برز مفهوم التوجيه في البلدان المصنعة نتيجة ازدياد الحاجيات الوظيفية في مجالات سوسيواقتصادية. ويرتكز مفهوم التوجيه على مقولتي الانقياد والاتباع المؤسسين على دراسة قبلية تراعي الميول (Inclinations) والقدرات (Capacités). والتوجيه في المجتمعات المصنعة يروم:
- حسن إدارة الموارد البشرية..
- ضبط إعداد المهنيين لتأهيلهم صناعيا..
وأما التوجيه في المجال الدراسي فهو مكون رئيس من مكونات منظومة التربية والتكوين يسعى إلى تحسين المردودية التعليمية والرفع من جودة التحصيل الدراسي..
و معروف أن مصطلح التوجيه اختلف حوله علماء التربية؛ فبعضهم سماه توجيها علميا وبعضهم سماه توجيها مدرسيا فيما سماه البعض الاخر توجيها تربويا..
وهو بالجملة خطة وأساس وخلفية لتفييئ التلاميذ مراعاة لقدراتهم وميولاتهم واستشرافا لنجاحهم..
والتوجيه التربوي مرشد معين للتلاميذ في اختيار الشعب والمسالك التي تنسجم مع ميولاتهم واستعداداتهم وقدراتهم؛ مما ييسر عملية نجاحهم الدراسي..
وأهمية التوجيه كامنة في:
- تنمية القدرات التواصلية للتلاميذ..
- مساعدتهم اكتشاف مواهبهم ..
- مساعدتهم على تنمية وتطوير مكتسباتهم وقدراتهم وكفاياتهم..
- إقناع التلاميذ (بصفتهم فئة مستهدفة) بكونه إطار مساعد وميسر ..
- تفعيل العملية التربوية/ التعليمية بشكل متوازن يراعي حاجيات التنمية المجتمعية ويؤهل لولوج عالم الشغل..
- تجنب استفحال ظاهرة التسرب الدراسي..
- معرفة نقاط القوة والضعف في طرائق التدريس..
- ضمان حسن المردود الدراسي..
- حصول تفاعل إيجابي بين المؤسسات الدراسية والمؤسسات الاجتماعية..
- تحويل الفعل التعليمي من صيغته الإدارية الخالصة إلى مواكبة تربوية ونفسية تراعي الخصوصيات الفردية للتلاميذ..
وفي سياق الرؤية الإستراتيجية 2015- 2030 والقانون الإطار رقم 51.17 المعتمدين على منظور جديد لمنظومة التربية والتكوين قامت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بإلحاق التكوين المهني بالتعليم المدرسي بهدف تجسير التعليم العام والتكوين المهني مع توسيع العرض التربوي والمهني وتعزيز التوجيه..
وفي هذا الإطار نصت الاستراتيجية الوطنية للتكوين المهني 2021 على إحداث مسارات مهنية (Parcours Professionnels) بالثانوي الإعدادي وإرساء البكالوريا المهنية، وحرصت وزارة التربية الوطنية على إصدار دورية مشتركة في هذا المنحى من أهدافها تحديد شروط ولوج المسارات المهنية، ونصت في الآن ذاته على تكوين لجان جهوية للتوجيه المهني تفعيلا لهذه التدابير..كما أصدرت مذكرة بشأن إرساء العمل بمبدأ “الأستاذ الرئيس”، وهي في موضوع التوجيه التربوي والمهني والجامعي.
وبالجملة فقد شكلت تجربة التوجيه المدرسي والمهني عن بعد إحدى أهم الإجراءات في إطار الوضع الجائحي، حيث حققت إيجابيات وكشفت إكراهات يتعين العمل على تجاوزها لتطوير التوجيه عن بعد..
إن الحديث عن التنمية الاجتماعية والاقتصادية المنشودة يستدعي:
- اعتماد آليات عقلانية مرشدة وموضوعية لتوظيف أمثل للرأسمال البشري..
- العمل في ضوء توجيه تربوي ومهني محتكم إلى نظرة الخبراء في المجال بهدف تأهيل المستهدفين بما يناسبهم نفسيا وعقليا..
- الرهان على تحقيق اندماج المستهدفين في محيطهم الأسري والاجتماعي، وتحفيزهم على التكيف مع مجمل التغيرات التي تعرفها الحياة الانسانية خاصة في سياقنا المعولم والموسوم بسرعة وقوة التحولات والطوارئ.
فدوى أحماد