لا يعلم الداعون إلى حفل زواج، ما يتجشمه المدعوُّون من عناء، لتلبية الدعوة.
فمكان الحفل غالبا ما يكون خارج المدينة، والوصول إليه، يتطلب وسيلة من وسائل النقل التي قد تتيسر وقد لا تتيسر، وإن تيسرت في الغدو، تعذرت أو صعب العثور عليها في الرواح.
وحتى الذين يتوفرون على وسيلة للمواصلات، يجدون صعوبة في إعادتها إلى مكانها، فحراس المستودعات لهم الحق في النوم، لذا يضطرون إلى إغلاق أبواب “كاراجاتهم” في منتصف الليل، وهذا يُعرّض السيارات وأصحابها لشر مستطير.
وقد لاحظ صاحبي الذي أثار معي هذا الموضوع، أن أصحاب “العرس” ربما لا يقيمون وزنا لهذه الصعوبات، ولا يقدرون ما تحمّله المدعوُّون من عنت وتعب، لمشاطرتهم في فرحهم.
وإلا بم نبرر وقفة الضيوف بباب قاعة الحفلات لساعة أو ساعتين في انتظار خروج النساء وإسدال الستار على “ظُهرهم”؟
بم نبرر هذه الوقفة التي تُحرج الطرفين: الداعي والمدعو، عِلماً أن الدعوة تنصُّ على ساعة مضبوطة لانطلاق الحفل؟
إن هذا الأمر يتكرر، ويتكرر كثيرا إذا أقيم حفل نسوي، وحفل رجالي على صعيد واحد، وفي أمسية واحدة.
وتكراره بهذه الصورة الفجة، يترك أثرا في النفس لا ينمحي، لأنه يمس الإنسان في كرامته، ويصيبه في كبريائه.
وإذن ما العمل؟
قال لي صاحبي وهو يحاورني: هذا هو بيت القصيد في حديثنا هذا.
فإذا أردنا أن نعيد لحفلاتنا حلاوتها وطلاوتها، ونظامها وانتظامها، والبساطة التي كانت عليها أيام زمان، فلْنلجأ إلى التقليص: تقليص عدد المدعوين، والاقتصار على المائتين على أكثر تقدير، وتقليص ساعات الاحتفال، واختزالها في خمس أو ست ساعات على الأكثر.
وبما أن الظروف الأمنية لم تعد تساعد على السهر إلى وقت متأخر من الليل، فيستحسن أن تنطلق احتفالاتنا بعد صلاة العصر بقليل، لتنتهي في الثانية عشرة ليلا على أكثر تقدير.
فالله جعل الليل لباسا، وجعل النهار معاشا، فلا بأس إن قُدّم توقيت حفلاتنا، ليوفر الطمأنينة للداعين والمدعوين على السواء، وليخفف من هذا الضغط النفسي الذي يُمارس على المدعوّ طوعا أو كرها.
فهل من متطوعين شجعان يفتحون لنا هذا الباب، لنلجه جميعا أو بطريقة تدريجية، توفر لنا الجهد والوقت والمال، وتعفينا من هذا الهرج والمرج، وتعيدنا إلى بيوتنا سالمين آمنين؟
مصطفى حجاج