سيل من التساؤلات طفت على السطح، حول الانقلاب الخطير في توجهات القنصليات الفرنسية بخصوص إجراءاتها مع المغاربة طالبي التأشيرة الراغبين في التوجه إلى فرنسا، إذ طالت هذه العملية شخصيات سياسية ورجال أعمال ووزراء سابقين.
وبدأت الدولة الفرنسية تحجم عن تسليم المغاربة تأشيرات، للدخول إلى الديار الفرنسية بوثيرة غير معهودة وبمبررات لا سند قانوني لها، الأمر الذي جعل رُواد وسائل التواصل الاجتماعي يشنون حملة رافضة لمثل هذا التصرفات، خاصة وأن مجموعة من رجال الأعمال تربطهم بالدولة الفرنسية علاقات تجارية وعقود عمل وصفقات، ولهذا فإن القرار الفرنسي والقاضي بنهج سياسة التَّصلب اتجاه طالبي التأشيرة المغاربة يُعد قرارا تعسفيا وغير مقبول.
وفي هذا الصدد، أشار الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي، إلى أن السلطات الفرنسية عملت على إبراز نوع من التصلب في معاملاتها مع طالبي التأشيرة، إلى درجة أنها طالت منع أطباء مغاربة في المشاركة في مؤتمرات طبية، فضلا عن التشنجات التي بدأت تطال حتى الإعلام الفرنسي في العديد من تغطياته، وتقاريره المشبوهة والتي تخدم أجندات ومنظمات دولية، الشيء الذي جعل الرأي العام المغربي يتساءل عن كواليس هذا التغيير الفُجائي ضد المملكة المغربية؟ وماذا وراء هذا التخطيط الجديد في بالتعامل بهذه الطريقة؟
واسترسل المحلل السياسي في منشور له على “الفايس بوك”، أن قرارات الديبلوماسية الفرنسية والمغربية وصناعها يعلمون جيدا بأن هناك تراكمات سابقة بين الدولتين وأن القرار الأخير ما هو إلا الجزء الذي طفا على السطح من مجموعة خلافات بين البلدين منذ سنتين على الأقل أي بُعَيد إعلان الرباط بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لتمتين علاقات بعضهم البعض، مشيرا في الآن ذاته أن التشنج الذي بدأت تمارسه السلطات الفرنسية بدا مُمَنهجا في علاقتها بالسلطات المغربية، إذ بدأت تتدخل حتى في القرارات السيادية للمملكة وهذا ما يجري حاليا في كواليس السياسة الخارجية الفرنسية وتعمل على تنزيله الديبلوماسية، محاولة بذلك الضغط بكل الوسائل على السلطات المغربية في مراجعة قراراتها السيادية وفي علاقاتها الديبلوماسية الخارجية ومصالحها الاقتصادية والجيو-استراتيجية، رافضة بذلك السياسة التنوعية في الشركاء الاقتصاديين والاستراتيجيين، كبديل عن الخيار الفرنسي الوحيد، بحيث أن فرنسا اعتبرت مثل هذه القرارات خروجا عن بيت الطاعة الفرنسية وبمثابة تمرُّد ضد الوصي الفرنسي.
وأضاف الشرقاوي “حتى تعلم فرنسا جيدا أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس وقد آن الأوان للدولة الفرنسية بأن تحدد وبشكل صريح موقفها من القضايا الوطنية، مؤكدا أن المغرب الذي كان يقبل الغموض والمواقف الرمادية، إذ لم يعد يقبل سوى بديبلوماسية الوضوح، اعتبارا لكونها لم تعد مستعدة مستقبلا، فإذا كانت المواقف السياسية الفرنسية يضيف المحلل السياسي اتجاه وحدتنا الترابية لا تتلاءم البتة مع المصالح الفرنسية بالمملكة، فما على المغرب إلا التحفظ في علاقاته معها والمعاملة بالنِّد لِلنِّد.
تجدر الإشارة، إلى أنه بتاريخ 28 شتنبر 2021، أعلنت الحكومة الفرنسية في بيان لها، أنها ستقوم بتشديد بشروط منح التأشيرات لمواطني كل من المغرب والجزائر وتونس بدعوى “رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها”.
ليخرج في اليوم ذاته، رد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والمغاربة المقيمين بالخارج، في مؤتمر صحفي عبّر من خلاله استنكاره على القرار الفرنسي واصفا إلياه بالقرار غير المبرر، موضحا بأن المملكة كانت دائما تتعامل مع مسألة الهجرة بمنطق المسؤولية والتوازن اللازم في تنقل الأشخاص طلبة كانوا أو رجال أعمال، وما بين محاربة الهجرة السرية غير الشرعية والتعامل الصارم مع غير القانونيون، فيما يتعلق السبب الثاني بكون بلاده “من منطلق هذه المسؤولية أعطت تعليمات واضحة لاستقبال عدد من المواطنين الذين كانوا في وضع غير قانوني (بفرنسا)؛ إذ بلغ عدد وثائق جواز المرور التي منحتها القنصليات المغربية خلال 8 أشهر من السنة الحالية (2021) 400 وثيقة”.
سهيلة أضريف