… منْ أقوال “جيستاف لوبون” في كتاب “حضارة العرب” ، لقوله : إنَّ أهمَّ تقدُّم العرب في عالم الطب .. و مضى صاحبنا يُخصص ما كان من أنواع الأدوية و الصيدلة ل دواود الأطنامي ، ثمَّ إنّ الطب العالمي مَدين للعرب بعقاقير كثيرة ، وهو مَدين أيضاً بفن و علم الصيدلة و كثير من المستحضرات التي لا تزال إلى اليوم كالأشربة و اللعوق و المياه المُقطرَة ، و إمصاص النبات ، على أنها اكتشافات حديثة ، وبعض الأدوية ، كما صنع ابن زهير الذي كان يعالج المرضى المصابين بالقبض ..
– اللقاح “سبوتنيكV” الروسي سوف تحط طائراته على مُدرجات المطارات المغربية ، بين شهريْ مارس و أبريل . و هدف حملة التطعيم هذه التي بدأتْ منذ أواخر شهر يناير 2021 م ، هي تحقيق الحصانة الجماعية بنسبة 80% من سكان المغرب ، بحلول شهر يونيو 2021م ، و بهذا الطلب يكون المغرب قد يتوفر على 66مليون جرعة من اللقاحات ، إذ تمَّ استلام ثمانية مليون و نصف المليون منها بالفعل ، بعد تيسيره من قبل منظمة الصحة العالمية . الدولة الروسية تنتهج استراتيجية مماثلة للصين ، حتى لو كان وضع الجائحة غير مُتحكم فيه بروسيا . لكنها لا تغير أي شيء . هنا مرَّة أخرى الأولوية لدبلوماسية المصل ، لتصدير اللقاح المحلي الروسي . بعد الموافقة على “سبوتنيكV” الروسي من طرف “بروكسيل” . وهو نجاح “الكريملين” ، بقدْر ما هي العلاقات الدبلوماسية مع الإتحاد الأروبي ، هي في أدنى مستوياتها . هو انتصار دبلوماسي ، لأنَّ لقاحها قد تمَّ الموافقة عليه بالفعل من طرف 48 دولة في العالم . لتكون قادرة على تطوْر شركات جديدة صناعية ، خارج مجال نفوذها التقليدي . و إنني لذاكر أنَّ “كوريا الجنوبية” سبَّاقة لتصنيع اللقاح “سبوتنيكV” الروسي بموجب عقد . توَدُّ “موسكو” أيضا أنْ يكون الأمر كذلك مع الإتحاد الأروبي .
– ألا إنَّ الشركات الصيدلانية العملاقة الأمريكية “جونسون آند جونسون” و الروسية “جاميليا-سبودنيكV” قد اعتمدتْ في صناعة اللقاح على نفس التكنولوجيا للناقلات الفيروسية المسماة ” أدينوفيروس” ، كما هو الحال عند “أسترازينيكا” ، على عكس لقاحات “فايزر” و “موديرنا” اللذان يعتمدان على تكنولوجيا الحمض الريبي المرسال ، ثم لقاح “سينوفارما” و “سينوفاكس” اللذان يقومان على فيروس مُعطل . اللقاح الأمريكي و الروسي يستخدمان “الأدينوفيروس/ البشري” للحمض النووي ، بينما “أسترازينيكا” تستخدم “الأدينوفيروس/الشامبانزي” . — خصائص أخرى يتميَّز بها لقاح “سبوتنيكV” الذي يستخدم اثنين من الفيروسات الغدية (أدينوفيروس) البشرية المُختلفة . الأولى تختلف عن الثانية بمعنى أنَّ اللقاح الأول يختلف عن اللقاح الثاني ، حسب المختبر الروسي “جاميليا” الشركة المصنعة . هذه الخصوصية بإعطاء جرْعتين مختلفتين تسمح بتجنب جهاز المناعة لجسم الإنسان ، أنْ يُهاجم الجرعة الثانية ، و تقليل فعالية اللقاح ، و بالتالي المناعة . الفترة الفاصلة بين الجرْعتين هي إحدى و عشرين يوماً . و التي تتمتع بكفاءة ما يقرُبُ من 92% . ( 16مُتطوعاً من أصل 14900) من خلال التجارب التي تلقتْ الجرعات كانتْ إيجابية بنسبة 0.1% ، مُقابل 62 من أصل 4900 الذين تلقوا الدواء “الوهمي” أو العلاج البديل “PLACEBO” ، أوْ 1.3% . اللقاح الروسي “سبوتنيكV” له شروط متشابهة إيجابية بين 2 و 8 درجة مائوية . و سعر تكلفة اللقاح الأمريكي (ج آند ج / 6 € ) مقابل ما يقرُب من 8€ لجرعة اللقاح الروسي ، بتحفظ.
