جلالة الملك ينبه الحكومة إلى الخصاص في مياه الشرب والريّ ويأمر بإيجاد الحلول الملائمة
جريدة الشمال – عزيز كنوني ( حراك العطش)
الخميس 14 أكتوبر 2017 – 17:33:00
• سياسة السدود لا توفر التوزيع العادل للثروة المائية .
• “حراك العطش” أخرج آلاف المواطنين في الحواضر والبوادي للاحتجاج .
• شرفات أفيلال تتهم الصحافة بـ “التهويل” !..
يبدو أن “تطمينات” الهانم شرفات أفيلال، في ما يخص الوضع المائي بالمغرب لم تفلح في طمأنة المتضررين من هذا الوضع المقلق الذي أخرج العديد من المواطنين من مساكنهم في الحواضر والبوادي، للتظاهر ضد العطش والتنديد بعدم تجاوب الحكومة، بما يلزم من السرعة والجدية والصرامة، مع هذا الوضع.
وكان ضروريا أن ينبه جلالة الملك حكومة العثماني في بداية المجلس الوزاري الأخير، إلى مشكل الخصاص الحاصل في مياه الشرب ومياه الري، وأن يعطي جلالته تعليماته السامية لرئيس الحكومة لتشكيل لجنة وزارية بغاية دراسة ومعالجة هذا المشكل، لكي يدعو العثماني اجتماعا حكوميا مصغرا حول موضوع الماء، دعا إليه كلا من وزير الداخلية ووزير الفلاحة ووزير التجهيز والماء، تم خلاله عرض حالات الخصاص في المناطق الأكثر تضررا من ندرة المياه واتخاذ بعض التدابير التمهيدية سواء على مستوى حفر آبار جديدة أو فيما يخص معالجة حالة بعض الزراعات المستنزفة للماء.
في نفس السياق أعلنت الهانم خلال اجتماع اللجنة المختصة بالبرلمان، أن الحاجيات من مياه الشرب بالنسبة لجميع المراكز والمدن المزودة من مياه السدود قد تمت الاستجابة لها بصفة عادية، رغم العجز في واردات المياه بالسدود حيث سجل عجز جاور أو فاق الخمسين بالمائة بسبب ضعف التساقطات المطرية .

ندرة مياه الشرب أطلق ما اتفق بتسميته “حراك العطش” في الحواضر والبوادي، اختلفت حدته من قرية لقرية، ومدينة لأخرى، ولكن الجميع ندد بصمت الحكومة الذي أعطى أكثر من تفسير وتأويل بالرغم من وعود العثماني، نهاية يوليوز، تحت قبة البرلمان، بأن العجز الحاصل في مياه الشرب سوف يتم القضاء عليه قبل صيف 2018.
والغريب أن الهانم، في محاولة يائسة، للتخفيف من الانتقادات الموجهة للحكومة في هذا الشأن، لم تجد حرجا في “اتهام” وسائل الإعلام بـ “تهويل الأمر” بينما الحالة شبه عادية في مختلف الجهات، تقول، بل وصرحت أنه من المتوقع أن تصل نسبة ولوج الوسط القروي إلى الماء الصالح للشرب إلى 96,5 بالمائة مع نهاية سنة 2017 ، أي بعد شهرين إن شاء الله.
وأضافت أن تدابير خاصة اتخذت “في إطار مشاريع مهيكلة” لتزويد عدد من المناطق انطلاقا من السدود، كما سوف تتم تعبئة موارد مائية جديدة، خصوصا المياه السطحية، وتعميق الآبار بغاية القضاء نهائيا على العجز قبل صيف 2019، بالنسبة لجل المراكز ال 37 التي تشهد اضطرابات في التزود بالماء، في حين إن التزويد مستمر بصورة عادية في الـ 678 مركزا ومدينة التي يتدخل فيها مكتب الكهرباء والماء، باستثناء بعضها.
هذه المعلومات تترك لدينا انطباعا بأن الأمور شبه عادية وأن هناك “بعض” الاضطرابات سببها ضعف التساقطات المطرية وأن الجهود معبأة للقضاء على العجز !.
ولقائل أن يقول: فلماذا نحن نهول الأمر حتى تتهم الصحافة بالوقوف وراء ما سمي ب “حراك العطش” بينما الوضع عاد إلا من بعض “الاضطرابات” الناتجة عن العجز الحاصل في التساقطات؟…
الصحافة، يامدام، تقوم بدورها الإعلامي في رصد كل ما من شانه أن يخل بالتدبير السليم للشأن العام، من باب التنبيه إليه والدعوة لإصلاحه تفاديا لتبعاته وإسقاطاته على الأمن والاستقرار.
