أكيد أن قرار السيد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة بتمديد الحجر الصحي ثلاثة أسابيع إضافية قد فاجأ كثيرين كانوا يتوقعون نهاية الحجر مع 20 ماي. بل أكثر من ذلك ان فئة من المغاربة عبرت، ربما، عن عدم ارتياحها لهذا القرار، إما لدوافع اقتصادية أو سياسية او اجتماعية.
غير أن الحكمة تقتضي منا القول بأن الوضعية الوبائية بالمغرب لم تكن بالاستقرار الذي يسمح برفع الحجر، وذلك بالنظر إلى عدة اعتبارات، منها ما يتعلق باستمرار تسجيل حالات إصابات مؤكدة جديد، وبروز بؤر تفشي الوباء مقلقة جدا، خاصة ما ارتبط منها بالبؤر الصناعية والعائلية. أو بالنظر إلى عدم الالتزام المسؤول الذي أبانت عنه بعض الفئات الاجتماعية بخرقها لمقتضيات الحجر، مما شكل انزعاجا بالنسبة للمسؤولين وتخوفا مسؤولا من الإقدام الذي قد يبدو متسرعا بإنهاء الحجر.
ومهما يكن الوضع الذي يمر به المغرب، والذي أبانت من خلاله السلطات المغربية عن وعي مسؤول عميق جدا في مجابهة الوباء، خصوصا مع التطورات الإيجابية التي عرفتها استراتيجية التصدي للفيروس، ومع انتعاش نشب التعافي، وتقلص عدد الوفيات، والمحاصرة الجيدة للوباء في بؤره، فإن المصلحة العليا اقتضت مزيدا من الاحتراز، ومزيدا من الإعمال لمنطق الوقاية الواعية. وهذا ما أفضى بالسيد رئيس الحكومة إلى الإقبال على قراره القاضي بالتمديد في الفترة الاحترازية.
قد تكون قطاعات كثيرة تضررت مع استمرار الحجر زمنيا، منها ما يمس الفعالية الاقتصادية، ومنها ما يرتبط بالدينامية التنموية للبلاد، ومنها ما قد يبدو أنه أصاب بالشلل التام مجالات إنتاجية بعينها، إلا أن رأسمال المال البشري الوطني يظل في قمة الاولويات التي حرص القرار الحكومي على استحضارها في اعتباراته.
لم يكن ممكنا أن تفتح المؤسسات التعليمية أبوابها أمام التلاميذ والطلبة، بما نعرفه عنها من اكتظاظ وضعف في بنية الاستقبال والرعاية الصحية.
لم يكن ممكنا أن تطلق على عواهنها الحركة الطرقية عبر كل وسائل النقل من حافلات وقطارات وطائرات وسيارات الأجرة أمام وضع يصعب معه التحكم الدقيق في إجراءات ضبط تنقلاتها وتقييدها بما يقتضيه الأمر من إجراءات وقائية حازمة.
لم يكن ممكنا تحرير الحركية الاجتماعية، خصوصا في ظرفية متسمة بالارتباط الوطيد بالعادات والتقاليد الاجتماعية ذات الصلة بليلة القدر واحتفالات العيد، مع ما يشكل عدم الارتياح بخصوص التقيد باستراتيجية التباعد الاجتماعي البشري.
لم يكن من السهل عودة الحيوية المأمولة إلى كل المرافق العامة.
ولهذا فإن شرائح عديدة متعقلة من المجتمع المغربي اطمأنت للقرار الحكومي، وتفاعلت معه إيجابيا، والتزمت بالاستمرار في حجر نفسها تفاديا لأي مكروه قد يكون يتربص بوطننا الغالي.
مهما اختلفنا سياسيا أو إيديولوجيا أو حزبيا فإن ما أقبلت عليه الحكومة يدفعنا إلى الشعور بالارتياح الكامل تجاه وطنيتنا التي عبرت في هذه الأزمة عن تجذر راسخ في نفوس المغاربة الأصلاء.
• عبد الإله المويسي