كان ينبوعـًا متدَفق العَطاء والإنتاج الفكري والأدبي والتاريخي ونموذجا للمثقف الملتزم المسكون بقضايا وطنه
جريدة الشمال – عزيز كنوني : في يـوم 25 يوليوز من العـام المـاضي، لبـى نـداء ربه، راضيًا مرضيـًا، الوطني الغيور، الأديـب والمـؤرخ والإعلامي المتميز والدبلوماسي المحنك والوزير المقتدر، الأست محمد العربي المساري، تغمده الله بواسع رحمته. وقد شكل موته بعد مرض لم يمهله طويلا، “رزءا فادحا” بشهادة جـلالة الملـك، في كتاب التعـزية لعـائلته الصغيرة، وللمغرب الذي “فقد أحد رجالاته البررة، المشهود لهم بدماثة الخلق وصادق النضال والإخلاص”.
عام على رحيل الأستاذ المساري، الـذي كـان في طليعة صـانعي النهضة الفكرية المغربية من أجل التقـدُم، وتميز عن جيله بكتاباته المتعددة الأهداف وبرؤيته الواضحة وبنضاله المستمر، كما تميز بأخلاقه العالية وسلوكه الرصين.
كـان، رحمه الله، متعـدّد المـواهـب والقـدرات، تبـرز في كل محطات نشاطه الفكري والإبداعي، وممارساته الفكرية والثقافية والإعلامية، حيث شكل مدرسة متميزة في الصحافة التي مارسها كرسالة نبيلة قبل أن تكون مهنة و”محنة”، الأمر الذي بوأه مكانة متميزة بين أبناء جيله في المغرب والعالم العربي والإسلامي حيث كان يحظى بكبير التقدير والاحترام.
محمد العربي المساري بصم بأسلوبه المتميز في عمله كما في سلوكه ، مسار الثقافة والفكر والتأريخ والإعلام بالمغرب، وفاجأ المغرب والمغاربة بالنموذج المتمايز الذي طلع به خلال ممارسته لمسؤوليات عالية كرجل دولة مجدد، وزيرا وسفيرا وداخل المؤسسات الرسمية التي دعي للمشاركة في إحداثها أو تطويرها أو تحديثها, كما الشأن بالنسبة للجنة الوطنية للإعلام، حيث مكنت مبادراته النيرة وأفكاره القيمة وحرصه الشديد على رد الاعتبار للصحافة والصحافيين في بناء الديمقراطية ودولة الحق والقانون، من انتاج مشروع متكامل للصحافة والنشر اعتبر “حدثا” فريدا ومتطورا في تاريخ الإعلام بالمغرب وبالعالم العربي والإسلامي والعالم الثالث بوجه عام. فقد كان همه هو توفير حرية الصحافة وضمان كرامة الصحافيين وإيجاد قوانين ملائمة لتأطير المهنة ، بما يواكب التطور الديمقراطي للبلاد وحاجة المجتمع إلى إعلام متطور قادر على استيعاب حاجة المغاربة إلى إعلام متطور وراق.كان رحمه الله نسيج وحده، انتاجا وعطاء وإشعاعا ، لم يترك بابا من أبواب الفكر إلى وطرقها بحثا عن الاستفادة والإفادة والإصلاح، وكان مسكونا بقضايا وطنه والدفاع عن سمعة بلاده عبر تآليفه العديدة ومحاضراته العلمية في الداخل والخارج، خاصة في العالم الإيبيروـ أمريكاني بحكم تمكنه من اللغات الفرنسية والإسبانية والبرتغالية وخلال تحمله مسؤوليات سامية كرجل دولة متمرس.
