بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
وعلى آله وصحبه أجمعين.
- السادة المحترَمُونَ أعضاءُ اللّجْنَةِ العِلْميَّةِ المُوَقَّرَةِ.
- أَيُّها الحُضورُ الكَريمُ
يُسعِدُني أنْ أُقَدّمَ بَيْنَ أيْديكُمْ تقريراً لِأُطْروحَتي، وَأَغْتَنِمُ الفُرْصَةَ لِتَجْديدِ عباراتِ الشُّكْرِ والاِمْتِنانِ على ما َبَذَلَتْهُ اللَّجْنَةُ العِلْمِيَةُ مِنْ جُهْدٍ نَفيسٍ لِقِراءَةِ هَذِهِ الْأطْروحةِ وَتَقْويمِها عِلْمِيّاً ومَنْهَجِيّاً.
فَأقدِّمُ امتناني الصادق، وشكري العميق، إلى الأستاذين الجَليلَيْنِ المشرِفيْن على الأطروحة، الأستاذُ الدكتور أحمد هاشم الريسوني، والأستاذُ الدكتور خالد بلقاسم الذي تجشم عناء السفر قادما مِنْ الرِباطِ حفظه الله.
ولأستاذي الفاضل الدكتور أحمد هاشم الريسوني مزيدا من التقدم العلمي والعملي والعطاء المثمر ومزيدا من الاحتضان العلمي لطلبته.
ولا يفوتني أن أشكر أستاذي ومربي الأجيال فضيلة الدكتور عبد اللطيف شهبون – بارك الله في عمره وصحته – على التوجيه الشديد والتهذيب الدقيق والرعاية الفائقة، التي شملني بها، وعلى ملاحظاته القيمة التي كان لها الأثر الكبير في إنجاز هذه الأطروحة.
كما أتقدم بخالص شكري وتقديري إلى أعضاء اللجنة العلمية المحترمة أساتذتي الأستاذةُ الدكتورة سعاد الناصر حفِظها الله، والأستاذ الفاضل الدكتور أحمد بوعود متعه الله بالصحة والعافية،والأسْتاذُ الدكتور یحیی بن الوليد أنار الله دربَه، والدكتورُ عدنانْ أجانة بارك الله في عمره، وجميعهم عهِدْتُهُمْ مُتَمَرِّسينَ بِالعلم والمعرفةِ و التوجيه.
كما أشكر كل من شرفني بالحضور في هذا الملتقى العلمي المبارك ومنهم عائلتي والِديَّ العزيزَيْن وكافة أفراد أسرتي وزملائي الكرام.
وإليكم أيها السادة الكرام، موجزٌهذهِ الأطروحةِ، فأقولُ وباللهِ التوفيقْ.
أوَّلاً: دوافِعُ الاخْتِيار
تَرْجِعُ الأَسْبابُ الَّتي أَمْلتْ عَلَيَّ اخْتيارَ هذا الموضوعِ إِلى:
أ– صِلتي القويّةِ بالقصيدةِ الصوفيةِ، منذُ سنواتِ الْإِجازةِ من خلالِ بَحثِ الإِجازةِ حول ديوانِ الشُّشْتَرِي، الَّذي أَذاقَني مِنْ جَنْيِ حلاوةِ التَّجْربَةِ العِرفانيةِ ما بَعَثَ فِيَّ الرُّوحَإلى أنْ نَضَجَتْ هذهِ العلاقةُ، واشْتَدَّ عُودُها مِنْ خِلالِ مُحاضراتِ الأُستاذِ الدكتورِ عبدِ اللّطيف شَهبون في ماستر “الأدبْ العربي في المغربِ العلوي: الأصولُ والامتداداتْ“.
وَقَدْ أَثْمَرَتْ هذه الصلةُ على المسْتوى الأَكادِيمي بحثاً أَنْجَزْتُهُ لِنَيْلِ شهادة الماستر بعنوان “رسائلُ وأشعارٌ لمحمّد بن المجذوب المكناسي“، فَتَوصَّلْتُ في هَذِهِ الأطْروحةِ إلى إِثْباتِ تَأَثُّرِ الشّاعرِ المَغْرِبِيِّ المُعاصرِ بِاللُّغَةِ الصُّوفيةِ شِعْرِها وَنَثْرِها، وَكَشْفِ بعْضِ القَضايا الَّتِي هِيَّ مِنْ صَميمِ طَبيعَةِ العَلاقَةِ بينَ الشِّعرِ والتَّصوُّفِ، والَّتي تَتجاوزُ المْفْهُوماتِ السَّائدَةَ إلى التنْقيبِ في عُمْقِ الأشْياءِ فَتحقَّقَ لي الْأُنْسُ بالشِّعْرِ الصُّوفِيِّ.
