تفجرت في المرحلة الأخيرة حملة عداء ممنهجة تجاه الإسلام قادتها هذه المرة فرنسا تحت قيادة الرئيس “ماكرون”، وذلك من خلال تأكيده في بداية الأمر على سياستها القائمة على تشجيع حرية التعبير وحمايتها، وهو الأمر الذي سيدفع إلى إعادة ترويج رسومات مجلة “شارلي إبدو”، بل والحرص على ترويجها هذه المرة تحت غطاء رسمي، وبمظاهر أكثر استفزازية حيث تم عرضها على شاشات هائلة تظهر على واجهات بنايات شاهقة.
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه العالم أن يتعقل الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” ويدلي بتصريحات جديدة من شأنها أن تهدئ من تأجج الوضع الاحتجاجي الذي كان قد تفجر في مختلف بقاع العالم، خرج هذه المرة ليعلن عن عدم تراجعه عن الأمر، بل ويدلي بموقف مفاده مواصلة التمسك بحرية التعبير ولو كانت على حساب مشاعر دينية مقدسة لشعوب أخرى.
ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الرسول للإساءة، ولم تكون المرة الأخيرة. والمسلمون عبر التاريخ كانوا واعين بذلك، وتصدوا له بمختلف أشكال الحب المكنون للرسول البيب، ولم تنجح هذه الإساءات مطلقا في التقليل الحظوة التي يتمتع بها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في قلوب المؤمنين.
إيمانويل ماكرون وغيره يعلمون جيدا أنهم لن ينجحوا في مهامهم المغرضة من أجل فك ارتباط المسلمين بنبيهم الأعظم، ولذلك فما يقومون به من استفزازات متكررة للمشاعر الدينية الإسلامية ليس إلا تعبير عن الهلع الكبير الذي ينتابهم تجاه تنامي نسب اعتناق الإسلام في العالم بأسره، وفي فرنسا على وجه الخصوص.
لا يتعلق الأمر إذن بحماية” حرية التعبير” كما يحاول الرئيس الفرنسي ادعاء ذلك. وفرنسا منذ قرون وهي راعية لهذه الحقوق الكونية العظمى، بل إن المسلمين قد تفاعلوا معها وتبنوها لما وجدوا أن ليس فيها أي تناقض مع ما قد دعا إليه الإسلام من تكريم للإنسان. ونحن هنا لا نتحدث هنا طبعا عن الحريات ذات الطبيعة الشاذة التي رفضتها ديانات وفلسفات وعقائد أخرى قبل أن يعرب المسلمون عن تحفظهم بصددها. فلا داعي لأن يمثل “ماكرون” دورا سينمائي بأداء سيء وإخراج أكثر سوء حول حماية الحريات.
اليوم ينتشر “هشتاج” “إلا رسول الله” في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي جمع حوله مسلمي العالم كله، واتفاعل معه الناس بمختلف أشكال التعبير …بالقصائد، بالأغاني والأناشيد، بالروبورتاجات الوثائقية، بالأفلام السينمائية القصيرة، بالتدوينات النثرية…وغيرها. صوتهم الوحيد على اختلاف ألسنتها أنك الحبيب يا رسول الله، وأننا جميعا على نهجك العظيم الذي جئت من أجله كي تنشر السلم والسلام بين العلمين.
كم من نقمة تنطوي على نعم كثيرة.
لا أتصور أن ماكرون كان يتوقع أن خرجته الإعلامية المغرضة هذه ستجمع المسلمين من كل بقاع العالم على كلمة واحدة هي حبهم المتفاني المتواتر المتواصل لنبيهم محمد عليه صلوات الله وسلامه ما هبت النسائم وما لاحت على الأيك الحمائم.
عبد الإله المويسي