خلال الفترات الأخيرة، انتشرت ظاهرة المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات وكذا اختراق أشخاص مجهولين لحسابات الغير، عبر المنابر الإلكترونية وبالأخص مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تنفيذ أعمالهم الإجرامية، المتمثلة في بعض السلوكيات المنطوية على ما له علاقة بأعمال ابتزازية، من خلال نشر صور فاضحة لنساء و رجال متزوجين أو مقاطع فيديو لهم، مخلة بالحياء والآداب العامة.وهذه الأعمال، غالبا ما تستهدف أشخاصا مشهورين، في مجالات الفن والسياسة والرياضة وغيرها.ونظرا للمكانة المتميزة لهؤلاء في أوساطهم المجتمعية، فإنه يتم التأثير عليهم من خلال “اصطيادهم” وجرهم إلى بؤرة العار والفضيحة وبالتالي تهديدهم، مقابل أدائهم لمبالغ مالية من أجل غض الطرف عنهم والسكوت عن سوء سلوكهم المفترض.وبالرغم من أن المشرع المغربي قد سن في هذا الإطار عقوبات صارمة تلاحق مقترفي هذه الجرائم، بمقتضى نصوص قانونية، نص عليها القانون الجنائي المغربي، فإن هذه الظاهرة تتنامى اليوم، بشكل كبير، وذلك نظرا إلى عصر التقنية والبراعة التي تمكن الجناة المحترفين والمختصين في الرقمنة، ضمنهم عصاميون، فيا للغرابة، من الوصول إلى أهدافهم التي ما أنزل الله بها من سلطان، الأمر الذي يخلق أضرارا نفسية ومعنوية ومادية بالأشخاص، ضحايا الاستهداف، لاسيما وأن الناس قد يصدقون عندما يرون أمورهم وأشياءهم منشورة، بأم أعينهم.وتعد مواقع التواصل الاجتماعي الوسيلة المناسبة، لنشر معطيات وخصوصيات الأشخاص، كأن يقوم شخص ما بإنشاء حساب شخصي له، باسم شخص آخر، يحتوي كافة المعطيات المتعلقة بهذا الأخير، من هوية وعنوان ومهنة ورقم الهاتف، فضلا عن صور، يتم الحصول عليها، بطريقة أو بأخرى، بواسطة “الفن الإلكتروني” للسرقة.
وهناك العديد من أنواع الجرائم الإلكترونية، منها ما يستهدف الأفراد ويتسبب في إذايتهم، من خلال الحصول على معلومات تخص حساباتهم البنكية أو الأنترنت، ومنها ما يشمل انتحال الصفة وتداول معلوماتها الخاصة، بطرق ملتوية، قصد استغلالها في مكاسب مادية، ومنها تشويه السمعة، ويراد من خلالها تدمير الضحية تدميرا نفسيا. أما أكبر و أخطر الجرائم الإلكترونية، فهي تلك التي تؤذي الشركات والمؤسسات الكبرى، حيث تخترق أنظمتها، وتستهدف خصوصيات الموظفين من أجل ابتزازهم، أكثر من هذا أنها قد تؤثر على البلاد من الناحية الاقتصادية.
هذه الجرائم الإلكترونية التي تمثل على مستوى العالم نسبة 170 في المائة، حسب مصادر متخصصة، باتت تزداد حدتها، يوما عن آخر، إذ تخترق المواقع وتحاول السيطرة عليها من طرف أشخاص يهدفون إلى زعزعة أمن واستقرار البلاد، وبالأحرى السيطرة على عقول الشباب وتحريضهم على الإتيان بأعمال ممنوعة، يعاقب عليها القانون.وهذه الجرائم لا تتردد في تدمير نظم المعالجة الآلية، بواسطة الفيروسات، مما تنتج عنها الفوضى، وبالتالي قد يتم تكبد خسائر، مرتبطة بالملفات المدمرة، حسب قيمتها وأهميتها، مع تعطيل أو إيقاف الأعمال، كليا، بالشركات وما يتبع ذلك من التسبب في بطالة قد يطول أمدها للمستخدمين.ناهيك عن الجرائم التي تستهدف حسابا ت البنوك أو الحسابات، المرتبطة بمؤسسات الدولة، وكذا تلك المتعلقة بالبطاقات الائتمانية، فضلا عن انتهاك حقوق الملكية الفكرية والأدبية، ويمكن الاستدلال هنا بصناعة نسخ ليست أصلية من البرامج، مما يعرض مؤسسات صناعة هذه البرامج إلى خسائر فادحة.بالإضافة إلى برامج مرتبطة بالتجسس والمستخدمة في قضايا سياسية، قد تهدد أمن وسلامة الدولة، إلى درجة أن يقظة المجرم قد تدفعه إلى زرع برنامج للتجسس بداخل الأنظمة الإلكترونية للمؤسسات، حيث أن هناك أفعالا من خلالها يتم السعي إلى محاولة هدم أنظمة النظام أو الاطلاع على مخططات، ذات صبغة عسكرية، تخص أمن واستقرار البلاد.ومثل هذه الأفعال، غالبا، ما تكون وراءها أنظمة إرهابية ـ مثلا ـ حيث تعتمد أساليب التضليل، بواسطة استخدام وسائل الاتصال الحديثة، بما فيها شبكة الأنترنت، بهدف نشر معلومات لا أساس لها من الصحة، يكون الهدف من ورائها ضرب أمن واستقرار البلاد، سعيا إلى تنفيذ مصالح، ذات بعد سياسي، بتنفيذ مخططات إرهابية، كتضليل عقول الشباب.
ويرى الخبراء، في ظل انتشار ظاهرة انتهاك الخصوصية، أن الضرورة أصبحت ملحة، أكثر من أي وقت مضى، لمواجهة “وباء” الخصوصية الرقمية، وذلك من خلال توعية الأشخاص حول أسباب وقوع الجرائم وكيفية تنفيذها، حتى يكونوا على بينة من أخطارها، المحدقة بهم.وأضاف الخبراء أنفسهم أن الإعلام له دور كبير في مسألة التوعية والتثقيف في هذا المجال.ومن أجل سلامة الأشخاص المهددين والمواطنين، عامة، عليهم تجنب نشر صورهم الشخصية، عبر المواقع، عدم كشف كلمات المرور لأي حساب، مع تغييرها باستمرار، لضمان عدم وقوعها في متناول الغير، تجنب استخدام برامج مجهولة المصدر أو كلمات مرور مجهولة، تجنبا للسقوط في أعمال القرصنة، تجنب فتح رسائل إلكترونية مجهولة، وخاصة العمل على تثبيت برامج خاصة بالحماية من الفيروسات والاختراقات التي هدمت البيوت الزوجية والمؤسسات التجارية والاقتصادية الكبرى، عبر العالم، وكذا لا بد من الحفاظ على سلامة الجهاز المستخدم وسرية ما يتضمنه من معلومات ومعطيات، جد هامة.
محمد إمغران