ب– اِنْحِيازِي إِلى الشِّعْرِ المَغْربيعُمومًا، وَشِعْرِ شمالِ الْمَغْرِبِ خُصوصاً بِوَصْفِهِ أَحَدَ رَكائزِ نَهْضَتِنا، لَكِنَّهُلَمْ يَنَلْ حَظَّهُ منَ الدِّراسَةِ والنّقْدِ، وَهَذا مَا تُؤَكِّدُهُ حالةُ تَقَصِّي الدّراساتِ الَّتِي تَبْحَثُ في طبيعةِ العلاقةِ القائمةِ بين الشعرِ المغربيِّ المعاصرِ والتَّصَوُّفِ، وَمَدَى إِفادةِ المنْجزِ الشِّعْرِيِّ المغربيِّ من التصوفِمن النّواحي اللغويةِ والرّوحيةِ النّابِعةِ مِنَ الذّاتِ، مِثْلِ الْفَلْسفاتِ الْإِنسانِيَّةِ الَّتي تَنْشُدُ خَلْقَ الانسجامِ بين الفردِ ومحيطِهِ لإِعادةِ بناءِ حقيقةِ وُجودِهِ وهُوِّيَّتِهِ..
ج-رَغْبَتِي في تأمُّل الأفقِ الجماليِّ للشِّعرِ المغربيِّ المعاصرِ من خلالِ بوَّابَةِ تجربةٍ لنماذِجَ مِنَ الشُّعَراءِ: محمد السرغيني، عبدِ الكريم الطبال و عبد اللطيف شهبون، حيث تَمَيَّزَتْ بَصْمَتُهُم بتفاوُتٍ في القصيدةِ المغربيَّةِ الماتِحةِ مِنْ مَعینِ التَّجربةِ العرْفانِيَّةِ، ومُساءَلةِ قضاياها الفنيةِ والوجدانيةِ والوجوديةِ، ومحاولةِ التّنقيب في الجوانِبِ الجماليّةِ لِلُّغَةِ الصوفيةِ الَّتي مَيَّزَتِ الْأُفُقَ الْإِبداعِيَّ لِكُلِّشَاعِرٍ، وَالوقوفِ على مختلفِ الأبنِيةِ الشعريةِ الصوفيةِ التي فتحتْ أمام قصائِدِهِمْآفاقًا رَحْبَةً، مَرْجِعُهَا الأصلُ الوُجودِيُّ..
وَهَكَذا يُعَدُّ الشّاعرُ محمد السرغيني شاعراً مُتَجَدِّداً بفضلِ قراءاتِهِ الواسِعةِ في الثقافَةِ الإنسانيةِ قدِيمِها وَحَدِيثِها، حيثُ انْكَبَّ عَلَى التُّراثِ الدينِي والصُوفِي والفًلسفِي، واتّخَذَهُ مُنطلقاً أصيلاً نحوَ تجديدِ تجربتهِ الشعْريّةِ وَإِثْرائِها بِما يضَمَنُ لها الدَّيمومَةَ والمُواكبةَ والعُمْقَ، وَإِصرارِهِ على إخراجِ قصيدتِه من دائرةِ الواقعي والمعتادِ، وَرَبْطِها بِالتَّجْربَةِ وَالحَدْسِ وَالرُّؤْيا. .
فإلى أي حدٍّ يُعتبرُ الشّاعرُ محمد السرغيني منَ الشعراءِ الذينَ فَطِنُوا إلى هذهِ العلاقةِ المحكومةِ بالتكثيفِ واللَّذَةِ بيْن التصوفِ والشعرِ؟
تشيرُ بعضُ الدراساتِ إلى أن موقفَ محمد السرغيني من التصوف هو موقفُ زُمْرَةٍ مِنَ الشُّعراءِ الرُّوادِ الَّذينَ نَهَلُوا من مَعِينِ التّجربَةِ العرفانيةِ، ونُورِدُ عَلَى سَبيلِ المثالِ درَاسةً لمحمد بنعمارة في كتابه “الصوفيةُ في الشعر المغربي المعاصر: المفاهيمُ والتجلِّياتُ” التي أورد فيها مجموعةً من الشواهدِ الشعريةِ لشعراءَ مغاربةٍ، تُبِينُ الوَشائِجَ الَّتي تربطُ الشعرَ المغربيَّ المعاصرَ بِالتَّصوُّفِ.
