نوقشت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، أطروحة الطالب الباحث: محمد سعيد بن يحيى، في موضوع: كناشة محمد المفضل بن محمد أفيلال دراسة وتحقيق.
وكانت اللجنة العلمية مكونة من الدكاترة: سعاد الناصر رئيسة، محمد كنون الحسني مشرفا، إبراهيم إمونن ويوسف ناوري عضوين. وبعد المناقشة العلمية منحت للطالب الباحث درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا، مع تهنئة اللجنة وتوصية بالطبع.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في محكم التنزيل:﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيَ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ، وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ،إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾،الآية 15 من سورة الأحقاف.
أحمد الله حمدا كثيرا حمد معترف بحقه، وأشكره جل وعلا على أفضاله ونعمه، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد خير أنبياء الله وصفوة رسله، وعلى الطيبين الأكرمين من أصحابه وآله، المهتدين بهديه في سائر أحواله.
أما بعد، أساتذتي الأجلاء الأفاضل أعضاء اللجنة العلمية الموقرة:
أستاذتي الفاضلة الدكتورة سعاد ناصر، رئيسة اللجنة
أستاذي الفاضل الدكتور: محمد كنون الحسني المشرف على الأطروحة
أستاذي الفاضل الدكتور: إبراهيم إمونن
أستاذي الفاضل الدكتور: يوسف ناوري
تحية طيبة عطرة مباركة مني إليكم، في هذا اليوم الأغر الأجل.
أقدم لكم عميق شكري وخالص امتناني لقبولكم مناقشة هذا العمل المتواضع، شاكرا لكم تعبكم في قراءة هذه الأطروحة وافتحاصكم لمحتوياتها، رغم الأعباء العلمية الثقيلة الملقاة على كاهلكم.
كما أغتنم هذه المناسبة العلمية لأحيي معكم الذكرى السنوية السادسة لوفاة أستاذنا وشيخنا جميعا فضيلة الدكتور عبد الله المرابط الترغي، الذي كان له الفضل في اختيار هذه الأطروحة والإشراف عليها في مستهلها قبل أن يأخذه الله إلى جواره.
فنسألك اللهم أن تعظم أجرنا فيه، وأن تجدد عليه الرحمات، وأن تنير قبره، وأن تجعله في جنتك آمنا مطمئنا. يا رب العالمين.
السيدات والسادة الحضور الكريم في مقدمتهم:
والِديَّ الذين تعبا في تربيتي، وبذلا الغالي والنفيس من أجل أن يشهدا هذه اللحظة العلمية، وحتى يقطِفا ما زرعا ويجنِيا ما حصدا.
أحمد الله غاية الحمد أن مد الله في عمرهما، وحقق أمنيتي برؤيتهما رفقتي في هذا اليوم، كما أسأله عز وجل أن يمتعني برضاهما وأن يسبغ عليهما من نعمه، ظاهرة وباطنة.
زوجتي العزيزة التي شدت من عزمي وتكفلت بكل أعباء الحياة من أجل مساعدتي على إنجاز هذا العمل.
أختي الغالية التي شملتني دائما بعطفها ودعواتها.
أخي العزيز الغائب عنا في ديار المهجر.
ابنة أختي، بثنية.
ولدي الغاليين ونور قلبي: علاء وأحمد.
ضيوفي الأعزاء:
الأستاذ الدكتور عبد القادر الخراز
الأستاذة الفاضلة حسناء داود، رئيسة مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة بتطوان
الدكتور إسماعيل شارية
الأساتذة أصدقائي في الدراسة كل واحد باسمه وصفته
كل من شرفني بالحضور
سلام الله عليكم جميعا
مقدمة:
يزخر التراث المغربي بالعديد من المخطوطات التي ظلت لقرون خلت صامدة في وجه الزمن، حبيسة المكتبات العربية والأجنبية، منها ما عرف النور وتم تحقيق متنه وإخراجه في حلة جديدة، استفاد منها جملة من الطلبة والأساتذة الباحثين، كل حسب تخصصه وغايته، ولا زالت العديد من جواهر المخطوطات رهينة لرفوف المكتبات الخاصة والعامة، تنادي في صمت من يستكنه حقيقتها ويكشف الغبار عن أوراقها، ويبعث نفسا جديدا في روحها، ويعمل من أجل إخراج تلك الدرر من مكنونها.
