إن وضعية المرأة بالمغرب تحتاج أكثر من أي وقت مضى لالتفاتة وعناية كبيرتين، فهناك عدد من المتغيرات الاجتماعية التي يجب أن تأخذ ببالغ الاهتمام والحساسية. فوفق التقارير الإحصائية الرسمية الممثلة أساسا في المندوبية السامية للتخطيط، يقدر عدد النساء في منتصف عام 2018 بنحو 17.67 مليون؛ أي أنهم يمثلون أكثر بقليل من نصف سكان المغرب (50.1٪) ، وذلك بما يقرب من 49 ٪ من السكان الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، وتقريبا 51 ٪ من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 60 وما فوق.
فعلى مستوى التركيبة الأسرية شكلت نسبة أرباب الأسر من النساء ما يقارب 18.4 في المائة، ونسبة 22.8 في المائة منهن تعشن بمفردهن خلال سنة 2017. وهن أكبر سنا من نظرائهن من الذكور (50.1 في المائة سنهن أكثر من 54 سنة مقابل 37.4 في المائة من الذكور أرباب الأسر)، كما أوردت أن هاته النسوة تدِرنَ أسراً أصغر مقارنة بنظرائهن من الرجال. بالإضافة لذلك فإن 7 من أصل 10 نساء من أرباب الأسر هن أرامل أو مطلقات و65.6 في المائة منهن أميات والأغلبية (75٪) غير نشيطات.
وفي السياق ذاته، نسجل أن عدد ربات البيوت ارتفع بصورة أسرع بين النساء البالغات سن العمل بالرغم من التطور الذي عرفه المغرب خلال السنين الأخيرة في كافة المجالات، والذي نتج عنه ارتفاع الحاجيات من الكفاءات واليد العاملة، فمعدل النشاط النسوي لم يواكب هذا التطور، وهو ما يبرز استمرار محدودة نسبة النساء من السكان النشيطين، والتي تعود لأسباب عديدة منها على الخصوص: التوزيع التقليدي للأدوار، وتمديد التمدرس خاصة في الوسط الحضري، فضلا عن بعض الممارسات التمييزية في سوق الشغل. فقد بلغ معدل النشاط بالنسبة للنساء بالكاد نسبة 22.2 في المائة على المستوى الوطني، وهو ما يمثل بشكل نسبي، معدلا أقل من ثلث المعدل الخاص بالرجال (9. 70 في المائة).
أما فيما يخص معدل شغل النساء حسب طبيعة الأنشطة الاقتصادية، فإننا نجد أن النساء حاضرات في مجمل الأنشطة الفلاحية، وفي كل قطاعات الانتاج، وهو ما يوضح أن معدل نشاطهن يصل إلى 74 بالمائة في الوسط القروي، و34.11 بالمائة في الوسط الحضري. فقوة العمل النسائية تمثل 40 بالمائة من اليد العاملة الدائمة والموسمية في القطاع الفلاحي.
كما تظل أنشطة النساء هاته متمركزة بشكل واضح حول الأنشطة ذات المردودية والقيمة الضعيفة في سوق الشغل، وهو ما يعني استمرار مسألة التمييز الجنسي على مستوى الأجور، كما نشير أن اللواتي تابعن تعليمهن فهنّ الأكثر عرضة للبطالة. إذ تظل المقاولات الخصوصية متغاضية أكثر عن حقوقهن، ولا تحترم، في غالب الأحيان، الالتزامات الواردة في قانون العمل. كما تظل الوظيفة العمومية غير مؤنثة بما يكفي على مستوى القيادة، ويبقى وصول النساء إلى مراكز اتخاذ القرار محدوداً جداً. فالملاحظ كذلك، أن نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة المغربية عرفت انخفاضاً في السنوات الأخيرة، معلناً بذلك معدلات مخيفة إذ تشكل نساء المدن العاطلات عن العمل نسبة تقارب 82%.
فعلى الرغم من النقلة النوعية في سوق الشغل يبقى معدل البطالة على المستوى الوطني يمس أكثر العنصر النسائي بنسب2.10 في المائة مقابل 4.8 في المائة للرجال سنة 2012 ، مؤكدا أن التطور الاقتصادي والاجتماعي يستوجب تعزيز دور العنصر النسوي في استراتيجية التنمية ببعديها الاقتصادي والاجتماعي، باعتباره شريكا فعالا ضمن قوى الإنتاج والخدمات، الهادفة إلى تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.
وفي هذا الإطار، تم تبني استراتيجيات وبرامج تنموية كبرى توفر البيئة الملائمة لعمل النساء وولوجهن إلى عالم الشغل، باعتبار الولوج المنصف للنساء إلى حقوقهن الاقتصادية يمر عبر ولوج أفضل لسوق العمل، وللأنشطة المدرة للدخل، ولمراكز القرار الاقتصادي. ولقد كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الأساس لدعم الأنشطة المدرة للدخل، وإحداث التعاونيات، وتنشيط النسيج الجمعوي المجال، وفق مقاربة تقوم على الاستهداف وإعطاء الأولوية للفئات النسوية، بما في ذلك الجيل الجديد من الدعم الاجتماعي المبني على دعم المبادرات الخاصة النسوية على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال ظل لوقت طويل حكرا على الرجال.
الدكتورة سناء بلحسن