كَمَا نَجدُ الشاعرَ عبد الكريم الطبال الَّذي اعْتَرفَ بِافْتِتَانِهِ وشَغَفِهِ بالإبداعِ الصوفيِّ شعرهِ ونَثْرِهِ، فتجربتُهُ تَعُبُّ مِنَ الرَّمزِ الطَّبيعيِ المُتلاقِحِ مَعَ الرَّمْزِ الصُوفي الَّذِي مكَّنَهُ مِنِ ارْتيَادِ آفاقَ وُجُودِيةٍ وَمعْرفيةٍ رَحْبَةٍ..
وعلى نفسِ النَّهْجِ تخْتلِطُ تجربةُ الشاعرِ عبدِ اللَّطيفِ شَهْبون أقانيمُها الروحيةُ مُعَزَّزَةً بعناصرِ التَّكْوينِ والتَّربيَةِ وَاسْتِلْهامِ السَّامِقِ مِنْ تُراثِ الأدباءِ العرفانِيّينَ من مختَلفِ الأَزْمنَةِ والأمكنةِ، مَا دامَ التراثُ الصوفي هُوَ تُراثُ الإنْسانِيةِ الأرْقَى..
ثانياً: مكونات الإشكالية
من خلال ما سبق الإلماعُ إليه تولدتْ لديَّ الرَّغْبَةُ في استجلاءِ المكوِّنِ الصُّوفيِّ في التَّجربةِ الشعريةِ المغربيةِ المعاصرة من خلالِ الأسئلةِ الآتِيةِ:
ما دلالةُ المكوِّنِ الصوفيّ؟
ما أنساقُه المتجليةُ في التعبير الشعري المعاصر؟
ما مفهومُ الشِّعْر الصُّوفي؟
ما عناصرُ المورُوثِ الصوفي للقصيدة المغربية المعاصرة؟
ما هي إضافاتُ التجربةِ العرفانيةِ للشعرِ المغربِي المعاصرِ عموماً، والنماذجِ المختارةِ في هذه الأطروحةِ خصوصاً؟.
ما مفهومُ الشِّعْريَةِ الصوفيةِ؟.
كيف ساهمَ المكوِّنُ الصوفيُّ في إثراءِ شِعْريَةِ التصوف للقصيدة المغربية المعاصرة مِنْ خلالِ أشعارِمحمد السرغيني وعبد الكريم الطبال وعبدِ اللطيف شهبون؟
ما العلاقة بين المكون الصوفي والخصائص الأسلوبية في النماذج موضوع النظر في هذه الأطروحة؟
ثالثاً: دراساتٌ سابقةٌ
يَنْبَنِي الْعَمَلُ الْبَحْثِيُّ على اخْتِلاف مَشارِبِهِ على أسَاسٍ مرْجِعِيِّ، يَنْطلقُ مِمّا سَبَقَهُ من دراساتٍ وأبحاثٍ.وعلى هذا الأساسِأفدتُ من مجموعِ دراساتٍ وبحوثٍ قَارَبَتْالمكونَ الصوفيَّ في الإبداعِ الأدبي والشعري على وَجْهٍ خَاصٍّ. وتنوعَتْ هذهِ الدراساتُ والبحوثُ الَّتي شكلَتْ أساساً نظرياًلأطروحتيمنها:
– كتاب مدخل لدراسة الشعر الصوفي1989 .
-كتاب”الصوفية في الشعر المغربي المعاصر: المفاهيم والتجليات لمحمد بنعمارة2000”
-أطروحة “جماليات المكان في الشعر المغربي المعاصر؛ الدلالات والبعد الصوفي، تجربة أحمد الطريبق أنموذجا“، مرقونة بكلية الآداب تطوان 2007.
–كتابمقاربة التجربة الصوفية في المغرب: “أطروحة عبد الجواد الخنيفي2014”
–أسلوبية الصورة الشعرية في الشعر الصوفي المغربيالمعاصرأمينة المريني نموذجا. دة.رشيدةالزاوي.
-أطروحة “الزمان والمكان في الشعر المغربي” لسعيد أذورو، سنة 2020.
–قراءات، ترانيمُ في شعرية المنتهى الدكتور أحمد هاشم الريسوني.
