… هل هو انقلاب على الدستور و على العقد التشاركي للحكم في الإمارات العربية المتحدة ؟ أم هو تهميش جلّ حكام الدولة ؟ أو أنَّ ولي العهد أبو ظبي أغفل مسؤوليته ، و لم يُعرض الأمر على جميع أعضاء المجلس الاتحادي للدولة . موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني ، قضية كان ينبغي على صاحب هذه “المبادرة” أنْ يُخضعها للتصويت و بإجماع أعضاء المجلس ، تلك هي الإدارة الحكيمة ، و مسؤولية الحاكم . هو صديق الفلسطينيين الذي لا يتقاسم وجعهم ، حتى في ظلّ الغضب و السخط العربي-الإسلامي ، على هذا الحاكم . و لقد أغفل ذلك أم تغافل عنه . إنَّ الغفلة نومٌ خطير كالسارد ، وهو يجلس في الشمس ، ثمَّ إذا دخل خيمته (برْجه) لا يرى الأمر على حقيقته ، بل يرى الباطل في صورة حق ، و الحق في صورة الباطل . و قد أنكى هذا الأخير الجرح الفلسطيني قبل شفائه . فإعلان الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة على رفضه التطبيع مع الكيان الصهيوني جملة و تفصيلا . وهو الذي نهل العلم من الجامعة المصرية ، و سقيا النيل . و نهل أيضاً من روح ثورة يوليوز 1953م الناصرية ، بانضمامه متطوعاً إلى الجيش العربي المصري ، إبان حرب الاستنزاف ضدَّ المحتل الإسرائيلي لفلسطين .
– دعوة أمير الشارقة في رسالة وجهها إلى أعضاء المجلس الاتحادي ، يستنكر فيها و يعارض “صفقة” التطبيع الانفرادي ، بقرار خطير من ولي العهد محمد بن زايد حاكم أبو ظبي ، و محمد بن راشد حاكم دُبي . أبرز فيها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أمير الشارقة و حاكمها ، وهو يحثُّ فيها حكام إمارات عجمان و أمّّ القيوين و رأس الخيمة و الفجيرة ، على ضرورة تنسيق تحرُّك مشترك معه من أجل التصدي لعبث حاكم أبو ظبي خوفاً على واقع و مستقبل دولة الإمارات العربية “المتحدة” ، إذ بتفرُّد أمير أبو ظبي بقرارات خطيرة ، بتزكية من الدعاة ل التضبيع ، وهم المدلسين و علماء السلطة و الموظفين الظلمة .
– إنَّ الأمير إذا ابتغى في الريبة في الناس أفسدَتهم ، فتبقى الضمائر إلى أصحابها ، و إلى الله تعالى . ضمير د. سلطان بن محمد القاسم وهو يرفض التطبيع مع العدوّ الصهيوني ، على نحو محمد مهاتير رئيس ماليزيا (سابقاً) ، الذي أغلق أبواب ماليزيا في وجه كل الإسرائيليين ، و قد صار على نهجه أيضاً و عمل على تنفيذ ذلك الشاب عبد الرحمن الصادق وزير الشباب و الرياضة الماليزي ، وهو يرفض دخول الرياضيين الصهاينة قتلة الإخوان الفلسطينيين إلى الأراضي الماليزية للمشاركة في بطولة العالم للسباحة .
