قد يعتبره البعض من أحب الفصول، ويستبشره البعض الآخر، لكنه يصبح كارثة عند فئة أخرى، فئة ملجأها، مسكنها، مدفأها، الشارع لا محالة، حالهم كحال الذي ينتظر موته بدقائق معدودة.
المشردون والأشخاص دون مأوى، فئات من المجتمع تعيش في ليالي البرد القاسية، تزيد من تعميق جراحهم المنذملة، فلكل واحد من هؤلاء المشردين قصة إنسانية مختلفة، غير أنهم يشتركون في شيء واحد ألا وهو التشرد.
تراهم يلتحفون “الكارطون” ويفترشون الأرض ويلبسون لباسا رثا، جراح تعاني منها هذه الشريحة التي تُكابد الأمرين، فهي تصارع من أجل الحياة وفي الوقت نفسه للبحث عما يسد رمقها ويدفئ أجسادها المثقلة بالهموم.
آخر الإحصائيات الواردة من وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية السابقة، كشفت أن عدد المشردين بلغ سنة 2018، أزيد من 3830 متشردا بينهم 241 طفلا، والأرقام من المتوقع أن تكون قد تضاعفت إلى حدود السنة الحالية.
فأمام هذه الوضعية، تبادر مجموعة من الفعاليات الجمعوية إلى تخفيف معاناة هذه الفئة، التي تتخذ من الفضاء ات العمومية والشوارع، وكذا المحطات الطرقية ملجأ لها، من خلال تقديم مساعدات غذائية أو أفرشة وملابس، وأحيانا إيواء البعض منهم.
من بين هذه الفعاليات المدنية، هناك جمعية “بديل تطوان” التي تنشط في العمل التطوعي والخيري، من خلال تقديم خدمات إنسانية تستهدف كافة الفئات الهشة.
في هذا الصدد، قال رئيس جمعية “بديل تطوان” يونس الأدغيري، إن “الهدف من حملة أيادي دافئة لفائدة المشردين، هو توفير المؤونة والملاذ الدافئ لهؤلاء الأشخاص، إذ ننسق مع السلطات المحلية لمدينة تطوان لجمع المتشردين من خلال توفير كافة المساعدات اللازمة لجمعهم في مراكز الإيواء بالمدينة”.
كما تقوم جمعية بديل تطوان، يبرز يونس الأدغيري في حوار خص به “جريدة الشمال“، بإعداد مخططات لتحديد النقط أو الأماكن الرئيسية لتجمع المتشردين، مشيرا “جولاتنا تسفر في كل مرة عن عدد محدد، بعض الأحيان نجد 70 متشردا، والبعض الآخر 100، إذ تختلف أصولهم من مدينة لأخرى”.
وأفاد رئيس جمعية بديل تطوان بأن هذه الأخيرة تقوم مطلع كل سنة بحملة أيادي دافئة لجمع المتشردين إذ تعد من أوائل الأعمال الخيرية، مؤكدا أن “القيام بهذا العمل يشعرنا بنوع من السعادة والراحة، نحاول فيه التقرب من هؤلاء الأشخاص، التحاور معهم ومعرفة مشاكلهم”.
وبخصوص دعم المحسنين لهذه الجمعية عامة والحملة على وجه الخصوص، أشار الأدغيري أن هناك محسنون يقدمون مساعدات جمة للجمعية، فمساعداتهم تختلف بين الجانب المادي، والعيني المتمثل في توفير الأغطية والأفرشة والملابس المستعملة والوجبات الغذائية.
ويبدو أنه، وعلى الرغم من المجهودات التي يبذلها المهتمون بهذا المجال، فإن هذه الشريحة الاجتماعية تتقاسم مصيرها المجهول ومعاناتها اليومية، باستثناء مبادرات إنسانية وإن تعددت تظل غير كافية، في غياب مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك في أفق تقديم حلول جذرية، أبرزها العودة إلى حضن الأسرة، أو الإيواء بالمراكز الاجتماعية مع بذل المزيد من الجهود لإعادة إدماجهم في المجتمع.