تقنيات شد انتباه المتلقي
يشد الإشهار انتباه المتلقي بإشراكه في الرسالة، تارة بصفة جماعية وتارة أخرى بصفة شخصانية.
1/ في حالة إشراك الناس جميعهم، يلجأ الإشهار إلى إحالة مبهمة مستعملا المصادر (أصل الكلمات)، أو الضمائر بلا إحالات واضـحة (هو، هـي، وخاصـة ما يُبْنَى للمجهول)، التي يسعى المتلقي إلى التطابق معها. ويمكن الحصول على تأثير التطابق نفسه بواسطة الصَّمْت الذي يحيل إلى ضمير المتكلم أو ضمير الغائب.
أمثلة:
-بوجو 206. نستطيع أن نكون أيضا متأثرين في عصرنا.
-اختار سيلفيو بيرلوسكيني Silvio Berlusconi في حملة الانتخابات التشريعية لسنة 2001 في إيطاليا شعار: قوة حلم: تغيير إيطاليا. كل فرد يمكنه تبني هذا الشعار: من لا يملك أفكارا عن ما يجب تغييره لأجل تحسين الأمور؟
2/ يبحث الإشهار كذلك عن إشراك كل فرد شخصيا. و لهذا الغرض، يستعمل الضمائر، في صيغتي المتكلم والمخاطب (أنا، نحن، أنت، أنتم).
أمثلة:
-يقوم الإشهار للأسفار نحو النرويج على سرد بطيء للمزايا الفريدة لهذا البلد ، ويستنتج: نعم، أتمنى الحصول على الفهرس.
-عند الإشهار لعطر “J’adore” لكريستيان ديورChristian Dior، تكون الجملة التي تحيل إلى إشراك المتلقي هي نفسها اسم المنتوج: تقول المرأة الماثلة في ملصق لوحة الإشهار: أنا أعشق “j’adore“.
-إن هوية الضمير يمكنها أن تخفي التحول في الإحالة. مثال ذلك: قد يحصل أن بشرتكِ في حاجة إلى تغذية جيدة… إن مَرْهَم العلاج زيت أولاز Olaz… ينفذ في جلد وجهكِ بمجرد ما تستعملينه.. فالضمير الأول يحيل إلى القارئة، وما تلا ذلك من ضمائر يحيل إلى مستهلكة المنتوج.
في العمق، يطري الإشهار نرجسية المستهلك بالإلحاح على تَفَرُّدِهِ، الذي لا يقارن. من هناك ذلك الإشهار لبطاقة بوجو، التي تمنح الحق في تخفيضات على مكملات هذه العلامة التجارية: كل يوم “فيب” VIP! بطاقة بوجو تجعل منكم زبونا مميزا. وكذلك شانيل Chanel دائما وكتابه الصغير الأسمر الفاتح الذي “كُتِبَ على الخصوص لأجلكم”: توجد أشياء لا تصدق في شخصكم… كذلك يصور إشهار لمقاولة إعلانات الأثاث عبر الأنترنيت قاربا كبيرا من الخشب سُمِّي بنوح، مصحوبا بشعار: “لدينا جميعا منزل يشبهنا“. وما زلنا في الإشهار للأثاث دائما، يؤكد كوفمان وبرواد Kaufman et Broad: “إننا برؤيتك تعيش، تعلمنا كل شيء.” وأخيرا، هناك هذا المدح من الشركة التجارية لسيارة آلفا روميو Alfa Romeo، بجانب آلفا[1] 166 Alfa: أنتم تعرفون جيدا كيف تعبرون.
يوجد عدد آخر من هذه التقنيات التي تعمل على إشراك الآخر. بعضها يقوم على إبراز بداية حوار ما، بوساطة تحية (صباح الخير!)، وبوساطة سؤال (وإذا ثبت أن منتوجا لبنيا كان له تأثير على جمال البشرة؟، دانون Danone)، وبوساطة أُحجية، أو أكثر من ذلك بوساطة لغز.
هناك تقنيات أخرى تصطنع رد فعل القارئ: أسئلته المفترضة (ماذا ننظف بدُوُوماجيك؟ Duomagic)، واستفساراته عن توضيح مُكَمِّل(منتوجات العلاج الأكثر فعالية من منتوجات التجميل؟ كيف ذلك!!؟، ديكْليُور Decleor)، وارتيابه (المصاص الذي يعدني ب 20 في المائة من القوة الزائدة؟ أنا أرنو إليه!، طورنادو Tornado)، أو معاتباته (ماذا! سيارة سياط إيبيزا Seat Ibiza مجهزة بمحرك من طراز بورش Porsche قوته 85 خيلا بثمن 54900 فرنك! كان من الممكن أن تقولوا لي هذا من قبل سياط! Seat )[2]
ومن خلال هذه الاستراتيجيات، يروم الإشهار إرضاء حاجتين متناقضتين: الرغبة في أن يكون المرء مع الآخرين، داخل جماعة متآلفة أي (التَّوافق)، والرغبة في أن يكون متفردا ومختلفا.
