يعتبر الأرشيف ذاكرة تؤرخ للأحداث والوقائع التي عرفها المجتمع في الماضي، فهو بمثابة هوية لما كان عليه الأمر وكيف أصبح، لذا فالأرشيف ليس عبارة عن مخطوطات أو أحداث وقعت في الماضي ولا أهمية لها في الحاضر، لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير، إذ يمد الأرشيف الحاضر بنقاط القوة والضعف لمرحلة زمنية معينة.
ومدينة طنجة على غرار ذلك، لوحظ بأن أرشيفها الذي يؤرخ لمحطات تاريخية هامة تهم حضارة المدينة والأحداث التي وقعت في دواليبها على مدار مراحل وأزمنة ساقبة، بدأ يعرف نوعا من الإهمال واللامبالاة من طرف من هم مسؤولون عن ذلك دون القيام ببادرة لإنقاذه من الضياع والتلف.
ومن العار أن يتم نقل أرشيف المدينة إبان فترة المجلس السابق إلى أحد المقابر المسيحية، ك “أحد أموات المسيحيين”، علما أن ميزانية الجماعة الترابية توصي بالحفاظ على الأرشيف وتنظيمه، لأنه الذاكرة التي تخلد الماضي بنقاط قوته وضعفه. والمجتمع المدني المحلي انطلاقا من غيرته على هذه المدينة لا يرضى بما فعله المجلس السابق من إهانة للماضي والتاريخ، فالمجتمع المدني يرى بأن وضع الأرشيف لا يواكب المسار التنموي الذي تعرفه مدينة البوغاز.
على إثره؛ عبر مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية عن استنكاره للوضع الذي يعرفه أرشيف المدينة، نتيجة القرارات اللاأخلاقية في التعامل مع تاريخ المدينة وكأن الماضي بما حمله من وقائع لم يكن له أثر وهذا بطبيعة الحال مناف للقواعد الأخلاقية التي تضرب عرض الحائط هوية المدينة.
كما طالب المرصد بتحمل المسؤولية في إعادة تصنيف محتويات الأرشيف وتبويبها، تنظيمها وتصنيفها حسب المواضيع والاختصاصات، مع العمل على إعطائه العناية اللازمة كإرث حضاري يبقى للأجيال القادمة وكوقائع تتيح المجال للبحث العلمي لمن له الرغبة في القيام بدراسات حول تطور المدينة في شتى مجالاتها.
كما طالب المرصد أيضا الانفتاح على المحيط قصد الاشتراك في معالجة هذا الوضع الذي لا يليق وسمعة المدينة، داعيا إلى إشراك المؤسسات الجامعية وإدارة أرشيف المغرب في إطار شراكة بمقتضاها يتم إنقاذ هذا الأخير من الضياع.
يشار إلى أن الأرشيف مصدر دقيق لمجموعة من الوقائع والحقائق التي لا يجوز عدم العناية بها أو إنكار قيمتها العلمية، فهو في الحقيقة الوجه الأخر لمن سبق لهم تدبير الشأن العام المحلي.
فقليل من الحكمة.