عيد الشغل بطنجة : مسيرات غاب عنها الحماس وطبعتها الرتابة والتذمر بوليف: الحكومة سند المواطن البسيط
الجمعة 06 ماي 2016 – 10:25:55
رغـمَ المُحـاولة “الاستباقية” التي أراد بها رئيس الحكومة تليين موقف المركزيات النقابية يومين قبل عيد الشغل، فإن احتفالات هذه السنة طغت عليها ألوان التذمر بسبب فشل الحوار الاجتماعي وتشبت كل الأطراف بمواقفها “الثابتة” وتلويح الحكومة بالإكراهات في تعاملها مع مطالب المركزيات النقابية التي تتهمها النقابات بتجاهل مطالب الشغيلة المغربية بالزيادة في الأجور والدخل ورفع سقف الأجور المعفى من الضريبة إلى ستة آلاف درهم شهريا واحترام حرية العمل النقابي واحترام مدونة الشغل وإجبار المشغلين على التصريح بالأجراءوفتج الباب أمام الحوارات لقطاعية وتقنين العمل بالعقدة والعمل على تنقية الأجواء الاجتماعية على مستوى الوحدات الانتاجية وغيرها من المطالب التي وصفها وزير النشغيل بأنها إيجابية ويمكن أن شكل قاعدة للحوار.
الصديقي اعتبر في ندوة صحافية ، أن حصيلة عمل الحكومة في هذا المجال “إيجابية” وتتمثل في مجموعة من “المنجزات” التي تم تحقيقها لفائدة الطبقة، وأن الحكومة “عازمة” على مواصلة العمل من أجل “النهوض بالتشغيل” و “تعزيز وتوسيع الحماية الاجتماعية”، وتحسين ظروف العمل والعلاقات المهنية” وقد ترددت أصداء “الاحتفالات” العمالية عبر معظم تراب المغرب، التي جاءت “باهتة” غاب عنها الحماس الذي كان يطبعها في الماضي، والحرص على المنافسة بين النقابات على مستوى كثافة الحضور والمشاركة، وأيضا على مشتوى الابتكار في ما يخص الاستعراضات العمالية والشعارات المطلبية التي ترفع عادة في مثل هذه المناسبات.
ولم يختلف الوضع في طنجة عن غيرها من المدن التي شهدت مسيرات بلا لون ولا ذوق، ولا معقول، بحيث أن بعض مكونات تلك المسيرات كانت تترك لدى المشاهد انطباعا سلبيا حول “الجدية” التي يتم التعامل بها مع حدث يمكن اعتباره أداة للتعبير الجدي عن موقف الطبقة العاملة من الطريقة التي يتم بها تدبير الحكومة لملف الطبقة الشغيلة الوطنية. المدينة بدت هادئة في يوم عاد من آحاد طنجة، قبل أن تظهر طلائع”استعراضات” عمالية، من ساحة الأمم، في اتجاه وسط المدينة وإلى المراكز النقابية أو مراكز التجمعات الخطابية بالمدينة.
الأتحاد العام للشغل، افتتح المسيرات بمجموعة هائلة من “المناضلين” ينتسبون إلى قطاعات مختلفة، يحمبون لافتات ويرددون شعارات تعلن سخط العمال على سياسة الحكومة وتذمر الطبقة الشغيلة من لامبالاة الحكومة إزاء القضايا المصيرية للطبقة الشغيلة، وأهمها تردي الأوضاع الاجتماعية وغلاء المعيشة، وضعف الأجور، وغياب الشعور بالكرامة في علاقات بعض المشغلين مع العمال والطرد التعسفي، والتعسف ضد ممارسة الإضراب وهو حق مشروع، وتنامي مظاهر الحكرة وضعف الحماية الاجتماعية، إلى غير ذلك من المطالب التي كان يمكن أن ترفع في السنوات الأولى للاستقلال، ولكنها جاءت بعد ستين سنة من حكومات المغرب المستقل والموحد، لتؤكد أن دار لقمان لا زالت على حالها إن لم تكن قد ازدادت سوءا وفسادا.
فيدرالية اليسار الديمقراطي كانت حاضرة في مسيرة الأحد، بحمولة قوية من الشعارات والبيانات التي تضمنتها منشورات الفيدرالية التي تم توزيعها بالمناسبة والتي استعرضت فيها السياق الدولي الراهن بما يحمل من هيمنة مفضوحة للإمبريالية الدولية على سيادة واستقلال الشعوب واختياراتها الاقتصادية والاجتماعية، و انعكاسات ذلك على الحالة المغربية وعلى الوضع الاجتماعي بالمغرب الذي يرى منظرو الفديرالية أنه نتيجة للبرامج السياسية للحكومة وما يطبعها من تنامي معاناة ومآسي للطبقة العاملة وعموم الأجراء بسبب السياسة اللاشعبية للحكومة التي ساهمت في اتساع الهوة بين الشرائع الاجتماعية وتفاقم البطالة والهشاشة والفقر واللامساواة .
