يقع برج الساحل المتوسطي على مقربة من الطريق الوطنية رقم 16 التي تربط مدينة تطوان بمدينة الحسيمة، تحديدا بقرية تغسة ذات طابع تاريخي متميز، المترامية بين الوادي والبحر الأبيض المتوسطي ضمن النفوذ الترابي لجماعة أمتار بإقليم شفشاون، والتي تبعد عن مركز أمتار بحوالي 8 كيلومتر وعن مدينة الجبهة ب 10 كيلومتر. وتجدر الاشارة إلى أن قرية تغسة تنقسم إلى شقين؛ شق منها والذي يقع عند الجبل يسمى تغسة العليا، وشق ثاني يقع بالقرب من الشاطئ يسمى تغسة السفلى.
تمَّ تشييد البرج إبان الاستعمار البرتغالي لشواطئ غُمارة الساحلية في 1492م حسب مصدر مطلع على تاريخ تغسة والمنطقة عموما، ومنذ ذلك التاريخ وهو لا يزالُ صامدا يقاوم رطوبة الشرقي الذي يستحكم الشريط الساحلي لغُمارة، ويروي تاريخ المنطقة وما عانته من إهمال شديد وما طالها من إقصاء مع الأسف أغرقها في كآبة ظلت عصية على الاستيعاب.
بني البرج البرتغالي على رَبوة تُطل مِن علٍ على البحر الأبيض المتوسط وعلى شاطئ تغسة الجميل بوجه الخصوص، الذي كان يضمُّ في القِدَم مرفأ بحريا حيويا يعدُّ مركز نشاط تجاري بغُمارة مع كل من تطوان في الغرب وقبيلة قلعية الريفية في الشرق؛ وكان مِن الأهم في شمال المغرب في ذلك التاريخ، حسب ما جاء في كتاب اكتشاف جبالة ل (أوجست مولييراس) وكتاب وصف إفريقيا لمحمد حسن الوزان.
والملاحظ أنَّ هذا البرج لم يحظ بعدُ بأيِّ اهتمام من الجهة الوصية للحفاظ عليه مِن الاندثار. ومع أنَّ التصدعات التي بدأت تظهر عليه خلال السنوات الأخيرة وتزداد انتشارا مع مرور الزمن بفعل التقلبات المناخية التي تعرفها المنطقة الساحلية، وفي غياب أي دور فعليٍّ للجهات المعنية بالتراث، أدَّى إلى تزايد المخاوف لدى كثير مِن الفاعلين الجمعويين والغيورين بقرية تغسة، وبمنطقة غُمارة عموما مِن سقوطه ببرود في أية لحظة.
وعلى الرغم مِن أنَّ بعض الجمعويين طالبوا مِن خلال تدوينات نُشرت تباعًا على منصة التواصل الاجتماعي مندوبية وزارة الثقافة التدخل العاجل لأجل إعادة ترميمه في أقرب وقت ممكن، وإنقاذه من السقوط الذي أضحى يعانقه بين فينة وأخرى؛ ولردِّ الاعتبار لجمالية المكان وما يحمل تواجده مِن تاريخ وحكايات الأجداد بقيت لحدِّ الآن طيَّ الكتمان، إلا أنَّ الحال لا يزالُ يبعث على الأسف، ولا أذن تصغى لهذا الطلب الذي ظلَّ عالقا في سلّة المهملات.
عثمان السخايري