مما أضيف للمكتبة التراثية الريفية:
كتاب: “أنوار أولي الألباب مختصر الاستيعاب” للعلامة ابن الزهراء الورياغلي (كان حيّاً 710 هـ) .
قال محققه د يونس بقيان حفظه الله: “يعد هذا الكتاب من النوادر التي كانت محجوبة إلى أن وُفِّق الباحث إلى الوقوف على أصوله الخطية وكشف عنه الحجاب، وهو يمثل حلقة من حلقات كتب تراجم الصحابة عليهم صحائف الرضوان. لخَّصَ فيه مؤلفه ابن الزهراء الورياغلي كتابَ “الاستيعاب” للحافظ ابن عبد البر، وهذَّبَه وأعاد ترتيبه وتبويبه، وبلغت عدد تراجمه إحدى وثلاثين وأربعمئة وثلاثة آلاف (3431).
وقد ذكر أهل العلم أن مَقاصد التَّأليف التي يَنبغي اعتمادها سبعة؛ منها: أن تكون مسائل العلم قد وقعت غير مرتبة في أبوابها ولا منتظمة، فيقصد المطلع على ذلك أن يرتِّبها ويهذبها، ويجعل كل مسألة في بابها. ومنها: أن يكون الشَّيء من التآليف التي هي أمَّهات للفنون مطولًا مسهبًا فيقصد بالتأليف تلخيص ذلك، بالاختصار والإيجاز وحذف المتكرّر، إن وقع، مع الحَذر من حذف الضَّروري لئلا يخل بمقصد المؤلف الأوّل.
فإذا نظرنا إلى مقصد ابن الزهراء من هذه المقاصد، نجده مَزَج بيْن نوعين؛ فمنهجه كان قائمًا على الاختصار، وإعادة الترتيب؛ فلخصه وهذّب لفظه، وأسقط فضول الكلام المتكرر فيه؛ لتقرب بذلك فائدته ويسهل حفظه ويخف على الطالب جمعه. ومن أهم معالم منهجه:
- سار على منهج خاص به يختلف ترتيبه عما سار عليه ابن عبد البر، فقدم ابن الزهراء قريشًا في الذِّكر وثنَّى بأحلافهم ومواليهم، ثم ذكر الأنصار وأحلافهم ومواليهم، ثم ذكر العرب وأحلافهم ومواليهم، ثم ختم بالأفراد من اليهود أو الروم أو الحبش …
-
سار على منهج غلب عليه الرفع في الأنساب، فينتهي في النسب إلى أبي الصاحب وحده لا غير، إلا نادرًا.
-
ترك ذكر اختلاف الروايات في النسب والمولد والعمر وتاريخ الوفاة، فلا يذكر من ذلك كله إلا رواية واحدة هي الأشهر والأرجح لديه. إلا أن يأتي موضع لا يُستغنى فيه عن ترداد فيه زيادة معنى لعلة تكون هناك.
-
اقتَصر على ذكر الأحاديث دون سَندها.
-
اقتصر على ذكر بعض عيون فضائل ذوي الفضل منهم وسابقته ومنزلته بأوجز العبارة وأبلغها.
-
تعامل مع الأسماء المكررة في أصله الاستيعاب بطريقتين: فالمكرر في الاستيعاب نوعان؛ الأول: ما ذكره ابن عبد البر في أسماء الحروف وأعاد ذكره في الكنى لاشتهار الصحابي بكنيته، هذا النوع أثبته ابن الزهراء وعادة ما ينبه عليه بقوله: “سيأتي ذكره في باب الكنى”. والثاني ما كرره ابن عبد البر توهمًا أنهما عَلَمَين مختلفيْن، فلم يثبت ابن الزهراء منها إلا واحدًا ويدمج محتوى الترجمتين.
هذه بوارق تُجلِّي جانبًا من ألمعيَّة المؤلِّف، وتستـثير القارئ لسبر أغوار المؤلَّف للوقوف على مزيد معالم علمية منهجية”