أنواع الخطاب الإشهاري: مزيج من الخطابين الاستشاري والاحتفالي
إن الخطاب الإشهاري احتفالي واستشاري معا؛ أي إنه إطراء وحثٌّ، وصفٌ وحجاج. كلاهما مترابط: فالإطراء ضمنيا حثٌّ والعكس صحيح. يتعلق الخطاب الاستشاري بخصائص الموضوع، فيما يتعلق الخِطاب الاحتفالي أكثر بالقيم التي نفترض أن يجسدها.
تحتل الأوصاف مكانة مركزية؛ فهي طابع يقوم على المبالغة والإبهاج. فالموضوع يُقَدَّمُ بوصفه فريدا من نوعه ومصدرا لمتعة لا تنتهي.
أمثلة:
- إن الإشهار للهاتف النقال T28 s لشركة إيريكسونEricssonيصوره في الفضاء مثل قمر اصطناعي يدور حول كوكب مصحوب بعبارة توضيحية: مظهر الذكاء.
- إن الإشهار لجعة كرونومبورغ Kronenbourg يكتفي بصورة كأس من الجعة مصحوبا بهذا النقش sans réplique: كرو. الجعة. Kro la bière .
أما بالنسبة إلى الحجاج، فإنه بصفة عامة قد تراجعت درجته إلى المرتبة الثانية. في الإشهار للسيارات تُذكَر الخصائص التقنية بحروف صغيرة. بالنسبة إلى ألفا روميو 156 يمكننا أن نقرأ ما يأتي: وسادتا السلامة الجانبيتان، والتكييف الآلي، والمقود ومغير السرعة من الجلد، إلخ.
” الحجاج” الإشهاري
- صيغ الإقناع
1 . الإشهار يقنع بالعاطفة أكثر مما يقنع بالعقل.
إن الإقناع في الإشهار يمليه الهدف المتوخى منه مثلما يمليه موضوعه.
- هدف سفسطائي
إن الهدف المعين هو العمل على البيع وعلى الإقناع القسري لشراء المنتوج. ومن غير المهم أن يحصل المستهلك على المنتوج لأنه مقتنع بمزاياه أو بفعل انجذاب وجداني. إن الإشهار ذو طبيعة سفسطائية: تؤخذ الفاعلية وحدها بعين الاعتبار أما الحقيقة فلا شأن لها في ذلك.
- نجاعة الأهواء
والحال أنه عند البيع يكون من الأنجع إثارة مشاعر المستهلك أكثر من اثارة عقله. فالأولوية هنا للباطوس على اللوغوس. ولذلك أسباب عدة. بداية، لأن المُشَهِّرين يريدون أن يكونوا واثقين من تأثيرهم. وإن استدعاء الحس النقدي أمر مشكوك فيه للغاية، وليس له أبدا من ناحية أخرى أي معنى في هذا الإطار. وتبعا لذلك لا يكون من النباهة محاولة التغلب على لا مبالاة المتلقي بأن فرض عليه بذل جهد التفكير للحكم على حجاج ما. على العكس من ذلك، تشد الطريقة المسلية والحُلْمية الانتباه بسهولة، وتُخمد أي اعتراض نقدي. وأخيرا يكون العقل عاجزا عن التغلب على الأحكام المسبقة.
وباختصار، من الأفضل تجاوز الوعي التأملي إلى التأثير في الغرائز: إننا نجدها عند كل شخص، ونتيجة إثارتها مؤكدة جدا. إن مهمة المُشْهِر تكمن في اكتشاف اللغز النفسي المناسب للمنتوج. وهنا يُشَكِّلُ الحساب النفسي دائما منطلقا للمسير البلاغي. وقد ساق أوليفيي روبول Olivier Reboul مثالا على ذلك إشهار زيت السيارات: “ضعوا نمرا في محرككم”. هذا الشعار يمكن أن يشكل موضوع تأويل ثلاثي يكون في الوقت نفسه واعيا: “هذا الزيت فعال”، وشبه واع: “بفضله، أتجاوز الجميع”، ولا واعيا: “أنا هو النمر.”
ج) موضوع لا عقلاني
إن موضوع الإشهار ذاته يستدعي التلاعب بالأهواء. فاختيار منتوج ما في الغالب، لا يتعلق بالمعايير العقلية، والخصائص الموضوعية، ولكن يتعلق بـ”الأذواق والألوان”، وبالتفضيلات الفردية. لنأخذ، على سبيل المثال، عطرا، أولباسا، أو وجهة سياحية لقضاء العطل. وعلاوة على ذلك، فللمنتوجات المتنافسة بصفة عامة خصائص تقنية مماثلة. مثل: السيارات، والأواني، والساعات. فالوسيلة الوحيدة لإجراء الفروق بينها هي التلاعب بالعواطف. وفي النهاية، يسعى الإشهار إلى أن يخلق حاجيات مصطنعة جديدة أو زائدة.
طراز ألفا: نوع من السيارات الإيطالية الفخمة.[1]
[2] Tous ces exemples sont cites par Adam et bonhomme, op,cit,p. 38-41.
عبد الواحد التهمي العلمي