محمد العربي المساري الذي تميز بأخلاقه العالية وتفانيه في العمل والدفاع عن سمعة بلاده يعتبر من المناضلين الشرفاء الأوفياء لقضايا الوطن، حيث إنه أبلى البلاء الحسن في إبراز النبوغ المغربي في شتى مجالات الإبداع، فكرا، وأدبا، وثقافة، وتأريخا، وإظهار مميزات الشعب المغربي هوية ولغة وخصوصيات مجتمعية ترتكز على التعايش والتعدد والتمايز. ولذا، يجمع كل من اقترب منه أو خالطه أو اطلع على أدبه وفكره، على أن الراحل العزيز كرس حياته للتعريف بالمغرب وبقضاياه ، تاريخا وحاضرا ومستقبلا، فجاءت مؤلفاته انعكاسا لشغفه الروحي بهوية المغاربة، موظفا عددا من الأحداث التاريخية الكبرى التي تشكلت منها الهوية الوطنية ومنها حرب الريف المجيدة وانتقال المغرب “من القبيلة إلى الوطن”. وقد تميز خطابه بالصدق والنضج والتروي والرصانة، وسلوكه بالتواضع والتسامح والوفاء والتشبث بالقيم والتفاني في إتقان العمل…والتفاؤل. تغمده الله بواسع رحمته
وقد اتخذت أسرة الفقيد العزيز مبادرة جمع عدد من الشهادات التي قيلت في حق الراحل خلال حفل تأبين أقيم بمينة تطوان، تكريما لروحه الطاهرة، في كتاب أنيق تضمن أيضا عددا من المقالات الصحافية التي نشرت في أهم المنابر الإعلامية الوطنية والعربية، توثق بالكلمة والصورة، لمدى الاحترام والتقدير الكبيرين الذي كان يتمتع بهما الفقيد العزيز في مختلف الأوساط السياسية والأدبية والثقافية والإعلامية في المغرب وفي الخارج. ويتضمن الكتاب الذي يقع في 180 صفحة، من الحجم المتوسط، 173 شهادة ومقالة توثق بالكلمة والصورة مدى الاحترام والتقدير الذي كان الأستاذ محمد العربي المساري يتمتع بهما داخل الوسط الثقافي والسياسي والحزبي والحكومي بالمغرب. وقد سبق الإعلان عن أن أسرة المساري سلمت لمؤسسة أرشيف المغرب رصيدا وثائقيا هاما يضم أرشيفا متنوعا يعكس مختلف أوجه نشاط وتراث الراحل كمؤرخ وكاتب ومؤلف ومثقف ودبلوماسي ووزير. ومعلوم أن الأستاذ محمد العربي المساري رحمه الله كان يتتبع باهتمام كبير خطوات جريدة “الشمال” في حلتها الجديدة، ويتعهد هيئة التحرير بنصائحه واقتراحاته بصورة مستمرة.
وقبيل وفاته رحمه الله بعث إلينا برسالة مؤثرة، يسعدنا أن ننشرها في هذا العدد اعترافا بالجميل و وفاء منا لذكرى الراحل العزيز. عزيزي الأستاذ كنوني “وصلني عددان من الشمال وهما غنيان جداً بما يجب ان يُقرا ولعل هذا افضل مكافأة لطاقم التحرير رغم تكلفتها المعروفة اول ما يجب التنويه به هو الندرة النادرة للأخطاء النحوية والإملائية وهذه فضيلة معروف ماتاها ومتطلباتها وتفسيرها من توضيح الواضحات ولا يفوتني ان اعبر عن تبادل العزاء في بنعزوز وهي مناسبة حركتنيً لأحث المعنيين بان تكون الاربعينية تظاهرة تتجاوز النطاق المحلي والإقليمي واتصور ان مبادرة في هذا الاتجاه قد تأخذ طريقهـا.
خطر لي بمناسبة ما ذكره خالد مشبال في المساء عن دور إذاعة طنجة يوم الصخيرات ان الامر يستحق العودة وحسب رواية خالد فان عدم ربط إذاعة طنجة بالإذاعة المركزية يرجع ببساطة الى المحافظ وكان في تلك الساعة هو العسري والى التقني وليس الى بطولة مسؤول من اي رتبة فحبذا لو عدتم الى الموضوع لبيان حقيقة ما وقع وتسليط اضوءً على قرار بسيط كان له اثر في مجرى الاحداث التي تسلسلت في بقية ذلك اليوم .
أشرت على موضوعات سأرجع اليها منها موضوع تتعلق باضطراب شاب الميناء المتوسطي وأخرج يتعلق بحي العرفان وقد انفردت الشمال بالحاحها على رواية متميزة لذلك الحدث الذي عبر عن انفجار وقع بكيفية متوقعة ولكن في غفلة من الجميع. وأخيرا أهنئكم على جر الأستاذة اللوه الى الكتابة وقد وقع الإلحاح عليها من قبل لكي تفتح المحبرة وتجود على القراء بما ليس من حقها ان تحتفظ به لان الثمن الذي سنؤديه جميعا هو هرولة الفضوليين والثرثارين للخوض فيما لا يعرفـون. وحَبَـذا لو بادَرت لمد الجريدة بمعطيات عن سيرتها الأكاديمية والثقافية والأسرية او ان تعد بانها ستدون ذلك او دونته لكي نطمئن الى أن الجمهور سيكون في وسعه ان يعرف المعطيات ممن يعرفها وقد خوطبت وامتنعت للكلام عن سيرتها وعن استاذ الأجيال المرحوم ابراهيم الالغيً وهذا ليس من حقها.
هكذا ترى انك تسير مركبا يمخر في بحر هو ماري نوصطروم وان القدر ألقى بك في تجربة تمس في ان واحد راهن حاضرة تنتقل الى ان تكون ميطروبولا فاعلة في التاريخ المعاصر وايضا هي حاضنة لتاريخ قلما يتاح لمدينة متوسطية ااخرى هي منارة تاريخية اقف عند هذا الحد واشد على يديك للمجهود الذي تبذله للقيام بالـواجب بأكثر مما يستطيعه فـرد واحد تحياتي ..