– بعد عام و نيّف ، ما الذي نعرفه حتى الآن عن “كوفيذ-19” ، و ما زلنا لا نعرفه عن هذا الفيروس ؟ لم يثر أي فيروس قط ، هذا العدد من الأبحاث العلمية في وقت قصير جداًّ . إذا كان عمل الفيروس و هيكلته تمتْ معرفتُها الآن ، ما زلنا نجهل ، من بين أمور أخرى ، كيفية إصابته للإنسان و انتقاله إليه . فما الذي نعرفه حقاً عن هذا الفيروس ؟ باحمرار وجوه العلماء ، وهم ينحنون في أبحاثهم منذ أكثر من عام ، و العالم يطرح نفس السؤال : ما الذي نعرفه و ما الذي لا نعرفه إلى اللحظة عن هذا الفيروس ؟
-في كلّ يوْم ، أصباحي و أماسي ، أتتبع إصابات العدوى على مستوى كوْكب الأرض ، لأكتشف أنَّ منذ سبعة أسابيع ، تقطف “كوفيذ-19” زيادات متتالية من الإصابات ، و في الأسابيع الأربعة الأخيرة (مارس-أبريل) ازداد عدد الوفيات . رغم 780مليون من جرعات اللقاح تمَّ حقنها على مستوى العالم . وقد تمَّ تسجيل رابع أكبر عدد من الحالات في أسبوع واحد إلى حدّ الآن (أوائل أبريل) و أنَّ دولاً من آسيا و الشرق الأوسط شهدتْ زيادات حادة في عدد الحالات .
- يمرُّ التلوث بشكل أساسي عبر قطرات اللعاب و من خلال الغبار الجوي . فإذا كان لا يزال من المفيد غسل اليدين ، فقد نشرت دراسة أمريكية بتاريخ يناير 2021م تُظهر أنَّ خطر الإصابة عن طريق لمس سطح مُلوَّث ، وقد تبلغ نسبتها أقل من 0.05%، لأنَّ التلوُث يحدث خصيصاً بالعطس و قطرات اللعاب تتطاير و تنبعث من الفم و الأنف ، و كذا في الغبار الجوي ، أيْ جزئيات صغيرة جداً مُعلقة في الهواء .
– التلوُثات الفائقة التي حدثتْ في بيئة مُغلقة و سيئة التهوية ، لتحلل ذلك “البروفيسورة آن كلود كريميو” ، طبيبة العدوى بمستشفى “سان لويز” بباريس .
– حملة تسريع التطعيم ،من أجل أنْ تتسع لتشمل الثمانين في المائة من السكان. ينبغي أنْ تتجنب الوثيرة البطيئة ، مما سوف تطيل الوباء . مع العلم أنَّ عدد الحالات في أروبا و الأمريكتين قد استفحلت في الأسابيع الأخيرة لتعلن عن ظهور الموْجة الثالثة . منظمة الصحة العالمية تنتقد البطْء “الغير المقبول” للتطعيم ضدّ “كوفيذ-19” . فحالة الجائحة الأكثر إثارة للقلق في الشهور الأخيرة ، و قد يأسف لذلك الفرع الأروبي لمنظمة الأمم المتحدة .
– إذا كنا نريد الحدَّ من انتشار الفيروس و الوقوع في حدث المُتحوّلات ، يجب إعادة النظر في تطعيم الأطفال . هي حالة واحدة لتلميذ ب “كوفيذ-19” ، تؤدي إلى إغلاق المدرسة . و هل هذه الأخيرة تتحوَّلُ إلى مجموعة الفيروسات ؟
- مما يضطر أباء التلاميذ إلى حيلة الدراسة عن بعد للتغلب عليها . فالأطفال كذلك ينشرون الفيروس .كنا نودُّ أنَّ المدارس لا تشكل مجموعات الفيروسات. نحن نعيش أشياء جديدة و غير منشورة في ظروف استثنائية.
– يجب تحصين الأطفال . نائبة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية “ماري بول كياني” (عالمة الفيروسات ، و رئيسة لجنة ، سارس-كوف-2) تنتقد معدَّل إنتاج اللقاحات ، و مراجعة المُعوقات التي تكتنفه . فللأسف الوثيرة البطيئة من حيث الإمدادات و القيود التي تتسبب فيها عددٌ من المنتجين وبالخصوص “أسترزينيكا” ، تُسلم أقلّ مما واعدتْ به . إذاً علينا التحلي بالصبر ، مع احتمالات التسرُع البارز في الأيام القادمة .
