معالم ومكونات النظام التربوي والتعليمي بعد الاستقلال:
خلفت السياسات التربوية والتعليمية لنظام “الحماية” أنماطا ونظما متعددة من حيث برامجها ومناهجها ومقرراتها ولغاتها .. مما كان له تأثير عميق لسن سياسات جديدة كان الهدف منها بناء صرح الأمة المغربية بعد حصولها على الاستقلال السياسي.
وجد المغرب نفسه غداة الاستقلال السياسي أمام خليط من نظم تربوية وتعليمية.. ومن ثم كان الانشغال مرتكزا على وضع سياسات بديلة محكومة بجملة مبادئ هي:
- التعميم:
ومؤداه قبول أكثر ما يمكن من التلاميذ، وهو واقع فرض نفسه أمام الضغط الشعبي غداة الاستقلال ..
- المغربة :
وتعني تغطية الخصاص الموجود وقتئذ في الأطر التعليمية وتحقيق مغربة شاملة اعتمادا على أبناء البلد..
- التوحيد:
وهو ترجمة لرغبة في إخضاع المؤسسات التربوية والتعليمية لسلط ومناهج وبرامج موحدة من حيث الأهداف والغايات واستنادا إلى ثوابت البلاد ومقوماتها الحضارية ..
- التعريب:
والمقصود منه إزالة الهيمنة الفرنكوفونية وتوكيد جوهر الانتماء إلى المقومات الأصيلة للتنمية التربوية والتعليمية والثقافية والعلمية..
وإذا كانت جل هذه المبادئ قد استنفذت وظائفها الظرفية..فإن النظم التربوية التعليمية بالمغرب بعد ستة عقود ونيف مازالت تعاني من صعوبات وإكراهات لتثبيت نظام تربوي وتعليمي يستجيب لتطلعات وحاجيات الأمة المغربية، ومن بين ذلك:
- التكوين المحدود من حيث أعداد المستفيدين من الأطفال الممدرسين سواء في:
- التعليم الأولي، حيث مازالت أعداد لا يستهان بها خارج تفعيل هذا الحق في المنظومة..
- التعليم الابتدائي،حيث ما زالت نسبة التمدرس لم تغط الحاجيات المطلوبة..
- الأمية، حيث ما زالت التقديرات تشير إلى أن ثمة نسبة كبيرة من المواطنين الذين لا تتجاوز أعمارهم عشر سنوات يعانون من هذه الآفة رغم الجهود المبذولة في الوسطين الحضري والقروي..
- التكوين المستمر الهامشي، رغم تزايد الحاجة في مجال التكوين والتربية تمشيا مع التنميتين الاقتصادية والاجتماعية فما زالت نسبة كبيرة من التلاميذ في مجموع البلاد خارج الاستفادة من تعميق المعارف وتجديدها وعدم إتاحة الفرص لذلك باستثناء بعض الفرص الهامشية، وينطبق هذا الواقع على المدارس العمومية والخصوصية..
- النظام التربوي غير الشامل، ويعني هذا انعدام عدة أنواع من التكوين لسد حاجيات القطاعات المختلفة..ومن أجل تغطية هذا الخصاص يتم اللجوء إلى تكوين المتخصصين في مجالات مختلفة خارج المغرب مما يكون سببا في :
- ضياع رأس مال بشري و إمكانات مؤهلة..
- هدر العملة الصعبة..
- هجرة الأدمغة..
- صعوبة التكيف مع الواقع المغربي بعد العودة لكون التكوين لا يتماشى مع واقع المعطيات الاجتماعية والاقتصادية المحلية..
- ضعف البحث العلمي في المجالات التربوية والتعليمية: ويترتب عن هذا الضعف:
- تبني قرارات أو حلول جزئية أو ظرفية بدل تثبيت استراتيجيات علمية تكون نتاجا لدراسات عميقة ومتخصصة..
وبالرغم من ارتفاع حجم الميزانيات المرصودة وضخامة الوسائل المادية والبشرية، فإن إكراهات وأنماط خلل مازالت تؤكد حقيقة كبرى هي انعدام التوازن :
- على مستوى الطلب..
- على مستوى العرض..
- بين العرض والطلب..
- بين مختلف شعب التكوين..
- في الهرم التعليمي..
وهذا كله يبرز ضمورا في المردودية ومشاكل عدة تؤدي إلى الرسوب أو الانقطاع؛ وظاهرة الانقطاع ذات طبيعة حادة من حيث خطورتها خاصة في العالم القروي..
ولا يخفى على الممارس والمهتم في كون أسباب الثغرات وعدم التوازن تعود إلى:
- غموض الأهداف العامة..
- عدم ملاءمة النظام التربوي والتعليمي لحاجيات المستهدفين..
- عدم صلاحية البرامج..
- عدم صلاحية الطرق التربوية المتبعة..
وفضلا عن هذا ينضاف عامل ضعف الوسائل البشرية سواء من حيث الكم أوالكيف وقلة التجهيزات الأساسية والوسائل التعليمية وضعف الموارد المالية وضعف التدبير الإداري والتربوي مما يزيد في تفاقم الأزمات والمشاكل..
والخلاصة، إن النظر الموضوعي في النظام التربوي والتعليمي بالمغرب ما زال غير مستجيب لتطلعات المواطنين ولمستلزمات التنمية الاقتصادية المنشودة.