يفيد لفظ التوثيق الإحكام والتثبيت، والتوثيق مشتق من الوثيقة وهي :
- ورقة تتضمن إثبات شيء من عقود ومعاهدات وغير ذلك..
- إطار مرجعي يضم إثباتات ومحاضر ..
- منهج لتدوين ما يتم عليه الاتفاق..
والتوثيق فرع مما سماه القدماء بعلم الوثائق؛ وفي هذا المعنى يقول الفقيه الونشريسي في كتابه “المنهج الفائق والمنهل الرائق في آداب الموثق وأحكام الوثائق : علم الوثائق من أَجَلِّ مَا سُطِّرَ فِي قِرْطَاسٍ ، وَأَنْفَسِ مَا وُزِنَ فِي قِسْطَاسٍ.
وقد أصبح التوثيق آلية وظيفية في كل المجالات العلمية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ..ومن هذه الوظيفة المتعددة اشتقت تسميات من قبيل: التوثيق التربوي والتوثيق الفني والتوثيق الإداري..
وهو يعني جمع وتصنيف و تنظيم البيانات والحقائق من أجل الاستئناس بها أو تحليلها بهدف التطوير والتحقيق وغير ذلك اعتمادا على معايير إتقان تضمن تخزينا يتيح الدقة والسرعة وتيسيير الاستخدام بالنسبة لفئات عريضة من التلاميذ والأساتذة والإداريين والخبراء..
ومن أهداف التوثيق في المجال التربوي والتعليمي:
- توفير المعلومات وتيسيرها..
- تنظيم وإحكام العمل..
- تجنيب ذاكرة المؤسسات من الضياع والتلاشي..
- رفع مستوى التدريس..
- تجويد أداء المكتبات المدرسية والمختبرات العلمية..
- تحقيق المشاركة المعرفية..
- الاستفادة من تراكم الخبرات والتجارب..
وتعنى منظومة التربية والتكوين بالتوثيق بهدف تطوير الأداء وتأهيل الإدارة التربوية حتى تكون مستجيبة لحاجياتها،محيطة بالأطر المرجعية؛ تشريعا وتنظيما وترتيبا يرقى بمهام التواصل..
وإذا كان التوثيق علم السيطرة على المعلومات المتضمنة في أنواع من الوثائق المكتوبة والمرئية والصوتية والصورية والرقمية فهو جدير بأن يكون مادة من مواد التكوين في كل مراكز التكوين والمعاهد والكليات وصولا إلى تفعيل الحق في المعلومة وطرائق الاستفادة منها.. والتوثيق بهذا المعنى استراتيجية تربوية تمس فئات عريضة تعاني من نقص في التكوين التوثيقي وما يفتحه من حقوق ذات صلة ببناء المواطنة بدء من المستويات الدنيا في التعليم إلى أعلاها..
والتوثيق في مؤسسة تربوية تعليمية يمكن أن يشمل قطاعات واسعة من قبيل:
- تاريخ المؤسسة..
- الملفات الشخصية لتلامذتها وأساتذتها وأطرها الإدارية..
- المذكرات والدوريات والمراسلات..
- الصور والأشرطة الصوتية والمرئية..
- المخطوطات والكتب..
والملاحظ – مع الأسف- أن جل المؤسسات التربوية والتعليمية تعاني خصاصا كبيرا في هذا الجانب، والحال أننا نعيش في زمن يفتح أمامنا إمكانيات لاستدراك هذا الخصاص عن طريق البرمجة الرقمية..
ومن أجل تحقيق مطمح التوثيق التربوي الهادف فلا مناص من أن تسند هذه المهمة إلى أطر مختصة في إطار استراتيجية شاملة ودقيقة تعتمد الأرشفة المتعددة المشارب والمداخل والمتنوعة الآليات والتقنيات والمستندة إلى الرقمنة الدقيقة وصولا إلى نمذجة التوثيق؛ نمذجة تقرب المعلومة، وتحقق الفائدة وتربح الوقت..
وبالجملة فالتوثيق مرتكز أساسي في كل أنماط التواصل،لكنه يحتاج إلى خبرة الممارسين وإلى الفضاء الملائم وإلى توفير الموارد المالية المطلوبة وتأهيل العنصر البشري وتغطية حاجيات التجهيز..وهو يحتاج أولا وقبل كل شيء إلى تفعيل وتفصيل البرامج والخدمات على أساس من الحكامة التربوية الشفافة.
فدوى أحماد