الماء نعمة كبيرة جدا، لايقدرالإنسان قيمتها جيدا، إلاعندما يفتقدها ولعل العديد من المواطنين مجربون لمسألة الحرمان من الماء، هذه الطاقة الحيوية التي لاتقدربثمن، حقيقة. وبالرجوع إلى استحضارفترات، مروا منها مع انقطاع الماء، بسبب إصلاحات أوأشغال كانت هنا وهناك، بأحيائهم ومناطق سكناهم، أوبسبب شح السدود، جراء شح السماء كذلك، فإنهم سيتذكرون من جديد معاناتهم وعذاباتهم وكيف أن هذا الحرمان من نعمة الماء كان يؤثرعلى معيشهم اليومي، بل يبعثرجميع أوراق أجنداتهم، إلى حد كان ينعكس ذلك سلبا على نمط حياتهم وبالتالي كانوا يجدون أنفسهم عرضة للحيرة والملل والقنوط والعياذ بالله.. وعلى الرغم من ذلك وصراحة، فإن العديد من المواطنين، إبان أيام الفرج والرخاء، لايتعظون ولايأخذون العبر، حتى والماء يكون بين أيديهم في الوقت الذي تعاني عدة دول من ندرة المياه، فتراهم يبذرون الكثيرمن المياه الصالحة للشرب ويضيعونها، عشوائيا، في غسل وتنظيف سياراتهم أوفي ملء مسابح قصورهم، بين الفينة والأخرى، نسبة إلى بعض الأسرالميسورة وغيرذلك من مظاهرتبذيرالمياه حتى في غسل بضعة صحون وفناجين، بداخل بيوت، يعمرها قوم لايثقون في برامج التوعية الخاصة بهذا الشأن، بل هم في خلاف حتى مع أنفسهم، أصلا.. ولعل الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله كان صادقا، عندما قال في أحد خطاباته إن الحروب القادمة ستكون بسبب المياه، فها هوالماء قد قل في الوقت الذي أغلقت كل دولة على نفسها وسارع بعضها إلى تخزين المياه عبرالسدود الضخمة، بينما تجد أخرى نفسها على شفا حفرة من خوض حروب..
في ذات السياق، يجدرالقول بأن الخطاب السامي لجلالة الملك محمد السادس، الموجه إلى أعضاء البرلمان، يوم الجمعة، 14 أكتوبرالجاري، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، كان خطابا حكيما، بمعنى الكلمة، حيث ركزجلالته، سيرا على خطى والده رحمة الله عليه، على إشكالية الماء وما تفرضه من تحديات ملحة وأخرى مستقبلية، مشيرا إلى أن إشكالية تدبير الموارد المائية تطرح نفسها، اليوم، بإلحاح، خاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة وهي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود. ولمواجهة هذا الوضع، يقول جلالته:” بادرنا منذ شهر فبرايرالماضي، باتخاذ مجموعة من التدابير الاستباقية، في إطار مخطط مكافحة آثار الجفاف، بهدف توفير ماء الشرب، وتقديم المساعدة للفلاحين والحفاظ على الماشية.وإدراكا منا للطابع البنيوي لهذه الظاهرة ببلادنا، ما فتئنا نولي كامل الاهتمام لإشكالية الماء، في جميع جوانبها. وقد خصصنا عدة جلسات عمل لهذه المسألة، تكللت بإخراج البرنامج الوطني الأولوي للماء 2020 – 2027 .كما حرصنا، منذ تولينا العرش، على مـواصلة بناء السدود، حيث قمنا بإنجاز أكثر من 50 سدا، منها الكبرى والمتوسطة، إضافة إلى 20 سدا في طور الإنجاز.وكيفما كان حجم التساقطات، خلال السنوات المقبلة، فإننا حريصون على تسريع إنجاز المشاريع، التي يتضمنها هذا البرنامج، في كل جهات ومناطق المملكة” ..
والخلاصة، هي “أن الحالة الراهنة للموارد المائية، تسائلنا جميعا، حكومة ومؤسسات ومواطنين”، كما ورد في الخطاب، ذاته، لجلالة الملك..
محمد إمغران