… و تتوزعني الدراسات العلمية و الأدبية ، وفي كفي من الأشواك التي أخطها بيميني ، و أنا وحدي بين أزهار البرّيَة .
– وقد أصاب الفيروس في البداية ، و في أوَّل الأمر البلدان الأكثر تقدُماً . و ذلك راجعٌ لسرعة انتشاره المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بشبكات التجارة البحرية و خاصة الجوية منها ، التي شكلتْ تطوُراً هاماً ، و هي إحدى العوامل المتزايدة لانبعاثات الغازات الدفيئة . المنطق على المدى القصير لمَحْو الاحتياطات ، يظهر في هاذين المجالين ، للتدمير الذاتي من قبل(بكسر الباء) البشر ، و للأسبقية الممنوحة للمصلحة الشخصية ، و على ميزة المقارنة في المنافسة (السلبية) . إذا كان بعض السكان أو المناطق الأكثر عُرْضة للخطر من غيرهم ، فالجائحة تؤثر تدريجياً على كوكب الأرض بأكمله ، و كذلك لا يقتصر الاحترار على الدوَل لتي ينبعث منها ثاني أكسيد الكربو ن. ( للربط بين الأسباب و المُسببات).
– ثمَّ يُصبح التعاوُن الدولي ، رأس مال جميع الأمم : من أجل كبح الفيروس و الحدّ من انتشاره ، و الحدّ أيضاً من انبعاثات الغازات الدفيئة ، فإنْ كان الأمر محلياً سوف يكون عبثاً ، إذا لم يفعل الجار نفس العمل.
– من الصعب التظاهر بالجهل عند تراكم التشخيصات ، إذ بفضل حيوية البحث في عالم الفيروسات أوْ في عالم المناخ ، مع التفاصيل في المعلومات المتاحة التي يتمُّ صقلها .
– في حالة الجائحة “كوفيذ-19″ ، العديد من العلماء المتخصصين ، و من زمان وهم يدقون ناقوس الخطر و يُنذرون ، و على وجه الخصوص البروفيسور”فيليب سانسونيتي” ب “كوليج دو فرانس” ، الذي يمثل ظهور العدوى ، كتحدي كبير في القرن الواحد و العشرين . فالإنذارات الملموسة لم تُفَوتْ فيروس الأنفلوانزا ، مثل 1N 5 H في سنة 1977م أوْ 1 N 1H سنة 2009م ، و “كورونا-فيروس” مثل متلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط سنة 2012م.
– على غرار تقرير “شارنيي” الذي سُلم إلى مجلس السيوخ الأمريكي منذ أربعين سنة ، و الذي كان يُنذر بالعواقب المناخية المحتملة في زيادة محتوى الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي . إذ الترتيبات المتعددة الأطراف من أجل تقاسم المعرفة و العمل المشترك ، موجود منذ حواليْ ثلاثين عاماً مع مجموعة الخبراء.
– تدمير الموائل المهددة بالانقراض : و هي كميات من الأنواع من بينها النباتات الطبية ، و الحيوانات التي اعتمدتها دائما صناعة الصيدلة ، و التي تنجو و تبقى على قيد الحياة . فليس لديهم خيار آخر إلا للرجوع إلى أجزاء صغيرة من الموائل التي تركتها لهم المستوطنات البشرية . فقد ينتج عن هذا احتمالية متزايدة من اتصالات وثيقة و متكررة مع الإنسان ، التي تسمح للميكروبات التسلل إلى جسمه حتى و إنْ كانت حميدة ، لتصبح مسببات لأمراض قاتلة .
– و تستجدي السلطات الصينية ، في القرن الواحد و العشرين ، إذ تبدو لهم العلاجات القديمة التقليدية : أفضل طريقة لمحاربة الوباء (الجائحة) الناجم عن “فيروس-كرورنا” . على إثر ذلك فمئات الملايين من البشر سيعانون من قيود على تحركاتهم . هل ، لم يحن الوقت بعد للتساؤل ، لماذا الجائحة تتحول إلى متحورات و أخواتها بوتيرة يصعب التحكم فيها ؟
- عندما يكون مقدمي الرعاية الصحية ، و موظفي مؤسسات المسنين ، و يُتركون دون حماية و بدون فحص ، يصبحون هم أننفسهم حاملون للفيروسات . و تنشأ من خلالهم بؤر للتلوث في بيئات شديدة الحساسية ، التي يمكن أنْ تؤدي إلى انهيار النظام الصحي ، و فرض الحجر الصحي العام . شبيه ذلك بعالم المناخ من تأثيرات التأخير و ردود الفعل . ثم آثار ردود الفعل مما يُضخم ، و يعمّق ديوننا البيئية.