وتعد الكناشات من المخطوطات التي لا زالت تستحق من الباحثين المزيد من الدراسة والتحليل، من أجل الكشف عن خباياها وسبر أغوار خفاياها، خاصة وأنها متناثرة في مجموعة من المكتبات الخاصة والعامة، ولما تحمله في طياتها من أسرار دفينة قمينة بالتجلي والخروج إلى العيان في أبهى صورة وأسنى بيان.
1ـ موضوعُ البحث وخطته:
إن موضوع الأطروحة التي تقدمت بطلب إعدادها إلى شعبة اللغة العربية تكوين النص الأدبي العربي القديم هي كناشة لمحمد المفضل بن محمد أفيلال المتوفى (1304 هـ/1887 م) دراسة وتحقيق، وهي كناشة فريدة صيغت بخط المؤلف نفسه، موجودة بالخزانة الداودية بمدينة تطوان، وهي تحمل رقم: 158.
وعلى الرغم من كون كناشته غنيةٌ في مواضيعها، بين التاريخ والأدب والشعر والأدعية والهندسة والطب وغيرها، فقد آثرتُ في البداية أن أقف على المكون التاريخي الذي بفضله اشتهرت الكناشة، إلا أنني حرِصتُ على إبراز مجموعة من السّمات الأدبية التي ميزت شخصية المفضل أفيلال بما يقتضيه التخصص لتكوين النص الأدبي العربي القديم، ومن بين أهم ما حاولت تسليط الضوء عليه كون المفضل أفيلال لم يكن شخصية عادية في مجتمعه، فقد كان أديبا متعدد المواهب، موسوعي الفكر والثقافة، ويؤكد هذا الطرح ما تضمنته كناشته من مواضيع تُبرِز كفاءته الأدبية، فقد كان أديب مدينة تطوان بامتياز، له دراية كبيرة بطرح القضايا والأفكار المعبرة عن محيطه ومجتمعه، وتعددت إبداعاته في شتى الحقول المعرفية، من زجل وموشح وشعر، وحكايات وأخبار، ورسائل وخطب دينية، هذا فضلا عن براعته في فن التشكيل والموسيقى، وكان إلى جانب هذا مؤرخا لمدينة تطوان من خلال الأحداث التاريخية التي رواها عن حرب تطوان وعاين مُجمل مشاهدها وأحداثها.
لقد حاولت وضع تصميم شامل يكشف عن مكونات هذه الأطروحة التي ارتأيت تقسيمها إلى ثلاثة أقسام، كل قسم يتضمن أبوابا، وكل باب يحتوي على فصول ومباحث، باستثناء القسم الثالث الخاص بالتحقيق.
- خصصت القسم الأول لدراسة الأطروحة حيث قمت بتفريعه إلى بابين.
ركزت الحديث في الباب الأول على أهم الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية التي ميزت عهد الدولة العلوية، وأقصد بذلك النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي (الثالث عشر الهجري)، حيث قمت في الفصل الأول من هذا الباب بالتطرق لأهم الأحداث السياسية خلال عهد الدولة العلوية خاصة الفترة التي عاش فيها المُقيِّد، والتي عاصر فيها أهم سلاطينها: المولى عبد الرحمن بن هشام المتوفى:(1276 هـ/ 1859 م)، المولى محمد بن عبد الرحمن بن هشام المتوفى:(1290 هـ/1873 م)، والمولى الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن هشام المتوفى:(1311 هـ/1894 م).
وقد ارتأيت في الفصل الثاني من الباب الأول أن أسلط الضوء على أهم الجوانب العلمية والثقافية التي عرفتها مدينة تطوان والمغرب عموما، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي (الثالث عشر الهجري).
أما الفصل الثالث من نفس الباب، فقد اختصرت الحديث فيه عن حرب تطوان مع سرد لأهم مواقف المفضل أفيلال، كونه أهم شاهد على مجرياتها، من خلال روايته لتفاصيل أحداثها ومعايشته لأدق تفاصيلها.
حاولت خلال الباب الثاني من الدراسة أن أبرز للقارئ أهم الجوانب الشخصية والعلمية والأدبية التي ميزت سيرة مثَقفٍ تطوانيٍ، بدء بولادته ونشأته الأسرية، مع كشفٍ عن بطاقة عائلية لزوجاته وأولاده وانتهاء بوفاته، مرورا بإبراز أهم آثاره ووظائفه، مع سرد لأسماءِ أهم شيوخه وطلبته، وذلك من خلال الفصلين الأول والثاني من هذا الباب.