–طواف على غوارب أمواج(قراءات في شعر عبد اللطيف شهبون)، دة.ناهدالزيدي، منشورات سليكي أخوين-طنجة-2017.
كتاب الشعر العربي المعاصر في المغرب رِهاناتُهُ وِمِنْطَقَةُ تَلاقي أَشْكالِهِ- تأليف لأحمد بلحاج آية وارهام-.
ـ الذاكرة والشعر دراسة لدكتور خالد بلقاسم، وإعادة الكتابة في الشعر المغربي المعاصر للأستاذ الدكتور خالد بلقاسم وأيضا له كتاب الصوفية والفراغ. ديوان الحلاج…
شكلتْ هذه الدراساتُ منطلقاًلأُطِروحَتي، ووقف اخْتِياري عَلَى نماذِجَ منَ الشُّعراءِ المغارِبَةِ محمّد السِّرغِيني وَعَبْدِ الكريم الطَّبالِ وعَبْدِ اللَّطيف شهبون.
رابعاً: مفاهيمُ البِنْيَةِ العنْوانيةِ للأطروحَةِ
اقتصرتُ عَلى المُكَوِّنَيْنِ الرَئِيسَيْنِ:
أ-المُكَوّنُ:
يفيدُ هذا اللفظ نظريا وإجرائيا -التأليف بين أجزاء النص شكلاً وجوهراً وقد يكون هذا المكون:
- معرفيا: يشمل معتقدات وآراء وأفكارا..
- وجدانيا: يتعلق بمشاعر وانفعالات..
- سلوكيا: يخص فعلا أو تصرفا مخصوصا إزاء موضوع ما..
ب–الصُّوفي:
تفيدُ هذه الصفة كل ما له صلة بأحوال وخواطر ومُشاهدات ومُكاشفات وإشارات ورؤى ومُنازَلاتومَواجيدوأسرار..صادرة عند ذوات: شيوخ أو شعراء.
خامِساً: مُوجِّهَاتٌ مَنْهَجِية
اعتمدتُ في صياغةِ هذه الأطروحةِ آلياتٍ منهجيةً مناسبةً للبعد الصوفي، مُستنبطةً مِنْ طُرقِ التأويل المعهودة عند الصوفية غيرِ المكترثَةِ بظاهرِ النصوصِ،لأُثبت اللّمحةَ الصوفيةَ في ثنايا متُون النماذجِ المختارةِ للنَّظَرِ، لتَقُومَ دليلاً على تلك العلاقةِ الحميمَةِ القائمَةِ بيْنَ التصوف وَالشّعرِ المْغرِبيِّ المُعاصِر.
حاولتُسبُرَ أَغْوارِ مُتونِها والحَفْرَ في مَعانِيها، اسْتناداً إلى مؤلفاتِ القوم التي يشرَحُونفيها رموزَهُمْ وإشارَاتهِم. كما استعنتُبمقولاتِ المنهج التاريخي ومفاهيمَ إجرائيةٍ لسانيةٍ وسِيمْيائيةٍ وأسلوبيةٍ موضُوعاتيةٍ وفَّرها الدَّرْسُ النَّقْدِيُّ الحَديثُ..
سادساً: معمارُ الأطروحة
تقومُ هذه الأطروحةُ على بناءِ مُوزَّع بينَ عَتْبةِ وثلاثِ أبْوابٍ؛ لِكُلّ بابٍ فُصولٌ تطبيقيةٌ وخاتمةٌ.
الباب الأول: المُكوّن الصوفي في شعر محمد السرغيني.ويضم خمسة فصول:
الباب الثاني: الـمُكَون الصُّوفي في شعر عبد الكريم الطبال,ويضم خمسة فصول:
الباب الثالث: المكون الصوفي في شعرعبد اللطيف شهبون. ويضم ستة فصول:
وقدْ أنْهيْتُ الأطروحةَ بخاتمةٍ تَحَدَّثْتُ فيها عن خلاصةِ ما أنجزتُهُ، وألحقت ذَلك بِالملاحقَ والفهارسَ.
سابعاً:خلاصاتُ الأطروحة..
