وسواس “نظافة” شفشاون يحتدم مع “التدبير المفوض”
جريدة الشمال – عبدالحي مفتاح ( “نظافة” شفشاون )
الخميــس 18 يناير 2018 – 12:33:55
المدينة مع ذلك، وبحكم التوسع العمراني وزيادة الحركة التجارية والسياحية…، لم تبق تلك الطرق التقليدية لتدبير مرفق النظافة قادرة على تحقيق نفس المستوى من النظافة الذي كان لها حينما كانت مدينة يمكن لعود ند أن يعطرها كلها، ولذلك عاشت في فترات مايشبه خروجا عن المألوف بل أزمات نظافة، بسبب عدم مسايرة الإمكانيات للواقع، ورغم المجهودات المبذولة و مساهمة المجتمع المدني المتميزة ( نذكر هنا مشروع “تحسين تدبير النفايات الصلبة” بشراكة بين جمعية التنمية المحلية و منظمة إيبادي والبلدية وكذا حملات النظافة المتكررة التي تقوم بها جمعيات المجتمع المدني والتي أطلقت مبادرتها منذ التسعينات جمعية “ريف الأندلس” بقيادة الفنان محمد حقون)، ظل مطلب النظافة من الانشغالات ذات الأولوية بالنسبة للسكان، وبالتالي من الملفات المحرجة والضاغطة على المسؤولين.
والآن والمدينة يروادها طموح مشروع في أن تصبح رائدة على المستوى البيئي، وبعد تجربة سبع سنوات من التدبير المفوض لمرفق النظافة، فقد أصبحت الرهانات أكبر من الماضي، بل أصبح الملف محط تجاذبات سياسية ومدنية وإعلامية نعتبرها عادية بل مطلوبة، على اعتبار أن هذه التجاذبات تعكس حيوية روح وجسم مدينة شفشاون إن لم تزغ عن الطريق.
إن الشفافية بلا شك من مستلزمات النظافة، لذلك كان وضع ملف “التدبير المفوض” لمرفق التطهير الصلب بمدينة شفشاون على طاولة النقاش العمومي من جديد، دون عقد أو تشنج و حواجز أو موانع، ليس منة بل واجبا وتجسيدا للديموقراطية التشاركية التي نتغنى بها ليل نهار، فكل الأسئلة يمكن أن تطرح في إطار تقييم نتائج وسلبيات وإيجابيات ونواقض النظافة في التجربة المنقضية للتدبير المفوض، فكل من يعيش بالمدينة من حقه أن يدلي بدلوه في هذا هذا الموضوع لأنه يمشي فيها و يرى ويسمع ويشم وربما يؤدي “ضريبة الخدمات الحضرية”.
وهكذا؛ فمن الأسئلة والأمور التي تتداول بين الناس، فيما يخص هذا الموضوع الحارق، نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
– الكلفة المالية لتدبير المرفق: هل هي معقولة أم غير معقولة؟؛
– تنازع المصالح: هل هو صحيح أم غير صحيح، خصوصا تجاه شركات معينة؟؛
– عمولة التفويت: هل هي من الكذب أو الإشاعات أو “الحقوق القانونية”؟؛
– مبلغ الدعم المادي المخصص، في إطار “صفقة التدبير المفوض” للمجتمع المدني أو للثقافة…: هل صرف ولمن صرف وكيف صرف؟.
– الخدمات السابقة: هل انضبطت لدفتر التحملات أم لا؟.
– هل تستطيع ميزانية المجلس تحمل تكاليف”التدبير المفوض لمرفق النظافة” بعد توقف إعانات صندوق “البرنامج الوطني للتطهير الصلب”؟،
– هل المدينة كلها، بما فيها غاروزيم والأحياء الهامشية الأخرى، ستستفيد من خدمات النظافة “التدبير المفوض”؟؛
– هل ستتم معالجة النقط السوداء في جميع الأحياء أم سيستمر ترك الحبل على الغارب وتحميل السكان وزر صناعة هذه النقط و بقائها؟؛
– هل سننتقل مستقبلا إلى مرحلة زجر المخالفات المتعلقة بالنظافة بعد استنفاذ عمليات التحسيس لمفعوله أم سنبقى في مرحلة المنزلة بين المنزلتين؟؛
– هل سيستفيد عمال النظافة من جميع حقوقهم ومن الزيادة في الأجور ومن الحفاظ على المكتسبات أم…؟
ولا بد من القول، هنا، إن نظافة شفشاون أصبحت مكسبا لا يمكن أن ينكره إلا عاقل، بل لا يتصور أن يتم التراجع عن المستوى الذي وصلته حاليا، بل ما يستشرف هو تحسين الجودة وتوسيع الخدمات والانتقال إلى مستويات أعلى متطورة كتجريب عملية”الفرز” في بعض الأحياء، والاجتهاد في وضع وتوزيع الحاويات، و تحديد توقيت وضع النفايات المنزلية في الحاويات، والبحث عن مطرح جديد لمعالجة النفايات بطرق تحترم المعايير البيئية، والعناية أكثر بالأحياء الناقصة النظافة…
وإذا كانت النظافة من الإيمان، فلابد من توجيه تحية تقدير للمجتمع المدني في شفشاون، خاصة جمعيات الأحياء التي تبلي البلاء في المعالجة الدورية للنقط السوداء، كما يجب توجيه نفس التحية لعمال النظافة وللساهرين على المرفق، ولسكان المدينة الذين يحرصون على نظافة الفضاء العام كحرصهم على نظافة بيوتهم، ولكل من يسعى إلى النظافة قولا وعملا قلبا وقالبا.
و في الأخير، يجب التأكيد أن توفير “النظافة” هي حق من حقوق المواطنين للعيش في بيئة سليمة، لكن هذا الحق يتبعه أداء “ضريبة الخدمات الحضرية” واحترام ضوابط النظافة العامة، كما أن نظافة المدينة وتحسينها هي مطلب لأهل المدينة أولا وللزوار والضيوف ثانيا، لذلك فكل نقاش أو رأي معقول في “النظافة” فهو من باب المواطنة المسؤولة، وكل من يسعى إلى نظافة شفشاون لا شك في عشقه لها. . .