خصصت الفصلين الثالث والرابع لدراسة أدبية وفنيةٍ لشخصية المفضل أفيلال باعتباره: مترسلا وخطيبا وفنانا ورحالة ثم شاعرا، تضمنت محاور هذه الدراسة الخصائص البنائية والفنية لكل هذه الأجناس النثرية والشعرية مع إبراز مدى تميز المقيد في هذه المجالات وتمكنه منها.(قمت بتحليل خمس رسائل ـ وخطبة واحدة، ونصي البيعتين، بالإضافة إلى جولة فنية أدبية في رحلاته وأشعاره).
- تطرقت في القسم الثاني من هذه الأطروحة لدراسة المتن من خلال بابين، تحدثت بشكل مقتضب في الفصل الأول من الباب الأول عن الكناشات في العصر العلوي.
أما الفصل الثاني فقمت بوصف كناشة المفضل أفيلال من خلال العناصر التالية:
أولا ـ دراسة تحليلية للكناشة.
ثانياـ صحة نسبتها للمؤلف.
ثالثا ـ تاريخ تقييدها.
رابعاـ منهجها.
خامساـ قيمتها التاريخية والعلمية والأدبية.
أما الباب الثاني من الأطروحة، فخصصت الفصلين الأول والثاني منه لدراسة مقارنة بين الكناشة والملحق رقم 1، والذي قام من خلاله المُقيِّد بسرد تاريخي لوقائع وأحداث ـ معظمها ـ غير واردة في الكناشة، وقصدت بها الفترة ما بعد حرب تطوان.
- قدمت في القسم الثالث متن الكناشة والملحق رقم 1 محققين، توثيقا وتخريجا وعزوا، وفق أسس علمية وقواعد منهجية خاصةٍ بقواعد التحقيق ومنهجه المعتمد، متبعا في ذلك الخطوات المنهجية التالية:
- قراءةُ المخطوط والملحق رقم 1 ونقلهما.
- وضعُ ترقيم خاص للمتن والملحق رقم 1.
- عزوُ الآيات القرآنية، بإثبات اسم السورة ورقم الآية.
- تخريجُ الأحاديث النبوية الشريفة، بعزوها إلى أصحابها في مؤلفاتهم ومتونهم.
- تخريجُ معظم الأبيات الشعرية في الكناشة والملحق رقم 1 بالرجوع إلى دواوين شعرائها أو الكتب والمظان التي وردت فيها.
- ترجمةَ معظم الأعلام الواردة في الكناشة والملحق رقم 1.
- التعريفُ بأغلب الأماكن والبلدان وأسماء القبائل في الكناشة والملحق رقم 1.
- توثيقُ النقول وعزوها إلى أصولها.
- شرحُ بعض الألفاظ المستغلقة.
- تذييلُ البحث بملحقات خاصة بالمخطوطات المزخرفة (الملحق رقم 2)، وأخرى بالنصوص الشعرية والنثرية (الملحق رقم 3)، من إبداع وتأليف المفضل أفيلال، ثم بفهارس علمية لمواد البحث ومصادره ومراجعه ومحتوياته.
وأود أن أشير هنا إلى أنني استوحيت واجهة الأطروحة من رسم صداق مزخرف بخط صاحب الكناشة.
3ـ الصعوبات:
لا يخفى على أي باحث في مجال التراث أن دراسة المخطوطات واستكناه حقيقتِها والكشفِ عن محتوياتها وأسرارها ليس بالعمل الهين، فالبحث فيها يتطلب جُهدا علميا وثقافيا وفكريا، مع طول بال وصبر جميل، هذا مع اطلاع ودُربة وتمرس بخط المؤلف ورموزه، ومعرفة واسعة بالعصر الذي عاش فيه، وقراءة متأنية لكل الكتب والمظان التي وردت في مخطوطته، هذا فضلا عن معرفة بالأنساب والعائلات.
ولعل من بين أهم الصعوبات التي واجهتني في هاته الأطروحة، ورود عدد كبير من الأعلام والشخصيات لدى مقيد الكناشة ـ المفضل أفيلال ـ متداولا اسمها العائلي أحيانا دون الشخصي، وأخرى الشخصي دون العائلي، مما صعّب عليّ معرفة الشخصية التي أرادها المؤلف، في ظل تشابه كبير بين مجموعة من العائلات التطوانية نظرا لتعدد الأبناء والإخوة وأبناء العم، وأخرى لتعدد وظائف تلك العائلات وتقارب مساكنها.
