..وأما في بيئتنا الاسلامية فيمكن ملاحظة أن مفهوم المواطنة كما دلل عليه الخطاب الاصلاحي فعرف ثلاث مراحل :
- مرحلة خطاب القرن التاسع عشر ؛ وهو تمثل لمفاهيم غربية ، ومحاولة تكييفها وملاءمتها وفق متطلبات الاصلاح وقتئذ ؛ وخير ممثل لها رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وأديب اسحاق..
- مرحلة أدبيات العقد الثاني من القرن العشرين ؛ ومن ممثليه : لطفي السيد وعلي عبد الرازق وطه حسين..
- مرحلة ممتدة تجتهد في تبيئة مفاهيم المواطنة ومتولداتها ؛ استشرافا لتوظيفها في ضوء خصوصيات مجتمعية وثقافية وتاريخية ، مع الأخذ بنظر الاعتبار سياقات العولمة وتداعياتها الاقتصادية وعمق تأثير وسائل الاتصال الجديدة ؛ ومن هذه المفاهيم المتولدة :
- التربية على المواطنة..
- الديموقراطية..
- حقوق الانسان ..
- دولة التعاقد..
- المشاركة..
- المواطن..
والحق أن عوائق واكراهات ما زالت حائلة دون تفعيل هذه المفاهيم نتيجة انسدادات وممانعات ..تعمل جميعها علةى تعطيل الجوهر القيمي/الأخلاقي لهذه المفاهيم ، وتحول دون تنزيله ، وأخطر هذه المعيقات ؛ المعيقالاجتماعي والثقافي والتربوي المتجلي في ضعف مناهج وبرامج التربية والتكوين في أسلاك التعليم ؛ والحال أن أعز ما يطلب هو الانخراط في ثقافة المستقبل بتبصر ووعي ، وباستناد كلي لنظامنا القيمي وثوابته المقدسة ، مع انفتاحنا على مفاهيم : المبادرة..المشاركة..العمل المدني..
في بلاغة الأمن الانساني ..
تنصرف الدلالة الللغوية للفظ الأمن لجملة معان ؛ منها :
- الطمأنينة..
- السلامة..
- عدم الخوف..
وقد وردت كلمة الأمن في القرآن الكريم بكل صيغها الفعلية والصفاتية المشتقة بتواترعال..وبدهي أن سبب ذلك عائد لكونها مشتقة من الايمان ؛ وهو:
ـ اطمئنان ضد كل خوف..
ـ وثوق ضد كل كفر..
ـ تصديق كلي لجوهر الرسالة الربانية التي بعث سيدنا محمد صلى
الله عليه وسلم بتبليغها للعالمين..
ـ شهود الحق بما له من صفات وتجليات..
وتفرعت عن هذه الدلالات الأصلية ـ بعد دخول الأمن في شبكة مفاهيم حقوق الانسان ـ دلالة الأمن الانساني ؛ وهذه الدلالة موسومة بجدة ؛ تشمل ميادين :
- الأمن الغذائي الذي يتفرع عنه مفهوم السيادة الغذائية والأمن الحيوي؛ الشامل للأمن البيئي..والأمن الاقتصادي والاجتماعي..
والأمن الحمائي من البطالة والفقر والجوع والمرض..
- الأمن الثقافي ؛الضامن لحماية الثقافات المتعددة والمتنوعة ، وحق كل مواطن في التمتع والتعلم بها..
- الأمن السياسي والمدني الشامل لكل حقوق الانسان الضامنة للشعور بالأمن.
كل تجليات وميادين الأمن الانساني تسائل الفرد والجماعة أو المجموعة الوطنية والمجتمع الدولي ..وخلاصة هذا الالماع أن مفهوم الأمن الانساني :
ـ جديد بفضل جهود اليونيسكو..
ـ لا يعوض حقوق الانسان بل يكملها ويتقاطع معها..
ـ يساعد على احترام حقوق الانسان ويحقق الشعور بالأمن..
ـ عامل من عوامل تنمية حقوق الانسان..
ـ آلية من آليات مقاومة العنف والتطرف والارهاب..
د. عبد اللطيف شهبون