا يقع الانهيار الكامل، ثم ثانيا الاستثمار في مشاريع ذات القيمة المضافة التي تخلق الثروة، وهنا يصبح من الصعب تحقيق التوازن والوصول إلى النتائج المتوخاة، خصوصا وأن الحاجيات ضخمة وما تتطلبه من مبالغ مالية تكاد تكون من ضرب الخيال تعبئته، حيث إن تشخيص الحاجيات الضرورية التي قامت به، قبل ثلاث سنوات، مصالح العمالة وفق مقاربة تشاركية فاق ثلاثة ألاف مشروع بقيمة ما يناهز 16 مليار درهم.
ممثلو الجماعات الترابية المشكلون للمجلس الإقليمي، ثمنوا المجهودات المبذولة من طرف الدولة ومؤسساتها التنفيذية، كبعض القطاعات الحكومية ووكالة تنمية أقاليم الشمال ووكالة الحوض المائي اللوكس، لكن اعتبروا أن الإقليم يعاني من وضعية استثنائية ويحتاج إلى مقاربة استثنائية، فرغم هذه المجهودات يظل مفتقرا إلي كثير من مقومات الاستقرار والعيش والاستثمار.
وهكذا أكدت نقاشات المجلس الإقليمي، أخذا بعين الاعتبار ضعف الموارد الجماعية لدى معظم الجماعات الترابية، على ما يلي:
– ضرورة تغيير المقاربة المتبعة من طرف مصالح وزارة الفلاحة، وذلك عبر مخطط إقليمي للتنمية الفلاحية بشفشاون يعد وينفذ تشاركيا، إذ أن الاستثمارات التي أنجزت في إطار مخطط المغرب الأخضر لم تحقق الأهداف المتوخاة منها باستثناء، إلى حد ما، في قطاع الزيتون؛
– إن وكالة تنمية أقاليم الشمال تعتبر شريكا محوريا في النهوض بإقليم شفشاون، سواء من خلال مخططات تنمية الإقليم، أو برنامج تأهيل ستة وعشرين مركزا قرويا أو البرنامج المندمج لتثمين موقع أقشور أو برنامج تأهيل مدينة شفشاون أو برنامج التنمية المندمجة لمنتزه بوهاشم ومشاريع وبرامج أخرى سابقة ولاحقة، والمطلوب هو الدراسة الدقيقة للمشاريع وتركيبتها المالية من طرف مصالح الوكالة في إطار اتفاقيات الشراكة التي تبرمها، ثم ضرورة التوازن المجالي في تدخلاتها والتتبع الدقيق والمراقبة الحثيثة للمشاريع التي تنجزها،
– وكالة الحوض المائي اللوكس انخرطت مع الإقليم في مشاريع مهمة، خاصة في مجال الوقاية من الفيضانات، والمطلوب من هذه المؤسسة تقريب الإدارة من المواطن وتبسيط مساطر منح رخص حفر الآبار والصهاريج، ومنها ومن جميع المتدخلين في قطاع الماء معالجة المفارقة الصارخة بين “قمة” التساقطات وحدة العطش التي يكتوي منها الإقليم، وهو ما يفرض استثمارات في المنشآت المناسبة لتعبئة المياه السطحية، ثم جلب الماء خاصة؛
– الجهة أعدت برنامجها التنموي(2017-2022) وقدرت مبالغ مالية للاستثمار بإقليم شفشاون تناهز ب 2415 مليون درهم ف وفق التقسيم البرنامجي التالي: جاذبية المجال: 216 م.د، التنافسية الاقتصادية: 643 م.د، النمو الاجتماعي: 932 م.د، تقييم التراث اللامادي: 624 م.د، ويحتل الإقليم من خلال هذه الأرقام المرتبة الرابعة من حيث حجم الاستثمار المتوقع في الجهة بعد طنجة-أصيلة والحسيمة وتطوان، لذلك كان المطلوب هو الالتزام بتنفيذ المشاريع المندرجة في برنامج التنمية الجهوية بإقليم شفشاون وكل التزامات الجهة تجاه الإقليم، وفتح قنوات للحوار والتشاور والإشراك والتشارك مع المجلس الإقليمي والجماعات الترابية الأخرى سعيا إلى الالتقائية والتناسق والتكامل والانسجام في مسار التنمية الجهوية تصورا وتنفيذا وتحيينا وتقييما.
في الأخير تجدر الإشارة إلى أن إقليم شفشاون تعب من المستنقع الذي أدخل فيه، ومن عذاب تفقيره، إنسانا وارضا، الذي يصنع غنى الآخرين، وهو الآن يحتاج إلى المصالحة مع نفسه وإلى إعادة الاعتبار بروح وطنية في أفق تأهيله للمساهمة بقوة بقسطه في المسار التنموي للجهة خاصة والوطن عامة. .