- نذر على نفسه حاكم الشارقة ، أنّه لم ولن يدخل أيّ إسرائيلي إمارة الشارقة . و إذ به يخرج عن صمته للتصدي لسياسة التطبيع السياسوية و هي البلاء و التعاسة . أسلوب الضبابية التي تتشكل بها مستويات سياسة الدولة ، إثر تغييب الرئيس خليفة بن زايد و أخذ منصبه محمد بن زايد وهو الابن الثالث ، و هذا الأخير عمل على تعيين أبنائه تدريجياً في دوالب الحكم . و تأتي “الطامة الكبرى” مؤخراً عندما طبعتُ أبو ظبي علاقتها رسمياً مع الكيان الصهيوني ، بعد إلغائها مرسوم يجرّمُ العلاقة مع إسرائيل . وهي (أبو ظبي) تستقبل طائرة “العال” الإسرائيلية التي انطلقت من مطار “بن غوريون” كاسحة الأجواء العربية السعودية لتحط رحالها بمطار أبو ظبي ، عاصمة الإمارات العربية “المتحدة” . و هل هذا الإخلال بالعقد التشاركي لسبع إمارات و نسف جوهره من مقررات مدرسة إبليس؟ معنى ذلك أنك تصارع الظل و تقاتل الأشباح . ألم تعلم أنَّ استراتيجية الكيان الصهيوني السرطاني البشع الممقوت هو بث بذور التفرقة و تمزيق الدول العربية ؟. أين رجاحة العقل و كرم المعشر ، و العقد التشاركي ميثاق شرف ، و عهد وفاء بين الإخوة ! و من أنذر فقد أعذر . نحن العرب أمة واحدة ، و ربّنا واحد ، و ديننا واحد ، و قبلتنا واحدة ، و رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم . فاعتبروا يا أولي الألباب . هل ذاكرة بعض العرب في سبات عميق ؟ لنستحضر مذبحة صبرا و شتيلا ، ، أو قضية مقتل الجنود المصريين العزل في صحراء سيناء ، أم إبادة الشعب العربي الفلسطيني و حصار غزة برّاً و بحراً و جوّاً . و على إثر ذلك أنشئتْ الهيئة التأسيسية لمقاومة التطبيع مع العدوّ الصهيوني . فانبجستْ منها لجنة وطنية داعية إلى ضرورة دعم ، و إبراز ما يتعرَّضُ له الشعب الفلسطيني من السادية الإسرائيلية التي تعمل على تهويد المقدسات الإسلامية و المسيحية ، و منه المسجد الأقصى المبارك . فعلى الحاكم السوي أنْ ينزع الغدد السامة من نفسه . و قد دعا الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة ، نخبة من المفكرين و القانونيين و الإعلاميين ، لإثبات المواقف العربية و الدولية لتنفيذ قرارات هيئة الأمم المتحدة و قرارات مجلس الأمن ذات الصلة . ثم إعادة صياغة قرار الميز العنصري للكيان الصهيوني ، الذي تمَّ إلغاؤه على إثر مؤتمر “أوسلو” ، و إنْ كان إلا خدعة صهيونية كشرط لحضور المؤتمر الذي بات ميتاً في مهده . فريضة قومية عربية-إسلامية تدعو العرب للتصدي إلى التطبيع بشتى أشكاله ، و بكافة الوسائل السلمية ، و هي من خدمات الأمة المصيرية . على العرب و المسلمين مسؤولية فضح الممارسات اليومية الهمجية للعدوّ الصهيوني على الأرض العربية المحتلة ، و تفنيد مزاعم اللوبي الإعلامي الغربي –الصهيوني ، ضدّ القضية الفلسطينية ، كردّ لعقدة الذنب الأروبي نحو اليهود ،و المحرقة النازية “الهولوكوست”. فالصهاينة يأخذون بنفس أيديولوجية “الهولوكوست” نحو الشعب الفلسطيني ، وهو آية في الغباء ، سوف يجنون ثمن أفعالهم . على بعض الحكام الخليجيين العرب ، بإدارة تتجلى في تدبير مصالح شعوبهم ، حتى لا تصطدم بالأهواء الانتخابية الأجنبية ، و تنذر بالنزاعات بين الأشقاء . هذا ما تروم و تخطط له سياسة الكيان الصهيوني ، والله أعلم بما يبيّتون.
– و لكم في عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم ، في حلول التوفيق و اتقاء الشرّ أحسن تمام . و إنْ قلنا ذلك نابع من ثورة الربيع العربي التي تتناوله الأجيال بعد الأجيال ، وهو ما زال في طور الولادة فالحضانة و الطفولة ثم الشباب الذي سمع صرخات المظلومين . فليعلم الطغاة المتقلبون على جمر الظلم أنَّ الفجر آت و الفرج على الأبواب .
– – و في الحديث القدسي : و عزَّتي و جلالي لولا شيوخ رُكع ، و أطفال رُضَّع ، و بهائم رُتَّع ، لخسفتُ بكم الأرض خسفاً .
– وهي معاناة مع أخ قاطع الرحم ، لا تستقرُّ عليه الصلة ، خوفاً من نور الشمس لينجلي الظلام . رحم الله أبي القاسم الشابي في رائعته :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة ~ فلا بدَّ أنْ يستجيب القدر و لا بدَّ لليل أنْ ينجلي ~ و لا بدَّ للقيد أنْ ينكسر
- الحسرة لمن فرَّط ، و قد نطق بها الحكماء ، ما تعاقبت الأيام و الليالي. فعليكم بتقوى الله في السرّ و العلن ..
عبد المجيد الإدريسي.