تناولنا في افتتاحيات سابقة مواضيع كثيرة يتعلق بأهمية أدوار الفرد ووعيه بذلك في مواجهة الأزمات العامة، وأكدنا على أن الفرد أساس نجاح السياسات والاستراتيجيات التدبيرية التي تتخذها الدول.
تحدثنا عن الرقابة الذاتية التي يقتضيها الأمر في التعاطي مع التهديدات الجدية التي تتربص بالأوطان. وتحدثنا عن أهمية السلوك الفردي في إنجاح المسالك العامة.
اليوم، ومع اشتداد تسجيل أرقام إصابات مخيفة بوباء كورونا ببلادنا جراء الرفع التدريجي للحجر الصحي بدأت تتعدا رقم الألف إصابة في اليوم الواحد مع ارتفاع مقلق لحالات الوفيات، تطفو على السطح أهمية استحضار المسؤولية الفردية في لعب دورها الوطني المفترض من أجل التقليص من حجم التهديد الخطير الذي قد يصيب الوطن بالسكتة القلبية والدماغية وغيرها من السكتات التي قد لا تطرأ على بال.
الدولة كيان دينامي يقوم على أساس توفير مختلف أنماط الخدمات الأساسية لمواطنيها، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا. فليس من العقل ومن التدبير الحكيم أن تبقى الدولة مقفلة هكذا على نفسها وهي ترى هياكلها الحيوية تتهاوى يوما بعد يوم. وليس من المنطقي أن تظل تعيش على استنزاف مدخراتها التنموية السابقة.
لهذا السب ولغيره اتجهت مؤخرا سياسة الدولة، بكل الشجاعة، نحو تطبيق قرار تحريك ديناميتها التدبيرية عبر تخفيف القيود عن أنشطتها العامة، وفتح مجالاتها الخدماتية والإنتاجية.
لقد تحملت الدولة، لمدة تزيد عن أربعة شهور، أدوارها كاملة في مواجهة هذا الوباء القاتل، بكل أنماط قراراتها الاحترازية التي تشجعت واتخذتها، وبكل ما تطلبه الأمر من تخصيص تعويضات مادية عن الأضرار التي ألحقها الوباء بالبلد. بل إن الدولة عبرت عن صرامتها التي كانت تبدو أحيانا قاسية في ملاحقة المخلين بنظامنا الاحترازي. كل المغاربة شاهدوا بالعين المجردة نزول الدولة إلى الشوارع بكل ترسانتها الامنية لمواجهة الوباء، وشاهدوا حرصها الوطني في دفع التهديدات عن مواطنيها.
الآن، ومع تهديد من طبيعة أخرى أكثر شراسة هو الآخر، ويتعلق الأمر بإصابة كيان الدولة بالشلل التام، تبقى الحاجة ملحة إلى التنصيص على أهمية المسؤولية الفردية في إعانة الدولة على استكمال مشروعها في إعادة الحياة لاقتصاد البلد دون أضرار.
وزارة العدل مطالبة بتفعيل كل القوانين الضرورية لإلزام الناس بتحمل مسؤولياتهم الفردية.
الوعي، والسلوك الإيجابي، والامتثال لقوانين حالة الطوارئ وغيرها كلها ينبغي أن تكون عناوين المرحلة العصيبة التي نجتازها الآن.
• عبد الإله المويسي