مدخل:
عرف النظام التربوي والتعليمي بالمغرب محطات ذات صلة بالواقع التاريخي، مما ولد اجتهادا من أجل التصحيح والنهوض وتجاوز الثغرات..
ومن المحاولات في إصلاح نظم التربية والتعليم ما قام به السلطان محمد بن عبد الله العلوي من أجل إصلاح المناهج الدراسية، وانتقاء الكتب التعليمية على أساس العودة إلى الكتاب والسنة.
وأصدر السلطان العلوي في هذا الصدد مرسوما نقرأ معطياته عند عبد الرحمن بن زيدان في كتابه “مفاخر الدولة العلوية” .
و أهم هذه المعطيات:
- الرجوع إلى الكتاب والسنة..
- مناقشة النصوص..
- ضبط الغريب ..
- بيان المشكل ..
- الابتعاد عن قضايا علوم الكلام والمنطق والفلسفة..
- الابتعاد عما كتب من غلو في بعض المصنفات ذات المنزع الصوفي..
والجدير بالتذكير أن السلطان محمد بن عبد الله كانت له مشاركات علمية من خلال تآليف: الفتوحات الإلهية، وكتاب إدراك الأماني الذي اضطلعت بالإشراف على تحقيقه الدكتورة جميلة رزقي وهو كتاب واقع في خمسة وعشرين جزءا كتب بخط ناسخه عبد القادر بن عبد الرحمن السلوي (ت1762هـ) .و يضم المؤلف قصصا وأخبارا مختصرة ومطولة من كتاب الأغاني مع بعض الشرح لبعض المواقف الطريفة الفريدة للصحابة والتابعين والشعراء ونظرات نقدية لمؤلَّف الأغاني..
وقد ارتأى السلطان محمد بن عبد الله في مؤلفه أن يفتتح كل سفر من الأسفار الخمسة والعشرين بشاعر كبير من فحول الشعراء أو أحد الكبراء أو سيد من السادات الأمراء من شعراء الأندلس والمغرب ، حيث أعاد ترتيب تراجم الكتاب بالتقديم والتأخير؛ يقدم من يستحق التقديم ويؤخر من يجب في حقه التأخير، حيث نجد المؤلف قد ابتدأ في الجزء الأول بالصحابي حسان بن ثابت(ت54ه)وفي الجزء الثاني بكعب بن مالك، والثالث بالحسين بن علي بن أبي طالب(ت61ه) والرابع بالنابغة الجعدي(ت50ه) والخامس بالمغيرة بن شعبة(ت50ه) ..كما أضاف المؤلف لإدراك الأماني من كتاب الأغاني الجزء الثاني تراجم أخرى منتقاة لعدد من كبار الأدباء والعلماء لشعراء مشهورين ومغمورين ، وأهم أشعارهم وطرائفهم ممّن تحسن إضافته، وتستحسن روايته ودرايته،يكمل به بديع مجالها ، ويتسع في ميدان الإفادة ومضمار الإجادة فسيح مجالها،كما هو الحال مع ابن رشيق القيرواني(ت456هـ) و الحريري صاحب المقامات ،وعرض لشرح الشريشي لهذه المقامات ، ونقل بعض نقوله ، كما ترجم للقاضي الأرجاني وهو من أعلام القرن الثامن الهجري..
ولقد نوقشت لحد الآن بعض أجزائه التي حققها الطلبة الاتية أسماؤهم: تورية أغبالو،زايد أوحني، فاطمة الزهراء داود وعبد الحق غالي لنيل شهادة الدكتوراه وما زالت الأجزاء المتبقية في طريق الإنجاز.
وكان هدف السلطان من كل هذا إصلاح البرامج والكتب وتخليص التعليم من النمطية على حساب تكوين الملكة..و مرسوم السلطان محمد بن عبد الله العلوي أقدم
وثيقة في إصلاح التعليم، وكانت له مجالس ومذاكرات في الموضوع تضم علماء، وتتم فيها مناقشات علمية وأدبية في الحديث والسير والأخبار و الفنون الأدبية، وقد لخص ابن زيدان كل ذلك..
وعلى هذا المنهاج سار السلطان مولاي سليمان مشجعا حركة التأليف المغربي..
وكان السلطان مولاي عبد الرحمان ينظم حفلا بحضور الأساتذة والطلاب،ويسأل الممتحن فإذا توفق عُيِّنَ في الطبقة الرابعة من العلماء..وفي عصره بدأ الاتجاه لدراسة العلوم والرياضيات والفيزياء.. وألزم بعض علماء عصره بتدريس علوم التنجيم ، كما أنشأ مدرسة المهندسين بفاس ..
وكان السلطان محمد الرابع يرى أن أفضل طريق لمواجهة الخطر الأوربي هو التسلح بالعلم الحديث،فشجع على دراسة الحساب والعلوم والهندسة والتنجيم والجغرافيا والفنون العسكرية،وجلب المجاهر والساعات الفلكية. كما ترجم كتاب “نيوتن” في الفلك بمساعدة ترجمان إنجليزي، وترجم كتاب “لالاند” في علم الفلك، ووجه بعثة من طلاب الجيش بالصويرة لدراسة الرياضيات والهندسة بأوربا، ووجه بعثاث إلى مصر ..
وأما السلطان الحسن الأول فقد عزز توجيه البعثات العلمية إلى الخارج، وأنشأ مدرسة دولية بطنجة مختصة بتدريس الحساب والهندسة والجغرافية والتنجيم واللغة الأجنبية.
وقد تخرج من المعاهد الأجنبية الأوروبية والعربية عدد كبير من الطلاب ( ويمكن الاستفادة مما كتب في هذا الصدد على يد المرحوم محمد المنوني).
فدوى أحماد.