– نُدْرك أنه توجد نُسخ من المُتحولات ظهرتْ و هي أكثر قابلية للانتقال . فمنذ سنة تمَّ فحص الفيروس “سارس-كوف-2″ من كل زاوية ، لإثارة سيْل من الكتابات الأدبية و العلمية (الأبحاث) لم أر مثيلاً لها في هذا المستوى من قبل . حتى إنَّ موْقعاً خاصاً يُعنى ب”كوفيذ-19” ، و يُحصي كل المقالات العلمية حول هذه الجائحة ، إذا بنا نحصل من خلاله على النشر المُسبق ل 120000مقال .
– فيروس العوز المناعي البشري (VIH) ، على سبيل المقارنة مع مرض السيدا ، نحن بالكاد على بعد ثلاثة أضعاف ، إذا رجعنا إلى الخلف بأربعة عقود ، إذ كان عدد النشر للسيدا ب 380000مقال ، ليعرض ذلك المسؤول عن وحدة الفيروس و المناعة في معهد باستور ، قائلاً : إنَّ تقدُّماً هائلا في طريق الكشف و الوقاية و الاستجابة و المكافحة ، بعد فهم كيفية نشاط “كوفيذ-19″ و هيكلته ، و الطريقة التي يتسلل بها داخل جسم الإنسان ، و يتكاثر في الخلايا المصابة . لكن مجال جديد للبحث و التحقيق قد تمَّ فتحه في الشهور الأخيرة .
– المُتحولات الفيروسية اتخذتْ بالفعل مُنعطفاً أكثر إثارة للقلق .
– القابلية أوْ خبث أوْ حساسيته للعلاج ب”اللقاحات” . إذا بالفيروس يميل إلى التحوُر (المتغيرات). فالفيروس نفسه وجدَ نفسَه تحت الضغط الاختيار بين سكان ذي مناعة ، و بين أشخاص ذات أجسام مُضادَّة غير فعَّالة ، من أجل البقاء . لقد تأكد من أنْ يكون أكثر عدوى لضعاف المناعة ، و الحصول على ميزة انتقائية ، مما يُخول له الانتشار بين السكان بشكل أكبر . على سبيل المثال : المُتحول الإنجليزي ، وهو بالتالي أكثر قابلة للانتشار ، لأنَّهُ يعْلق بشكل أفضل على جهاز الاستقبال ، مما يسمح له باختراق خلايا الجسم . كما أنها أكثر مُسببة للأمراض للأشخاص الذين يفوق عمرهم خمس و ستين عاما . من بين آلاف الطفرات حوْل العالم ، ثلاثة مُتحولات اللائي تقلقن المجتمع العلمي خاصة .
– المُتحولة 1.1.7.B (تمَّ تحديدها عبر بحر المانش)، و المُتحولة 1.P (ظهرت في البرازيل) ،و المُتحولة .1.351.B (اكتشفت في إفريقيا الجنوبية ) .
– الهدف هو محاولة وقف الموْجة الثالثة للجائحة التي تستمرُّ في التضخم ، رغم حركات القيود الموجودة بالفعل . وقد وصل الوباء إلى نقطة حرجة مع التهابات تعْبُرُ بشكل استثنائي . حسب منظمة الصحة العالمية ، وهي تُحذر ، أنَّ “كوفيذ-19” يُمكن قمعه و احتواؤه في غضون بضعة أشهر ، إذا تمَّ اتخاذ الإجراءات الصحيحة . تقول “ماريا فان كيرخوف” المسؤول التقني لمحاربة “كوفيذ-19” بالمنظمة : لدينا السيطرة و الرقابة الفعالة ، ورغم ذلك ، هي قلقة بشأن عدد الحالات التي ارتفعتْ بنسبة 9% في العالم ، بينما الوفيات ارتفعت معدلاتها ب5% بعد ستة عشر شهراً من بداية العدوى.
– “و رغم ذلك ، أسباب كثيرة تجعلك متفائلاً” . إذ يذكر مدير المنظمة مرة أخرى أنَّ اللقاحات كانتْ أدوات قوية حيوية . وهو ينادي الدول و السكان لمتابعة الإجراءات و التدابير الوقائية ، من احترام التباعد الجسدي ، و ارتداء الكمامات و نظافة الأيادي ، مع المحافظة على التهوئة و التحري ، و البحث عن جهات الاتصال و العزل ثمَّ الحجر الصحي ..
عبد المجيد الإدريسي