وإلا كيف نفسر نزول جماهير المواطنين، رجالا ونساء في المدن كما في القرى، عبر مختلف أقاليم وجهات المغرب، خاصة في صفرو، وفاس، ومكناس، وتاونات، وتازة، وزاكورة، وسطات، وبني ملال،وتيزنيت، وخنيفرة، وجهة الغرب الغنية بمواردها المائية: سيدي قاسم وسيدي سليمان والقنيطرة، وجهة سوس، والشاون، ووزان حيث انطلقت أولى شرارات “حراك العطش” لتشمل العديد من مدن ودواوير هذه الأقاليم والجهات. حتى أن عددا من سكان الدواوير بدأوا يفكرون في سحب أطفالهم من مراكز التعليم، والهجرة .
هذا الوضع يفسر عدم توفق المسؤولين في تدبير “الأزمة المائية” التي لم تكن لا مفاجئة، ولا جديدة على المغرب، وما كان عليهم أن ينتظروا تفاقم الأزمة ونزول الناس إلى الشوارع، ووقوع مواجهات وتوقيفات واعتقالات بين نشطاء “حراك العطش”، تذكر بما حدث لنشطاء “حراك الريف”، ليعلنوا عن اتخاذهم تدابير “سطحية” منها إحداث ثقب لاستخراج المياه الجوفية ، في انتظار مد قنوات جر مياه السدود لتزويد التجمعات البشرية التي تمر منها تلك القنوات. أما التجمعات التي لا توجد في طريق تلك القنوات، فلتنتظر!!….. حتى تنفذ الحكومة “تدابيرها الاستعجالية” ومخططاتها الاستراتيجية ، وتنجز وحدات تحلية مياه البحر في إطار مخطط تنويع مصادر المياه بالمغرب.
جميل…
وحتى تطمئن المدام إلى أنه لا ينكر إنجازات المغرب في مجال المياه، إلا جاهل أو جاحد،أو مغرور، والفضل كل الفضل يعود إلى الراحل الحسن الثاني رحمه الله الذي اختار الاستثمار في السدود بدل الدبابات ومعامل الأسلحة السوفياتية “مفاتيح في اليد”، كما أن فكرة تحلية مياه البحر تعود لجلالته كرم الله مثواه، حيث عبر في إحدى خطبه السامية، أنه كان يحلم ببناء مفاعلات نووية مدنية، على طول الساحل الأطلسي لتحلية مياه البحر، لسقي كافة الأراضي الزراعية في كل التراب الوطني.
وإلا كيف نفسر استنفار العثماني لوزرائه المعنيين، خاصة الهانم أفيلال، لدراسة مشكل العطش ، بعد دخول جلالة الملك على خط تدبير هذه الأزمة، إلا بكون الحكومة فشلت في استباق أزمة العطش، بالرغم من توفرها على تقارير وطنية ودولية بشأن الخصاص الناتج بالدرجة الأولى عن التقلبات المناخية، “والمغرب سيد العارفين” من خلال ما راكمه من تجارب في الماضي ومن خلال تعامله الإيجابي مع “كوب 22” كما فشلت في التفاعل مع سياسة السدود، بسبب غياب التوزيع العادل للثروة المائية؛ حيث إن المياه المخزّنة في السدود لاتصل إلى كل المناطق، وهو ما يجعل المناطق القريبة من هذه السدود تزودة بالمياه، في حين أن المناطق الأخرى تظل “خارج التغطية” المائية !…
سعد الدين العثماني اعترف بوجود الخصاص في 37 مركزا، فقط، ووعد بالحل الكامل للأزمة في أفق نهاية السنة القادمة، يحول الله.
الخبراء يرون أن مشكل التوزيع العادل للمياه الصالحة للشرب بالمغرب يمكن التغلب عليه، بالعلم، والخبرة، وليس بـ “الدمغي” والوعود المسكنة. وأن من الحلول المتاحة بناء السدود التلية، وهي بحيرات اصطناعية بجوار القرى والمداشر النائية، في حين يمكن تزويد المناطق الساحلية بواسطة عملية تحلية مياه البحر، وهي عملية مكلفة، إلا أن تطور سياسة الطاقات المتجددة بالمغرب يفتح الطريق امام إمكانية استغلال تلك الطاقات في إنجاز هذا المشروع، فضلا عن الإمكانيات الهائلة التي يوفرها دخول المغرب عهد الطاقة النووية المدنية، ولابد أن هناك حلولا أخري بديلة، يمكن أن توفرها عقول وأدمغة العلماء والخبراء والمهندسين من شباب جامعاتنا الوطنية الذين أبانوا عن قدرات هائلة في شتى المجالات العلمية …