– أجريَتْ دراسات عام 2017م لكيْ تكشف عن تفشي الفيروس الذي قد تمَّ تحديد مصدره ، في أنواع مختلفة من الخفافيش الشائعة في مناطق الأكثر تواتراً في إفريقيا الوسطى و الغربية ، و الذين خضعوا مؤخراً إلى إزالة الغابات . عندما يتمُّ قطع غابات الخفافيش ، فقد اسْتُكرهوا على التسلق بأشجار حدائقنا و مزارعنا ، و منذ ذلك الحين يُصبح من السهل علينا أنْ نتخيَّلَ الباقي . فالإنسان يبتلع لعاب الخفاش عندما يُقبل على قضم فاكهة ملوثة ، أوْ بمحاولة مطاردة ، و قتل هذا الزائر المفاجئ الغير المرغوب فيه . و لا شك أنه سوف يتعرَّض للجراثيم و الميكروبات التي جعلتْ من أنسجة الوطواط ملجأ لها (له) . فهذه هي الطريقة التي تنتقل بها العديد من الفيروسات ، و التي تكون عالقة بالخفافيش دون إلحاقهم بأضرار ، و هم الذين يتمكنون من اختراق المجتمع البشري .
– دَعْنا نقتبس على سبيل المثال : المرض الفيروسي “إيبولا” (و خاصة في ماليزيا و البنكلاديش و بشرق إفريقيا) هذه الظاهرة توصف بأنها “عبور للحاجز البشري” . و كذلك فيروس “نيباه” الذي يسبب المرض عند الحيوان و الإنسان . و على قلة حدوثه ولو بشكل مُتكرر، يمكنه أنْ يُخول للميكروبات من الحيوانات التكيف مع الكائنات البشرية ، كيْ تتطوَّرَ إلى درجة لتصبح من مسببات الأمراض .
– الشيء نفسه ينطبق على الأمراض التي تنتقل عن طريق الباعوض ، طالما كان هناك ارتباط بين تفشي الوباء (الجائحة) و إزالة الغابات . إلا أنَّ المسألة هنا ليستْ مسألة فقدان الموائل ، إنما فقط تحولاتهم . بعد أنْ تختفي من الأشجار طبقة الأوراق و الجذور الميتة ، ثمَّ مياه الجريان السطحي و الرواسب ، بسهولة على الأرضية المكشوفة لاستحمامها في الشمس ، تُشكل بركاً مُوَاتية لتربية الباعوض الحاملة للملاريا . و وفق دراسة أجْريتْ في اثنى عشر بلداً ، تثبتُ أنَّ فصائل الباعوض الناقلات و مسببات الأمراض للإنسان ، قد تتضاعف مرَّتين أكثر في المناطق التي خضعتْ لتعرية الغابات ، مقارنة مع الغابات البكر..
– اللقاح لا يُوَفر الحماية الكاملة لا ضد العدوى ، و لا ضد الانتقال و الانتشار ، كما أكد ذلك ، رئيس اللجنة التوجيهية لاستراتيجية التطعيم . هي عبارات لصدى نتائج أولية لدراسة حديثة قام بها باحثون من اتحاد المستشفيات الجامعية للأبحاث الأمريكية “مايو كلينيك” . و طبقا لهذه الدراسة ، فإن التطعيم بلقاح “موديرنا” و “فايزر” يُخفضان و يقللان على التوالي خطر الاستشفاء ب بنسب 76% و 75% ، بينما الإصابة تصل إلى 76% للأولى و 42% فقط للثانية . هذا يعني أنَّ “المتحورة” “ديلتا” ستكون أكثر مقاومة لللقاحات من المتحورة “ألفا” .
– علينا بلا شك أنْ نسأل أنفسنا ، عن سؤال إلزامية التطعيم ، وفقاً لتطوُر وضعية “كوفيذ-19” و أخواتها ؟ و عُدْتُ أنظر بدْءً من “يوهان” و جائحتها ، و إذا بالمجتمع العلمي العالمي ، وهو يكافح من أجل إيجاد علاج ضد “كوفيذ-19” . و لما أعلن عن لقاح بكفاءة 90% في المعدل ، و الذي كان يشير إلى بصيص من الآمال . كان ذلك بتاريخ 9/11/2020م ، عندما أعلت شريكتان عملاقتان “فايزر” و ” “بيوتكنولوجي” للبحث العلمي أنهما أبانتا عن تطوُر لقاح محتمل ضد “كوفيذ-19” ، و عن االنتائج الأولية المشجعة التي تمَّ الحصول عليها من المرحلة الثالثة من التجربة السريرية .
– كان المختبران قد أعلنا أنَّ اللقاح سيكون فعالا بنسبة 90% . فخططوا لإنتاج ما يصل إلى خمسين مليون جرْعة من اللقاح خلال سنة 2020م ، و مليار و ثلاثة مائة مليون جرعة أثناء سنة 2021م . كان هذا الإعلان قد أحيا نقاشاً حول إجبارية التطعيم . بعض من المسؤولين السياسيين أبدوا بآرائهم حول هذا الموضوع .
– هذه هي حالة عالم البيئة أيضاً ، و قد عبر عن ذلك عضو بالبرلمان الأروبي “يانيك جادو” ، و كان رأيه منذ العاشر من نوفمبر 2020م مع إجبارية التطعيم ، و ذلك بالقطر الفرنسي . – انظروا الصدمة التي تعيشها مجتمعاتنا اليوم ، لا نستطيع أنْ نسمح لأنفسنا بتمديد فترة الحجر الصحي ، و لا فترة الركود الثقافي و الاجتماعي و الاقتصادي .. فأخذت أسأل نفسي سؤال الحالة مَنْ إيانا : أين نحن من هذه الصدمة ؟
عبد المجيد الإدريسي