أما الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذي جعل احتفالاته تحت شعار “تحقيق مطالب الشغيلة المغربية رهين بوحدة نقابية فاعلة”، فقد رفع بالمناسبة مطالب نقابية تخص وقف كافة أشكال التضييق على الحريات النقابية، تفعيل التغطية الاجتماعية لفروع الأجراء وأصولهم تنفيذا لمدونة الحماية الاجتماعية وتعميم الأعمال الاجتماعية على كل القطاعات.
كما ندد الاتحاد بالتراجعات عن مكتسبات الشغيلة المغربية وبالإجهاز على القدرات الشرائية لفئات عريضة من الشعب عبر الارتفاع “الصاروخي” لبعض الأسعار ، نتيجة رفع اليد عن مجموعة من الموارد الأساسية، والرفع من الحد الأدنى للأجور.
أما مسيرة الاتحاد الوطني للشغل التي ترأسها كل من البشير العبدلاوي رئيس جماعة طنجة الحضرية ومحمد نجيب بوليف الوزير المنتدب لدى وزارة عزيز الرباح، فقد كانت بصدق الأكبر عددا وتمثيلا لمختلف القطاعات الصناعية والاقتصادية بطنجة والأكثر انضباطا، بالرغم من أن سلوك بعض المشاركين لم يكن في مستوى جدية المسيرة. وكما كان متوقعا ومتنظرا، فقد “اجتهد” المنظمون والمؤطرون والمشاركون في إضفاء الطابع “الديني الإسلامي” على مسيرتهم “النضالية”، بحيث رددت بعض الأصوات خلف “مذيعة” متحمسة ، قسما على الوفاء للشهادة إلى لقاء الله، كما ردد آخرون شعار “اشعلها نار نار، في وجه كل غدار” ولم يتأت لنا معرفة مدلول هذا الأمر، ولمن هو موجه، ولا مدلول “النار” التي في هذا السياق، ولا “الغدار” المعني بهذا التهديد الخطير… خارج هذا الموضوع، فإن شعارات الاتحاد الذي يعتبر جزءا من ماكينة البروباغاندا السياسية لحزب العدالة والتنمية، ــ ولكل حزب أصيل من أحزابنا الوطنية ماكينته البروباغاندية ــ، جاءت لتزكي سياسات بنكيرن وإصلاحاته، بحيث غابت عن شعارات هذه المركزية مطالب ذات طابع مهني أو نقابي واقتصر الأمر على الإشارة إلى الحكرة والتهميش داخل مراكز العمل والمطالبة بحماية حرية وكرامة المأجورين والتنديد بالتحكم، والمطالبة بالتعويض عن الأعياد الدينية، وكلها مطالب لا تعني الحكومة ولا تخصها بصفة مباشرة.
وأما حشد كبير من نقابيي العدالة والتنمية، قال الدكتور محمد نجيب بوليف عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، إن “هناك من يتصور اليوم أن وصول حزب العدال والتنمية للحكومة هو مجرد سحابة صيف ووسيلة لإسكات الشارع بعد موجة الربيع الديمقراطي”.وأكد أن الديمقراطية بالمغرب على المحك، مبينا أن المغرب اليوم أمام مفترق الطرق ويجب على المغاربة جميعا أن يستشعروا هذه اللحظة التاريخية التي يمر منها الوطن، مضيفا أن “هناك من يريد أن يعود لوضع ما كان عليه قبل 25 نونبر 2011، والعودة إلى التحكم وحاولوا ذلك في استحقاقات 4 شتنبر الأخيرة، لكن الشعب قطع الطريق عليهم”. وبعد أن أكد بوليف، أن الحكومة سند للمواطن البسيط، وأن العمال والطبقات الهشة في المجتمع أصبح لها صوت يدافع عنها داخل الحكومة الحالية، أشار إلى أن “المتاجرة بحقوق الشغيلة أمر مرفوض. وهو أمر تتقنه بعض النقابات العمالية في الوقت الراهن.
كما أن التجمعات الخطابية التي أعقبت مسيرات الطبقة الشغيلة، كانت مناسبة ليعبر قياديو المركزيات على المستوى المحلي، مطالبهم المهنية والسياسية ومنها مأسسة الحوار الاجتماعي كضمانة للبناء الديمقراطي وللثقة بين العمال والمشغلين، ورفض المس بحقوقهم الأساسية المكتسبة وبحقهم في الإضراب ، وضرورة حل مسألة التقاعد في إطار الحوار والتشاور والتشارك والعمل على حماية وصيانة كرامة العمال .