غدا الأحد 12 يونيو، يخلد العالم اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال، لأن عمل هؤلاء الصغارينتهك القانون الدولي واتفاقيات الأمم المتحدة، خاصة اتفاقيات منظمة العمل الدولية، المتعلقة بعمالة لأطفال واتفاقية حقوق الطفل، إذ صادقت على الاتفاقية رقم 138 لعام 1973 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام والاتفاقية رقم 182 لسنة 1999 بشأن منع أسوأ طرق وأشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، حيث تم ذلك بمشاركة أكثرمن 169 دولة..والمثيرفي الأمرأن أيام الاحتفال العالمي في كثير من المجالات والقطاعات هي مجرد وقفات استعراضية و”تمثيلية” بدليل أن الواقع المعيش يكذب جميع الجهود المبذولة للعديد من الدول والمجتمعات في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة، سواء على المستوى البيئي أوالاجتماعي أوالاقتصادي أو التنموي، بصفة عامة وبالتالي لايمكن تغطية الشمس بالغربال في ظل وجود حقيقة مؤلمة وساطعة سطوع الشمس في المعيش اليومي..
وعلى ذكر عمالة الأطفال، فإن هذه الظاهرة مزدهرة، بل هي تتفاقم بسبب عدة عوامل، أهمها عامل الفقرالذي يدفع بالأسرالمعوزة إلى الاستثمارفي فلذات أكبادها، بتحويلها قبل الأوان إلى كائنات مدرة للدخل وتشغيلها في شتى المهن، لايهم إن كان بعضها مرهقا للأعصاب والأبدان وذلك من أجل مواجهة تكاليف العيش التي باتت ترهق حتى الأسرالمتوسطة، اجتماعيا واقتصاديا..
نعم، في عزالاحتفال باليوم العالمي لمحاربة عمل الأطفال، يمكن لكل مهتم أن يقوم بجولة في الشوارع والأزقة، لكي يلاحظ بأم عينيه الوضع الكارثي للأطفال المنتشرين، طولا وعرضا، بالعديد من فضاءات وواجهات المدينة ولكي ينصت إلى أناتهم، فهم من ضحايا الأسرة والمدرسة.. ضحايا مجتمع يشكوقلة الوعي وغياب الضمير، بل يعاني من انعدام التربية، أصلا، فكيف سيكون مصيرأطفال في عمرالزهور، يحتاجون إلى الحنان والرعاية، من أكل ومشرب وتعليم وتطبيب وهم يعتبرون في نظرذويهم المحتاجين عبارة عن “مأذونيات” صغيرة مستعجلة، لاتستدعي الانتظارأوالتأخرفي جلب الدرهم الأبيض في اليوم الأسود وما أكثر الأيام السوداء في حياة أسر، تؤمن بأن الإنجاب هو وسيلة ناجعة للتغلب على عوادي الزمن من خلال المراهنة على أبنائهم الصغاروهم لم يشتد عودهم بعد وبالتالي تمكينهم من التشغيل الذاتي، بالدفع بهم إلى ترويج “البيض المسلوق” بالطرقات وبيع الورق الصحي بالمقاهي و”المحلات” وعند إشارات وأضواء مرورالسيارات، بطريقة أشبه بالتسول وما يتبعه من أساليب استدرارعطف الناس، لكي يشتروا منهم، بل ليكونوا معهم أكثر سخاء..
أكثرمن هذا أن الجائحة ساهمت في الرفع من نسبة الأطفال العاملين، بحثا عن سد حاجياتهم وأسرهم، لأن تداعيات هذا الفيروس جعلت الجميع يسعى إلى توفيرمدخول يومي، بأي طريقة، حتى لوكانت على حساب عرق أطفال، لم يشفع لهم اليوم العالمي ذاته لمحاربة تشغيلهم..
محمد إمغران