ذكرت عدة مصادر مطلعة أن رؤساء و مكاتب مجالس العمالات و الأقاليم تفاجأوا، و هم منهمكون في إعداد ميزانية سنة 2022 من أجل عرضها على المجالس وهياكلها لدراستها والمصادقة عليها في 15 نونبر كأجل أقصى لاعتمادها، بالتعديل الذي أحدثته المصالح الوزارية المختصة على حصة هذه الجماعات الترابية من منتوج الضريبة على القيمة المضافة.
و أشارت هذه المصادر أنه في الوقت التي كانت هذه المجالس تنتظر الزيادة في هذه الحصة السنوية التي تشكل العمود الفقري لميزانيات العمالات و الأقاليم بحكم قلة الموارد الأخرى التي لا تتعدى غالبا نسب مائوية ضعيفة من الرقم العام الذي تحققه مداخيل الميزانية سنويا، فإن هذه الحصة عرفت تخفيضا تجاوز بكثير ما كان متوقعا، بل شكل شبه رجة وسط هذه المجالس الفتية.
هذا و بسبب أزمة كوفيد 19 فقد كانت هذه الحصة قد سجلت انخفاضا في السنتين السابقتين، و كانت المجالس الجديدة تتوقع انتعاشا في ميزانياتها بعد الصحوة الاقتصادية التي عرفتها البلاد.
و ذكرت هذه المصادر أن الميزانيات الحالية ستغطي بالكاد النفقات الإجبارية للتسيير، مما يطرح عدة استفهامات حول قدرتها على الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها المجالس في الولاية السابقة في إطار استمرارية الإدارة، و عن كيفية الاستجابة، مع المستجد الميزانياتي الحالي، لانتظارات السكان وتلبية حاجياتهم المستعجلة و الكثيرة في المجال الاجتماعي.
و تطرح تساؤلات عن أسباب هذه الانعراجة؛ هل هي راجعة إلى توقعات شح موارد الدولة في السنة المقبلة أم إلى إكراهات الظرفية الاقتصادية العالمية أم هي بداية لإعادة النظر في هذه الوحدات الترابية و أدوارها أم هي وقفة تصحيحية أم تمهيد لاقتسام الاعتمادات التي تخصص لها بينها وبين مؤسسات الإدارة الترابية الإقليمية، أم هي أفق للفصل بين ميزانيات التسيير و ميزانيات الاستثمار…؟ ! .
وفي هذا السياق عقد مجلس إقليم شفشاون يوم الجمعة 12 نونبر الجاري دورته الاستثنائية لدراسة مشروع ميزانية 2022 والتصويت عليه، حيث، حسب المعطيات المتوفرة، فقد انخفضت حصة منتوج الضريبة على القيمة المضافة بما يفوق عشرة ملايين درهم، فيما تقديرات مداخيل الميزانية عامة من المتوقع أن تتقلص لتنزل إلى ما يقارب خمسة عشر مليون درهم بعدما انحصرت تقديراتها فيما يقارب ستة وعشرين مليون درهم في السنة الجارية (2021).
وبالنظر إلى التزامات المجلس السابق المرتبطة بعدد من الاتفاقيات الهامة، وكذا إلىى إلزامية سداد أقساط القروض التي خصصت لمشاريع التأهيل الحضري للمراكز القروية، فإن توقعات مداخيل الميزانية، حسب المتتبعين للشأن العام الإقليمي، لن تسمح للمجلس الحالي في بداية ولايته بهامش للتحرك، بل إن هذه التقديرات ستجعله عاجزا عن الوفاء بالتزاماته بحيث إن المداخيل بالكاد ستكفي لمصاريف التسيير التي لا بد منها لاستمرارية الإدارة وحسن سيرها.
و يعلق سكان الإقليم آمالا كبيرة على هذا المجلس في تحقيق تطلعاته والاسجابة لانتظاراته وتلبية حاجياته وكذا التغلب على الخصاص و النواقص والإكراهات خاصة في المجال الاجتماعي الذي هو من صلب اختصاصاته.
و في انتظار ما ستجيب عنه الأيام المقبلة، فإن أمل أعضاء هذا المجلس، حسب عدة مصادر مقربة، يبقى معقودا على مصالح الوزارة المختصة ذات النظرة الشمولية لإيجاد حلول للإشكالات التي ستترتب عن الوضع المقبل لميزانيات الأقاليم والعمالات، وذلك في إطار توجيهاتها المستمرة ودعمها المركزي للمجالس الترابية عامة والمجالس الإقليمية خاصة التي تؤطر في الغالب مجالات ترابية، معظمها قروي يتطلب استثمارات مضاعفة من أجل توفير الخدمات الاجتماعية الضرورية و البنيات الأساسية والتجهيزات العمومية إلخ، وفي ظرفية تتميز باستعجالية التغلب على آثار أزمة كوفيذ 19، كما تتميز ،بصفة خاص، بالشروع في تنزيل النموذج التنموي و ضرورة انخراط هذه الوحدات اللامركزية ومساهمتها القوية والفاعلة من موقعها الترابي في هذا التنزيل.
عبدالحي مفتاح