اختير يوم 5 دجنبر يوما عالميا للاحتفال بالتربة، كل سنة، والخوض في شؤون هذه التربة وأمورها، لأنها بمثابة أكسيرالحياة بالنسبة للإنسان وبيئته على وجه العموم، بل ولأنها تلعب عظيم الدورفيما يتعلق بالأمن الغذائي وارتباطه بالحياة المستقبلية للكائن البشري، على مستوى الحبوب والمحاصيل الزراعية المهددة بالتراجع الكبير، خلال بضعة عقود القادمة، بالنظرإلى أن أكثر من ثلث التربة بالعالم يمكن اعتباره في حكم المتدهور! طبعا وهذا الموضوع كبيرومعمق جدا، حيث تتداخل فيه مجموعة من العوامل والمؤثرات التي لها علاقة بالعلم وبإمكانيات كل بلد، بل وبالاقتصاد والسياسة العالميين في تعاطيهما مع مشاكل الأرض….
لكن ما تجدرالإشارة إليه، بهذا الخصوص، هونوع آخرمن تدهور وفساد التربة والذي ينتج عنه فساد في عقلية العديد من الكائنات البشرية، لأن نوع التربية وشكل البيئة وطبيعة محيطها هي أمورلها نصيبها الأكبرفي رسم ملامح المجتمعات ومدى قدرتها على البروز، إيجابيا، على جميع الأصعدة.ويصبح الأمرصعبا ومؤثرا في الحياة الاجتماعية والعامة للمواطن عندما تكون هذه الكائنات البشرية قد أسندت إليها مهام أومسؤوليات معينة، سواء في إدارة عمومية أو في مؤسسة خاصة أو في غيرهما، وذلك للمشاركة في خدمة هذه الإدارة، أولا، أو في خدمة المجتمع، ثانيا، وبنائه والدفع به قدما في شتى مناحي الحياة.لأن هذه الكائنات، بصريح العبارة، تكون مثخنة بالعقد والسلوكيات المنحطة التي رضعتها من نوع التربة التي عاشت فيها، ذات زمن. وبالتالي كيف سيكون تعاملها أو عطاؤها وقد قيل “فاقد الشيء لايعطيه” ؟ إلا أن المجتمع أجبرعلى التعايش مع هذا النوع من الكائنات السيئة، الموجودة في كل إدارة عمومية أو مؤسسة خاصة أو حتى في تنظيم سياسي.! وهذه الكائنات من السهل الحكم عليها وعلى شخصيتها أو قيمتها التي لاتساوي شيئا، وذلك من خلال إلقاء نظرة على محيطها الأسري، المصاب بالصدع، وعلى جس نبضات جورتها أومن خلال محيطها العملي الذي يتعايش معها على مضض، “لازين لا مجي بكري”.فهذه، إذا، أقصرالطرق لتحليل شخصية هذه الكائنات البشرية السيئة. وعلى الرغم من كل هذا، فإنها تحاول أن تمثل، بل وتجتهد في أداء أدوارالبطولة المثالية في مواقف معينة.
أكثر من هذا أنها تحاول أن تكون دائما في الواجهة، “بكل صنطيحة” فتتدخل فيما لايعنيها ولاتفهمه، نظرا لضحالتها الفكرية، بل وتحشرأنفها حتى في “الروائح” التي تضرها، ذلك أن “قلة الشغل مصيبة” كما يقال بالمفهوم الدارجي.والمصيبة الكبرى أنها تتمادى في حب الظهور، رغم تفاهتها، إما بممارسة “السلطة المريضة” بالانخراط في جمعية للمجتمع المدني أوبالترشح للعب أي دور كان، “المهم اللعب وباس وفين ما كان”.
وخلاصة القول، إذا كانت “التكنولوجيا” كما يقال قد حددت موقع هذا النوع من الكائنات على الأرض، يبقى عليها إذا البحث عن تقنية تحدد فيها موقعها في الحياة.
محمد إمغران