ومن بين الصعوبات التي واجهتها كذلك، قلة المصادر الأدبية التي أرخت لشخصية المفضل أفيلال، باستثناء شذرات هنا وهناك.
3ـ النتائج المتوصل إليها:
أ ـ إبرازُ المكانة الكبيرة التي كان يحظى بها مقيد الكناشة ـ المفضل أفيلال ـ في المجتمع التطواني خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي (القرن الثالث عشر الهجري)، كأحد الشخصيات الثقافية المؤثرة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي، ويرجع الفضل للمؤرخين أحمد الرهوني ومحمد داود في كشف معالم هاته الشخصية، فقد خصه الرهوني بترجمة مستفيضة في كتابة عمدة الراوين، أما دواد فقد أفرد له جزئين من تاريخه الكبير، مسهبا الحديث عن أدق تفاصيل حياة هذا الأديب الشاعر.
ب ـ اعتمادُ الشهادة التاريخية التي ذيل بها المفضل أفيلال كناشته واصفا جميع مراحل حرب تطوان، منذ إعلانها إلى غاية عقد الصلح، وكذا التأريخ لأحداث هامة مرت على الدولة المغربية، كتحديد فترات الأوبئة والقحط والغلاء، وما عاينه المقيد من تقلبات المناخ وغلاء الأسعار وتحولات في عملية صرف العملات، هذا فضلا عن تحديد تواريخ تعيين وإعفاء مجموعة من القضاة والقادة والمحاسِبين والأمناء، مع تحديد دقيق لوفياتهم باليوم والشهر والسنة، كل هذه الأحداثِ والرواياتِ جعلت المفضل أفيلال مؤرخا لتاريخ تطوان خاصة، وللمغرب عامة.
وقد تفرد هذا الفصل، بذكر المفضل أفيلال لتفاصيل حرب تطوان ولأهم أحداثها منذ أن نودي للحرب بتطوانِ إلى غاية استسلام الجيش المغربي واحتلال المدينة، وما شاهده من أحداث دامية ومعارك صاخبة، جعل هذا الفصل من الكناشة من أهم وأوثق ما قام به مؤرخ مغربي، شاهد هاته الحرب وعاش جميع أطوارها وكان منتقدا لكل الأخطاء والهفوات التي ارتكبها الجيش المغربي فيها، فكانت شهادة المفضل أفيلال في هذا الفصل وثيقة تاريخية بامتياز أرخت لجميع أطوار هذه الحرب ولأسبابها ونتائجها.
ج ـ الإشادةُ بالثقافة الموسوعية التي اكتسبها المفضل أفيلال من خلال اطلاعه على مختلف المتون العلمية والأدبية والفكرية التي كانت سائدة في مجتمعه، والتي أبانت عن شخصيته العلمية والفكرية من خلال ما يلي:
أولا: تمكنُه من فن الخط والرسم (وقد أوردتُ في متن الأطروحة شهادات حية لبعض الباحثين وأعلام الفن التشكيلي الذين اطلعوا على أعمال المقيد الإبداعية والفنية أمثال: الأستاذ محمد المغراوي ـ أحمد بن يسف ـ بوعبيد بوزيد وغيرهم).
ثانيا: قرضُه للشعر والموشحات وشعر الملحون، وقدرته على استظهار مقروءه من النصوص المشرقية والأندلسية والمغربية.
ثالثا: قدرتُه على الخطابة والإنشاء، من خلال ما خلفه من رسائل وخطب دينية ونصي البيعة “البيعة الأولى المشهورة تخص بيعة أهل تطوان للسلطان محمد بن عبد الرحمن عام: (1276هـ/ 1859م)، أما البيعة الثانية فكانت بيعة السلطان الحسن الأول وذلك عام:(1290 هـ/1873 م)”، مبرزا بذلك براعته في مجال النثر، وتمكنه من علوم مختلفة ساهمت في تكوين شخصيته العلمية والأدبية.
رابعا: ولعهُ بتسجيل الحوادث وحفظ ما يسمعه من الأقوال، وتقييد ما يراه أو يباشره، أو يشارك فيه من أعمال.