1-تجربةُ الشعرِ في عمْقِها تجربةٌ صوفيةٌ، لأنَّها تجربةُ رؤيةٍ تتحركُ بَيْنَ وَثْبَتَيْنِ، وَثْبَةِ الشعورِ (الذَّوْقِية) وَوَثْبَةِ التَّعبيرِ (الإبداعية)؛ فهيَ رُؤْيا تملأُ الشُّعورَ وتسيْطِرُ عليه،وهيَ رُؤْيَة يُريدُ الشاعرُ لها أن تملأَ التعبيرَ وَتُكَوِّنَهُ.
2-حاولت قَدْرَ الإمكان الوقوف علىدواوينِ الشعراءِ محمد السرغيني وعبد الكريم الطبال وعبد اللطيف شهبون لاستيضاح كَيْفِيَاتِ اشْتغالِهِمْ وَإِنجَازِهِمَ نُصوصاً مَسْكونةً بروحٍ عٍرفانيةٍ، هي بمثابَةِ الجَوْهَرِ من كَيْنُونَتِهِمْ..
3- إن الصوفيةَ أربابُ أذواقٍ، وأصحابُ أدبٍ، ونفوسٍ متعطشةٍ، يَتَعَسَّرُ عليهم أنْ يعيشوا تجارِبِهِمْ الروحيَةْ، دون أن يكون للشعر نصيب في إرواء هذا الظمأ، فما كان لهم إلا أن خلقوا لأنفسهم لغةً خاصّةً، فوظفوا في أشعارِهم مصطلحاتٍ وألفاظاً حسيّةً اسْتَطاعُوا أنْ يَنْقُلُوها من معانيها الحِسِّيَةِ إلى معَاني رَمْزِيَةٍ روحيةٍ مرتبطةٍ بالذاتِ الإلهيةِ مفعمةٍ بمعاني الجمالِ والجلالِ الإِلَهِيَيْنِ.
4- تَقْتَبِسُ قبساتٍ من نورِالحقيقةِ؛ فتتذوق الجمال الأزلي، فإنَّ هذا المَنْزَعَ الجمَالِي/ الجَلالِي ميّزَ الشعراءَ محمدُ السرغيني وعبد الكريم الطبال وعبد اللطيف شهبون.
في دواوين الشعراءِ الذين كانوا موضوعَنظرِ هذه الأطروحةِ تَمَاثَلَ بَيْنَ اللغةِ الصّوفيةِ واللّغةِ الشعريةِ فكلٌّ منهُمْ عَمِلَ على إخراجِ المُتلقِّي من ضَيْقِ اللغة العادِيَةِبِتَفَاوُتٍ..
5- شكلت المرجعيةُ القرآنيةُ عندهُم أساساًبمثابةِ الماءِ والهواءِ وكانتْمَنْهَلاً فياضًا اسْتَقَى منْ قِصَصٍ وَمعانِي النَّصِّ القُرْآني مَا أَكْسَبَ قَصَائِدَهُمْ أبعاداً إيحائيةً تَواءَمَتْ مَعَ مَقَاصِدِهَا الرُّوحيَةُ.
6- أضْمَرَتْ نصوصُ الشّعراءِ مَوْضوعَ هَذِهِ الأطْروحَةِ حضوراً مكثفا لاستعمال الشخصيات الصوفية بطرق مغايرةٍ الْتَقَتْ في تَوْظيفِ الحُلُولِي الّذي ضَمِنَ النَّأْيَ مِنْ شَرْنَقَةِ المَألوفِ، والتحليقْ في عَوالِمْ الْمُطْلَقِ.
7-إنَّ التجربةَ الشعريةَ تحتاجُ إلى أكثرَ مِنْ وقفةٍ ودراسةٍ، لِاسْتكناهِ بُعدها الجمالي وكَشْفِ الْمَكَانَةَ الرَّمْزِيةَ الَّتي يَشْغَلْها كُلُّ شاعرٍ في مُدَوَّنَةِ الشِّعْرِ المغربِيالمعاصرِ.
8- إن علاقةَ الشعرِ المغربي المعاصر بالتصوف لَمْ تَنَلْ حَظَّهَا من الدراسةِ وهذه الأطروحَةُ مساهمةٌ ساعِيَةٌ لِتحقيقِ هذا المَطْمَعِ..
وأخيراً، لقد كانت أطروحتي هذه محاولةً متواضعةً لِتَلَمُّسِ بَعْضِ ملامحِ شعرِنا المغربيّ المعاصرِ، وهو يسيرُ في نُورِ مِشْكاةِ التَّصَوُّفِ.
شكراً مجَدّداً أيها السّادةُ المحترمون .
والسلام عليكم ورحمة الله .
إحسان حسون