ظلام دامس يخيم على أجواء الصباح وكأن بداية الليل شرعت في إسدال قتمة سوادها، لكن الساعة تشير إلى الثامنة صباحا، الأمر الذي يترتب معه خلق نوع من الارتباك من طرف الأسر فيما يخص استعداد أبنائهم للذهاب إلى المدارس وهذا الأمر من النتائج السلبية لهذا التوقيت الذي ما فتئت كل الأسر تنادي بمراجعته، لكن لا جدوى من ذلك.
شرائح عديدة على مستوى الطلبة والأطفال ممن يعانون من هذا التوقيت (الساعة الإضافية) الذي يشكل ضرراً على هذه الفئات، الذين يتوجب عليهم الاستيقاظ مبكرا في جنح الظلام من أجل الاستعداد للذهاب إلى مؤسساتهم التربوية أي قبل اَذان صلاة الفجر وخاصة أن أغلب هذه المؤسسات توجد في ضواحي المدن وبعيدة عن مقر سكنى هؤلاء التلاميذ. وهنا يجب التمييز بين التوقيت التعليمي التربوي وعدم إسقاط قواعد المنظومة الاقتصاديةً الوطنية على المؤسسات التعليمية، إذ أن مجموعة من الفاعلين في المجال التعليمي والعديد من جمعيات الآباء وأولياء أمور التلاميذ ينادون بإعادة النظر في هذه الساعة الإضافية التي لها وقع سلبي على المتمدرسين وخاصة ذوي الأعمار الدنيا من التلاميذ.
وقبل مدة صرح الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومةً المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة في إحدى الندوات الصحفية بأن (الساعة الإضافية) هي موضوع نقاش جاد على مستوى أعضاء الحكومة، كما أنها واعية بالصعوبات التي تعترض الأسرُ من جراء هذا التوقيت وهي مستعدة في أي وقت لاتخاد القرار القاضي بإلغاء الساعة الإضافية، فقط القضية لها ارتباط وثيق بالظروف المناسبة.
في هذا الصدد وجّهت النائبة البرلمانية عن حزب فيدرالية اليسار فاطمة التامني، سؤالا كتابيا إلى شكيب بنموسىى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حول “التأثيرات السلبية لاعتماد العمل بالساعة الإضافية على التلاميذ والأسر على حد سواء”. وجاء في السؤال نفسه، أن “اعتماد المغرب على التوقيت الصيفي بشكل دائم، تحت ذريعة الاقتصاد والتعاملات التجارية ومواكبة التوقيت الأوروبي، أبان عن سلبيات كثيرة خاصة خلال فصل الشتاء”.
هذه السلبيات تكمن، وفق المصدر ذاته، في كون “التلاميذ والأطفال وأولياء أمورهم يغادرون بيوتهم في جنح الظلام بعد آذان الفجر مباشرة ويعودون إليها في الظلام كذلك، محملين بإنجاز واجباتهم المنزلية والاستعداد إلى الغد”، مردفا أن “هذه المعاناة تزداد أكثر في العالم القروي مع غياب النقل المدرسي، وصعوبة المسالك وبعد المسافة وهشاشة بنية الاستقبال”. وأمام هذا الوضع؛ طالبت التامني وزيرَ التربية الوطنية بالكشف عن “التدابير التي يعتزم القيام بها لوضع حد لمعاناة تلاميذ المؤسسات التعليمية وأسرهم جراء التأثيرات السلبية لهذا التوقيت على المستويات النفسية والاجتماعية والصحية والأمنية والمجالية”.
وللإشارة فإن الشبكة المغربية للتحالف المدني، ما زالت تلح في مناسبات عدة من مطالبة الحكومة الجديدة إعادة النظر واتخاد موقف صريح من الساعة الإضافية، التي تحولت وبشكل غير مسبوق من توقيت صيفي إلى توقيت دائم وملزم لشريحة عديدة من الأطفال والطلبة، دون الأخذ بعين الاعتبار المقاربة التشاركية في اتخاد قرارات تهم بالدرجة الأولى هذه الفئات. كما تساءلت الشبكة المغربية للتحالف المدني في نفس السياق، باستغراب شديد عن مدى استمرارية هذا التوقيت في المغرب، علماً بأن دولا عديدة ترتبط معه في إطار تبادل اقتصادي وتجاري قد قررت التوقف الفوري عن الاستمرار بتوقيت الساعة الإضافية بمجرد انتهاء موسم الصيف ولم تعتمد قط استمراريته بمجرد دخول موسم الخريف والشتاء.
كما استرسلت الشبكة بمطالبتها المتكررة للحكومة بالتوقف الآني والفوري من استمرارية العمل بالساعة الإضافية، في حين أن هذه الأخيرة لم تأخذ بعين الاعتبار مدى إلحاح مطلب العديد من الفعاليات في الموضوع، علما أن هناك مؤشرات تظهر بما لا يدع مجالا للشك بأن التوقيت المذكور ضرره النفسي والصحي أكثر من نفعه وأن استمرار الأذان غير الصاغية من طرف الحكومة تضرب عرض الحائط المقاربة التشاركية، داعية من خلال ذلك إلى تنزيل بنود العقد الإذعاني، كما تطالب الشبكة بفتح تحقيق نزيه وموضوعي حول الدراسة التي ادعت فيها وزارة الوظيفة العمومية انها أشرفت عليها وإخطار الرأي العام المحلي والوطني بالنتائج التي خَلُصت إليها تلك الدراسة ومدى التكلفة المالية التي صُرفت من أجله.
سهيلة أضريف