مدينة شفشاون كانت تجرى فيها عادة الانتخابات منذ الستينات بالاقتراع الأحادي الإسمي(الانتخابات بالدوائر) كما في كل الوطن، ثم انتقلت إلى انتخابات باللائحة في بداية الألفية الثالثة (2002)، إلى أن عادت في هذه الاستحقاقات إلى الانتخابات بالدوائر (الجماعات التي عدد سكانها أقل من 50 ألف نسمة)، الشيء الذي أربك العديد من الحسابات و أعاد سياسة الحي أو “الحومة” إلى قلب “المعركة الانتخابية”، وبالتالي التنافس بين الأحزاب المشاركة فيها. كما أعطى هذا العامل الجديد/ القديم لهذه الانتخابات نكهة خاصة تمثلت في بروز نخب القرب أو نخب الأحياء حظي الكثير منهم بثقة السكان، وهم أغلبهم شباب لم يكونوا معروفين على الساحة السياسة.
و هكذا فقد ضمت كل اللوائح على غير العادة ثلة من الشباب ووجوه جديدة، في حين لم يتقدم عدد كبير من قدماء السياسيين بترشيحاتهم، واستطاعت لائحة البام الشابة الحصول على 7 مقاعد لأول مرة في شفشاون، ولم تحصل لائحة الاتحاد الاشتراكي إلا على مقعد واحد، في حين حصلت لائحة الأحرار على 6 مقاعد ضمنهما مقعدان فازت بهما شابتين ترشحتا في لائحة مزدوجة بحي عين حوزي (واحدة من الخمسة دوائر الكبرى)، وفازت لائحة حزب الاستقلال المخضرمة التي قادها رئيس المجلس السابق المهندس محمد السفياني على 16 من مجموع 30 مقعدا المخصصة لجماعة شفشاون أي بالأغلبية المطلقة من المقاعد.
كلنا الآن نراجع الذاكرة لنحصي دفتر المنجزات إن كانت و لائحة النواقص أو الإهمالات إن وجدت.
لن أشكك في نية أحد ولن أبخس عمل أحد، لكني لن أباعد الصواب إذا قلت إن أغلب الأحياء التي نسكنها و نجاور ناسها، و التي نتنفس هواءها و نستضيء بشمسها، و نمشي على أرضها و نسمع ضجيجها، و يتعلم أطفالنا اللعب في أحضان ترابها تعاني الكثير من النواقص، إن لم تكن تعاني من الإهمال.
لذلك نريد:
- أن تنعكس السياسة البيئية للمدينة على أحيائنا عامة سواء على مستوى النظافة (وهي مقبولة بشفشاون إلى حد ما لحد الآن) و جودة الهواء و توسيع المجالات الخضراء وخلق أخرى جديدة أو ،على الأقل، تشجيع السكان على العناية بالمجال الأخضر، ودعم مشاريع لتزيين الأحياء بالنباتات على العادة الأندلسية لأسلافنا؛
- تقييد حركة السير في الأحياء (خاصة بالنسبة للشاحنات الكبرى وما شابهها)،و تنظيم المهن بها، وخلق مناطق خاصة بعيدة عن الأحياء السكنية بالنسبة للمهن الملوثة، وذلك من أجل تحسين جودة العيش لأغلب سكان المدينة؛
- سياسة للتهيئة عادلة و منصفة، بتبليط الممرات و تزفيت الطرقات و تكسية الأرصفة و توسيعها، و إزالة الحفر و القضاء على مشكل الخرب (تشكل أغلبها نقطا سوداء لتراكم الأزبال ومن الناحية الأمنية)و معالجة الدور الآيلة للسقوط..؛
- سياسة عادلة للتجهيزات الرياضية (خاصة ملاعب القرب في مختلف الرياضات) والثقافية و التربوية (المراكز السوسيو-تربوية)…، وذلك بالتوزيع المنصف على الأحياء، وفق معايير واضحة تراعي عدد السكان والقرب والأولويات؛
- سياسية للتعمير و اضحة و محكمة تنعكس على جودة العيش بالأحياء، لا نريد “شي كيعلي فوق شي”، لا نريد “شي محشي ف شي”، حتى لا تحجب الشمس والهواء عن البيوت (لوحظ إعطاء تراخيص لزيادة طوابق حتى بالمدينة القديمة لشفشاون دون احترام المستوى الذي عليه الدور المجاورة القديمة)، و حتى لا تضيق الممرات و الطرق و الأرصفة و الأنفس، وحتى لا تصبح مداخل البيوت مواقف للسيارات في غياب التخطيط لإنشاء مساحات مخصصة لهذا الغرض ومآرب تحت أو فوق أرضية؛
- سياسة تهتم بالطفولة و الشباب و الأشخاص في وضعية إعاقة و المسنين تنعكس على الأحياء(مرتبطة بسياسة توزيع مختلف التجهيزاتالرياضيو والسوسيو-تربوية…)، وذلك بالتنسيق مع سكان الأحياء و بشراكة مع الجمعيات المعنية العاملة في الميدان؛ والتي راكمت تجارب وخبرات مع التحفيز على التكوين لتطوير القدرات، وبلورة برامج جدية لتبادل الخبرات جهويا، وطنيا ودوليا.
