بحرهذا الأسبوع، شهد المغرب حدثا بارزا، تجلى في أداء صلاة الاستسقاء بمصليات ربوع المملكة، بعد أن أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، يوم الاثنين، أن صلاة الاستسقاء ستقام بالمصليات والمساجد الجامعة بمختلف جهات وأقاليم المملكة يوم الثلاثاء 29 نونبرالمنصرم على الساعة العاشرة صباحا، وذلك تنفيذا للأمرالمولوي السامي لأميرالمؤمنين الملك محمد السادس، جريا على سنة جده المصطفى صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، كلما انحبس المطر، حيث كان لابد في الظرفية التي يطول فيها الجفاف من التخشع والتضرع إلى الباري جلت قدرته، أن يسقي عباده وبهيمته، وينشر رحمته، ويحيي بلده الميت، فهو سبحانه وتعالى الملاذ والمرتجى، “وهوالذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته”، كما جاء في نص بلاغ الوزارة الوصية.وفعلا، فالحدث بارزلما له من قيمة كبيرة، دينيا وروحيا وإنسانيا وبيئيا، فلواستجابت له سماء رب العزة وأمطرت”أهدافا غيثية “، فإن النتيجة ستكون مكتملة، تجمع بين ارتواء نفوس وقلوب الخلائق وأهداف ونجاحات المنتخب المغربي في المونديال العربي.. “الأمل.. والفرحة هي مكمولة”.
وصلاة الاستسقاء التي يستحسن المداومة عليها ليست غريبة عن المجتمعات الإسلامية، بل هي سنة مؤكدة، فعن عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: «شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قُحُوط (احتباس) المطر، فأمربمنبر، فوضع له بالمصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، فخرج حين بدا حاجب الشمس (ضوءها) فكبّر وحمد الله، ثم قال: “الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا الله، يفعل ما يريد، اللهم لا إله إلا أنت، أنت الغني، ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت علينا قوة وبلاغاً إلى حين”. ثم رفع يديه، فلم يزل يدعو، ثم حوّل إلى الناس ظهره، وقلب رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، فصلّى ركعتين» (أخرجه الحاكم وصححه)..
وحسب السلف الصالح وما ترعرعنا وكبرنا على سماعه، فإنه يُستحب قبل الخروج إلى صلاة الاستسقاء، التزام التوبة وتفعيل الصدقة والابتعاد عن المظالم والتسامح وإفشاء المحبة بين الناس وصيام ثلاثة أيام، ثم الخروج في اليوم المعين لذلك.. ويخرج الصبيان والشيوخ والعجائز ويباح إخراج حتى البهائم والأطفال الصغاروهذا هو بيت القصيد، فإلى أي حد نضع هذه المعاني والمفاهيم، نصب أعيننا، لكي يغثنا الخالق عز وجل ويرحمنا من فضله ؟ وما بالنا والذنوب متفشية في مجتمعاتنا ومنتشرة مثل الفطر ؟ ولنا إشارات قوية وصريحة في كتاب الله العزيزما يحثنا على تأملها وتدبرها: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّوَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”سورة الروم/4.. “وَأَنْ لَوِاسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا” سورة الجن/16 ..
وفي انتظارمعالجة ما بأنفسنا من “أمراض مجتمعية”، أرجوأن يفتح الله عَلَيْنا بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ..
محمد إمغران