دعوة جميلة من جمعية حماية الأسرة المغربية، ارتأت من خلالها فرض إجبارية محو الأمية في المملكة، لأنها مازالت متفشية رغم بذل الجهود، منذ أكثر من نصف قرن، وما كلف ذلك من ميزانية الدولة، إضافة إلى مصادر التمويل الدولية.والأجمل هو الاهتمام والأخذ بهذه الدعوة التي جاءت في بلاغ أصدرته الجمعية العريقة حول “الظرفية الاجتماعية في ظل أزمة فيروس “كورونا” إلى مختلف وسائل الإعلام، اعتبرت فيه أن “التربية والتعليم يعتبران مدخلين أساسيين لرفاه الفرد وتنمية المجتمع وإنعاش الاقتصاد، ويبدأ الأمر من خلال فرض إجبارية محو الأمية، لأن نسبتها الكبيرة (حوالي 29 في المائة) حاليا، يُعتبر مرضاً مزمناً يجب معالجته في أقصر مدة.ويسعى المغرب إلى خفض نسبة الأمية في البلاد إلى أقل من 10 في المائة بحلول سنة 2026 وإلى 20 في المائة بحلول سنة 2021، وتعمل على تنسيق الجهود لتحقيق هذه الأهداف الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، حيث تُساهم كل من وزارتي التربية الوطنية و الأوقاف وجمعيات المجتمع المدني، في مساعي محو الأمية في المملكة.
وتُعتبر النساء أكبر الفئات المقبلة على برامج تعلم القراءة والكتابة.وأوضحت الجمعية ذاتها أن المقصود بالقضاء على الأمية ليس فقط تعليم الأبجدية القرائية والكتابية، ولكن تعزيزها بمضامين تسعى إلى توعية المواطنين وتلقينهم مقومات الوطن الحضارية والتاريخية والجغرافية، والقوانين المنظمة للعلاقات بين المواطنين والمؤسسات، مثل تبسيط وشرح مضامين الدستور.وتعتبر لطيفة بناني سميرس، رئيسة الجمعية، أنه “من غير المعقول بعد مرور حوالي ستة عقود على الاستقلال وصرف أموال وتكوين جمعيات وإنشاء مؤسسة عمومية خاصة بمحاربة الأمية أن تبقى في نهاية المطاف الأرقام الرسمية تشير إلى نسبة الأمية بحوالي 30 في المائة، دون نسيان وجود أنواع أخرى من الأمية، الناتجة عن انقطاع التلاميذ عن الدراسة في أوقات مبكرة، سواء في الابتدائي أو الإعدادي.وزادت رئيسة الجمعية ذاتها: “نحن في فترة الحَجر الصحي والكثير من الناس لم يستوعبوا هذا المفهوم وهو ما نتجت عنه اعتقالات ومحاكمات، بسبب خرق مقتضيات حالة الطوارئ الصحية، وهذا يعني غياب وعي مجتمعي”.
إذن، إذا لم يتم استيعاب هذا من طرف المواطنين، فإن النموذج التنموي المرتقب يظل محدود النجاح في غياب مستوى فكري معين لديهم لتقييم وفهم الأشياء التي تروج حولهم، ولجعلهم مسؤولين بحق وحقيق، مع ضرورة ـ وهذا مهم جدا ـ تحقيق توازن في دخل المواطنين وكذا تقليص الفوارق بين فئات المجتمع، والحد من نسب الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية للأسر، من خلال تقديم دعم مباشر للأسر المتوسطة والفقيرة ودعم خاص لتكفل الأسر بالأطفال أو المسنين المتخلي عنهم. وهذه الظواهر لم يتغلب عليها المغرب، رغم الإمكانيات الهامة المرصودة للمؤسسات الاجتماعية، سنوياً، كما أن تزايد عددها يؤثر على تماسك الأسر، على اعتبار أن هناك مؤسسات تحل محلها. إلا أن الوضع الحالي يؤكد للجميع أن هناك أولويات أساسية، يجب تسخير كل الطاقات الممكنة من أجلها وهي التعليم والصحة ومحاربة الهشاشة بشقيها، الاجتماعي والاقتصادي”.
• محمد إمغران