- تنظيما للسياحة و للمؤسسات السياحية؛ و أن تنعكس هذه السياسة على الأحياء، فلا نرى فوضى الشقق و الدور المفروشة بدون ترخيص مراعاة شروط معقولة في حالة الترخيص(تحديد عدد الرخص في كل حي، إخبار السكان المجاورين و طلب موافقتهم خاصة إذا كانت الشقق أو الدور غير معزولة، درءا لانتهاك حرمة البيوت من طرف غرباء، و كذا لحدوث مشاكل الأمنية… )، حتى يكون الأمر واضحا أمام من يرغب في الاستثمار؛
نريد إذن-وفق تصور عملي/ تشاركي/ شفاف/ تدرجي- مدينة بيئية و أحياء بيئية، مدينة للطفولة و أحياء لا تهمش الطفولة وتقي من الانحراف، مدينة رياضية وأحياء تشجع على تعاطي الرياضة. نريد مدينة سياحية و أحياء لا تشوه صورتنا أمام السائح إن مر منها أو زارها. لذلك فإننا لا نريد فقط مدينة جميلة بانوراميا بل أحياء جميلة… كذلك.
ما يلاحظ، و للأسف، ونستشفه من انطباعاتنا على طول بلادنا و عرضها، أن الأحياء التي تستحوذ على القسط الأوفر من سياسية التهيئة و التجهيز و المجالات الخضراء و الفن والجمال…، وتحترم فيها وثائق التعمير، وتنعم بتخطيط حضري في المستوى المقبول، هي الأحياء الراقية، وهي الأحياء التي يسكن فيها أغلب مسؤولينا، ومنهم أغلب المنتخبين الذين يقودون دفة “الحكم” في بلادنا مركزيا ولا مركزيا، و يهجر إليها من ارتقى منهم حديثا، وبذلك تكون أغلب الموارد المرصودة للمدن تضخ في أحياء من نمنحهم ثقتنا.
لذلك ما نريده منكم ،بكل بساطة، يا من تحظون بثقتنا هو التوزيع المجالي العادل للموارد والتجهيزات و التهيئة…، و إلا سنكون كناخبين بسطاء ” كمن يكب الما ف الرملة”، فنحن نصوت عليكم لا لكي تستفيدوا فقط من الامتيازات و التعويضات (وهذا في حدود المشروع معقول بل طبيعي) و لكن لكي تديروا بلدا و مدنا…تعود موارده علينا جميعا بالنفع و ترتقي مدنه و أحياؤه على قدم وساق و تراعى مصالح جميع فئاته وشرائحه بالقسطاس… لذلك يغضبنا و يحسسنا بالغبن أن تبقى أحياؤنا و مصالحنا هامشية غارقة في الوحل و الوحلة “حتى الأذنين” في حين تنعم أحياؤكم بأحسن حال وتقضى مصالحكم في كل الأحوال…
عبدالحي مفتاح