لقد تأرجحت المفاهيم التي يطلقها الغرب على المسلم سواء كان من أصول عربية أو مهاجرة ، إلى مفاهيم ومسميات عدائية في خضم الأحداث والأزمات التي كان هؤلاء طرفا غير مباشر في لعبتها ، حيث تحولت الطروحات التي تتناولهم إلى موضوعات سياسية محضة يجب إيجاد حلول جدرية لها ، بحيث ينادي بعض المحللين والمعالجين للمسألة الامنية إلى استعمال الصرامة في معالجتها قد تصل حد الطرد الجماعي خارج الحدود ، تجريد الأشخاص من جنسيات بلدان الإقامة ، وقد تصل إلى حد الإعتداء الجسدي ، في حين يرى المعتدلون أنه يجب التعاطي لهذا المشكل بعقلانية ، حيث يجب أن يمر بمراحل لاحتواء المفاهيم الخاطئة التي يروجها المتطرفون اليمينيون ، وللحد من أخطار تصاعد موجة التطرف الديني وما يسببه من مشاكل يكون المسلمون أولى ضحاياها ، حيث في كل مرة يقدم فيه مختل إلى عمل إرهابي باسم الدين إلى توجيه اصبع الإتهام إلى عامة المسلمين والمهاجرين بغض النضر عن انتماءاتهم . في حين تحتاج فيه هذه المبادرات المعتدلة إلى دعم فعال من السياسيين ومن الفاعليين الإجتماعيين لتغيير المفاهيم الخاطئة التي تشوه من سمعة الإسلام والمسلمين وتجعل منهم مواطنين يشكلون خطرا على استقرار وسلامة بلدان الإستقبال ، وتعمق جروحا سببتها وتسببها عمليات إرهابية باسم الدين مما يدفع إلى تصاعد موجة من الإسلام فوبيا ، وأن هناك مسألة باتت تطرح نفسها وهي ” المسألة الإسلامية ” .
وأستحضر هنا مقولة المفكر إدغار موران Edgar Morin الذي سلط الضوء على المغالطات السلبية التي تصدر عن بعض المحللين لهذه المسألة ، بحيث تؤكد على فكرة أن العربي المسلم والمهاجر ما هو إلى عدو للمسيحيين وحلفائهم اليهود وأنه يشكل خطرا بينا ، وأنه من خلال كل الأحداث الدامية يريد أسلمة المجتمع الغربي وتحويله إلى دولة إسلامية رجعية تبيح قطع الرؤوس والإستعباد . بحيث تصلق بالعربي صورة المتدين ولا غير ، وبالمتدين صبغة المتشدد ، وبالمتشدد صبغة الإرهابي .
الإسلام فوبيا مصطلح جديد العهد مثله مثل اللوبينيست أي الإنتساب إلى مفاهيم الحزب اليميني المتطرف ولزعيمه
وهي مصطلحات أطلقها اليساريون الفرنسيون على هذه التنظيمات ، في حين لم يعد اليمينيون المتطرفون وحدهم من يركب على موجة الإسلام فوبيا في حربهم الدؤوبة ضد كل ما هو مختلف ، كل ما هو عربي أو مغاربي أومهاجر ، بل تخطى الحد إلى أن يصل إلى الأحزاب اليمينية المعتدلة التي اتخذت منه مطية في حروبها الإنتخابية للوصول إلى سدة الحكم ، وقد أكدت الأحداث التي عرفتها فرنسا وخصوصا المتعلقة بالرسومات الكاريكاتورية المسيئة للرسول ، وما تلاه من أزمات في المجتمع الفرنسي بلغ مداها إلى دول إسلامية والتي خلقت موجة من الغضب العارم بسبب الإساءة إلى الرسول بدافع احترام حرية الرأي والتعبير الذي ينص عليها الدستور الفرنسي ، والتي تزيد من تعميق الهوة بين المسلمين وبلدان اقامتهم ، في حين يزداد التضييق على حقوقهم وحريتهم في مزاولة معتقداتهم الدينية وخصوصاً خلطهم بمن يقومون بأعمال إرهابية بعيدة كل البعد عن روح التسامح والسلام والمحبة التي هي من دعائم الدين الإسلامي ، بحيث يحولهم محاربوا كل ما هو مختلف إلى مواطنين هامشيين من الدرجة الثانية يعانون البطالة والميز . بل تعداه إلى أعمال ترهيبية تطال الأشخاص ودور العبادة ، بل توجه أصابع الإتهام إلى كل من حاول تبرير أو سلط الضوء على أن أعمال الإرهاب لا تمثل المسلم الحق ولا الديانة الإسلامية ، وأن الغرض منها هو تعميق الهوة بين المواطنين ، وأن هذه الأحداث لا تستثني المسلمين أنفسهم ، والذين هم أولى ضحاياها .
بل يذهب بعض المحللين في خضم تناولهم لمسألة الإسلام فوبيا أنها لا تعالج المشاكل الجوهرية التي يعاني منها المسلمون بل تثمن الفوارق وتخندق المسلم بغض النضر عن أصوله في خانة الضحية والمجرم في نفس الوقت متناسية أنه مواطن له حقوق وواجبات كباقي المواطنين . بل تذهب إلى حد اتهامهم بأنهم لا ينددون كما يجب بالأعمال الإرهابية ، منهم من يتواطئ ويؤازر طروحات المتطرفين الإسلاميين ، مما يزيد من موجة العداوة لكل ما هو مسلم .
عزيز لعمارتي