يشهد عالمنا تطورا سريعا دقيقا ومتناميا في مجالات حياتية تستدعي الاستناد إلى عيارات أو معايير ..
إن المشتل التربوي والتعليمي هو الإطار الطبيعي لاعتماد نظم قادرة على الاستجابة لمنطق هذا التطور الذي يجعل حياتنا تعرف تحديا كبيرا..
لا خير في نظام تربوي وتعليمي عاجز عن تأهيل متعلميه وعدم تمكينهم من المهارات والقدرات التي تسمح لهم بخوض غمار منافسة آخذة في الشدة والتعقيد..
النظام التربوي والتعليمي المطلوب هو الذي يمنح الفرص الوظيفية المطلوبة في التحصيل والابتكار والإبداع لمواصلة مسير يسمح بولوج سوق الشغل..
يتأكد إذن أن المقصد والمراد هو الجودة التعليمية التي تراعي الخصوصيات السيكولوجية والمعرفية والاجتماعية والثقافية لتحقيق ما هو مسطر في نظام التربية والتكوين.. ولا يتم ذلك كله إلا باعتماد المعيار بما يفيده من آليات تسمح بالقياس والتسوية.. والمعيار بمعنى أوضح هو النموذج المشخص والمقياس المجرد لما ينبغي أن يكون عليه الشيء؛ وهو في النظام التربوي والتعليمي ميزان للمواد الملقنة للمتعلمين..
اهتم المربون ببيداغوجية المعيار، وهو مصطلح انتقل من مجالات العلوم الاقتصادية والاجتماعية إلى مجالات العلوم النفسية والتربوية والديداكتيكية الموظفة في اختبارات الذكاء ومعرفة الاتجاهات والميول وتقويم المردودية أو الحصيلة التعلمية/التعليمية لدى المتعلمين في شتى مواد الدراسة وأنواع المهارات..
ومما فرض اعتماد المعيار في نظم التربية والتعليم هو واقع المنافسة وتحدياتها ..
إن المدرس مسؤول على :
- بناء عملية التحصيل ..
- تقديم نتائج التحصيل..
ويلجأ المدرس طبعا إلى ملاحظة وقياس المردودية بعد:
- تسطير الأهداف وتحديدها بدقة..
- تحضير الوسائل الكفيلة بتحقيقها..
وإذا كانت المردودية تترجم الحصيلة الدراسية والكفايات والقدرات في الوحدات الدراسية وفي شتى المهارات التي تسمح بالنمو الطبيعي، فإن الملاحظ أن ثمة جملة معيقات لهذه المردودية، منها على سبيل التركيز والاختصار:
- عدم انسجام وتلاؤم المقررات الدراسية والبرامج التعليمية مع خصوصيات المحيط السوسيوثقافي..
- عدم استجابة المقررات والمضامين للحاجيات الملحة للمتعلمين..
- تخلف المحتويات التعليمية عن واقع التطور العلمي والتكنولوجي الآخذ في الاتساع والتعمق ..
- اضطراب الكتب المدرسية في المستوى الدراسي الواحد..
- اتسام المقررات المذكورة بالكثافة والكم الكبير مما يجعلها عبءا على التلميذ والأستاذ في الآن نفسه..
- ابتعاد المؤسسات التعليمية عن غاياتها التربوية والاجتماعية والاقتصادية مما يوسع دوائر الخلل ويعمقها: الانحراف، الانقطاع، البطالة..
- ابتعاد المؤسسات التعليمية عن مقر سكنى التلاميذ خاصة في المناطق النائية..
- عدم صلاحية البنيات التحتية للمؤسسات التعليمية (حجرات الدراسة، مكاتب إدارية وصحية وترفيهية..).
- النقص الحاد في الأطر الإدارية..
- الفوارق الكبرى والصارخة بين التعليمين العمومي والخصوصي..
- ظاهرة الاكتظاظ مما يفتح أبوابا للشغب والعنف..
إن هذه المعيقات تستدعي إيجاد حلول جذرية لتفاديها نشدانا لتحقيق مردودية تعليمية قائمة على معايير التقويم للخروج من أوضاع العجز والبعد عن تحقيق الغايات للنظام التربوي المطلوب.
فدوى أحماد