د ـ الكشفُ عن كناش تاريخي أدبي للمفضل أفيلال، والذي عنونته بالملحق رقم 1، وهو عبارة عن أخبار متفرقة عن مدينة تطوان، يسرد من خلاله المقيد مجموعة من الأحداث التاريخية والعلمية لفترة ما بعد حرب تطوان، ومحاولة مقارنتها بما ورد في متن الكناشة.
ومن اللافت للباحث، أن محمد داود لم يستشهد بالأحداث المهمة الواردة في الملحق رقم 1 رغم توفره على نسخة بخطه، وذلك راجع لأسباب غير معروفة، قد تكون لها علاقة بكون مؤرخ تطوان قد اعتمد على رسائل رسمية أغنته عن الرجوع لهذا الملحق، أو أنه عثر عليه بعد إتمامه للتأريخ لتلك المرحلة الدقيقة من عمر الدولة المغربية، كما أن هذا الملحق لم يشر إليه أحد من الباحثين المعاصرين ولم يتناوله أي متخصص في التراث.
السيدة والسادة أعضاء اللجنة الموقرة
السيدات والسادة الحضور الكريم
لقد قمت بتتبع المقيد في كناشته أينما حل وارتحل، واتصلت بكثير من الباحثين وأعيان مدينة تطوان، كما ربطت اتصالات كثيرة مع حفيد المفضل أفيلال، التهامي أفيلال ـ رحمة الله عليه ـ ببيته بالرباط من أجل الكشف عن مجمل حياة أسرة أفلال، كما حاولت جاهدا العثور على مقيدات أخرى لهذه الشخصية الهامة خاصة تقييده حول رحلته إلى المشرق، كل ذلك بغية معرفة السياق الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي عاش فيه المقيد، والذي كان مرآة صادقة لعصره من خلال ما حكاه أو شاهده من أحداث ووقائع أو وثقه وقيده في كنانيشه.
وقبل أن أسدل الستار عن تقريري هذا الذي أتلوه على مسامعكم، لا يسعني إلا أن أترحم على مقيد هذه الكناشة ـ محمد المفضل بن محمد أفيلال ـ داعيا له بالرحمة والمغفرة سائلا الحي القيوم أن يجعله في أعلى عليين مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
كما أحيط اللجنة الموقرة علما أنني بعد حضوري لمناقشة مجموعة من الأطاريح التي سبقتني، وبعد رجوعي مرات عديدة لما دونته في أطروحتي، قمت بإعداد مدونة تصحيحية للأخطاء والهفوات التي تبينت لي بعد إتمامي للأطروحة ووضعها لدى إدارة الكلية، مبتغيا وراء كل ذلك الأمانة العلمية سائلا العلي القدير التوفيق والسداد.
وختاما، أتقدم بخالص شكري وعظيم امتناني لفضيلة الدكتور محمد كنون الحسني، الذي يرجع إليه كل الفضل في الإشراف على هذه الأطروحة وتتبع جميع أطوارها، بصبر وأناة وتفهم، والذي لم يبخل علي لا بوقته ولا بنصائحه السديدة، وتصحيحاته الصائبة، وتوجيهاته النيرة، فكان لي خير أستاذ مشرف ونعم الناصح والموجه.
ومن باب الاعتراف بالجميل، أوجه أصدق عبارات الشكر والتقدير والثناء لأستاذي الدكتور عبد القادر الخراز على ما بذله من جهد في قراءة هاته الأطروحة، وما تكبده من عناء من أجل توجيهي وإرشادي لتجنب الكثير من الأخطاء والهفوات.
كما أوجه خالص تقديري وامتناني للأستاذة ـ رئيسة اللجنة ـ والأساتذة أعضاء لجنة المناقشة الذين قاموا بافتحاص هذه الأطروحة وموافقتهم الكريمة على مناقشتها، شاكرا لهم عناء القراءة والبحث والتمحيص، متقبلا منهم بروح طيبة سمحة كل ملاحظاتهم وتوجيهاتهم، والتي بدون شك ستغني هذا العمل المتواضع وستثري محاوره ومضامينه، وستفتحه له آفاقا جديدة في البحث العلمي.
كما أقدم عظيم شكري للسيد عميد الكلية ولنائبه، ولفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد هاشم الريسوني، وفضيلة الأستاذ الدكتور عبد اللطيف شهبون، ولكافة أساتذة تكوين النص الأدبي العربي القديم، ولكل من أفادني في مسيرتي العلمية بنصيحة أو توجيه أو تصويب أو تعديل، وحسبي أنني اجتهدت، والكمال لله وحده.