– لقاح “جونسون آند جونسون” تمَّ ترخيصه للتوّ في الإتحاد الأروبي و في فرنسا ، وهوالوحيد الذي يُلقح بجرعة واحدة فقط . “د. بول ستوفيت” المدير العلمي مُقتنع بأنَّ سهولة المرفق اللوجيستي سوْف يسمح بتسريع حملة اللقاحات . و قد أجاب هذا الأخير عن سؤال مكفول ، لكيفية تمكينهم من تصميم لقاح في وقت وجيز للإقدام على عمل وحيد و غير عادي ، الذي كان ممكنا من خلال الجهد المُشترَك بين الباحثين ، و تلك الخاصة ، بفريق جامعة “هارفارد”، الذين عملوا معهم ، بالإضافة إلى المؤسسة الأمريكية للصحة التي من مهامها البحوث الطبية . و لكن أيضاً بفضل الحكومة الأمريكية التي شاركتْ في تمويل المشروع ، مع سلطات تنظيم الأدوية ، الذين عملوا كذلك على تسريع عملية مُراجعة الملفات الخاصة بهم . هذا التعاون جعل من الممكن تقليص مُدَّة التصميم و التصنيع . و مع ذلك لم يتمكنوا من تحقيق ذلك سريعاً لو لم تكن لديهم خبرة سابقة مُعترَفٌ بها في هذا المجال العلمي ، و مع عمليات البحث المُستمرَّة على فيروس “سارس” و “ميرس” ، وهي أيضاً كمنصة فعَّالة و آمنة . ثمَّ إنَّ عملية التطعيم ضد “كوفيذ-19” تتلمس طريقها ، فعدَّة دول قرَّرتْ استخدام الأداة الدبلوماسية ، لصنع أداة القوة الناعمة (POWER-SOFT-) وهي قوة الإقناع ، و على وجه الخصوص مع المناطق الأكثر حرماناً على كوْكب الأرض ، و خاصة في إفريقيا و أمريكا اللاتينية . لكنَّ كبار مُنتجي اللقاحات ، كالصين و روسيا و أروبا و الولايات المتحدة الأمريكية . كلهم ليست لهم نفس الإستراتيجية حول الموضوع ، مما يُعطي أوْ يُخوّلُ لهم لعبة كبيرة للشطرنج على المستوى العالمي.
– و لكنَّهم صاروا ، لم يُقدّروا الحيوات على الكنوز الصيدلانية التي سوْف تُذر عليهم ثروات هائلة .
– الصين هي الدولة بامتياز التي قرَّرَتْ استخدام دبلوماسية اللقاح ، وهي تمتلك بالفعل لقاحين اثنين للتصدير . و بما أنَّ وضع الجائحة إلى حدَّ كبير خاضع للسيطرة داخل الدولة ، فلا توجد حالة طارئة لأسبقية تطعيم سكان الصين ، إذن فالأولوية تصير للتصدير . فهذه صورة تلخص جدّاً هذه الحالة : تلك التي جاء بها الأسطورة القديمة لكرة القدم البرازيلية “بيلي” ، أثناء عملية تلقيحه بمصل صيني ، و ما هي إلا كليشيات دعائية ، سرعان ما انتشرت على قنوات التواصل الاجتماعي . إنْ هو إلا البطل العالمي السابق يُستغلُّ من أجل الدعاية الصينية ، و إنها لأعظم سعادة للإعلام الشيوعي .
– كلنا نُصدّقُ من طول ما تتراءى لنا هذه الصورة ، أنَّ بيجين و قد صدَّرتْ لقاحين “سينوفارما” و “سينوفاك” إلى عشرين دولة ، وإذ لا تخطط للتوقف هنا ، بل هي وَعدتْ بشحن مائة مليون جرعة إلى أكثر من 45دولة . بيجين تسعى لاستعادة صورتها التي تدهورت إلى حدّ كبير منذ بداية الجائحة .
– في اتجاه تحصين الأطفال . الشركة الأمريكية “موديرنا” أعلنت أخيرا أنها تجري اختبارات للقاح ضد “كوفيذ-19” على آلاف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر إلى إحدى عشر سنة ، و هي مرحلة جديدة تُعتبر ضرورية لإنهاء الجائحة في نهاية المطاف . إذ الأطفال يشكلون جزْءاً مهماً من الساكنة ، وهم أقلُّ تعرضاً لحالات المرض الشديدة ، بينما أقلّ ما ينقلونها في حالة مَنْ هم أصغر منهم . فالتطعيم بالنسبة لهم ليس أولوية من الأولويات حالياً . اللقاح ضد “كوفيذ-19” هو مُصرَّح له من شركة “فايزر” لمنْ يفوق عمرهم ستة عشر سنة ، و لشركة “موديرنا” و “جونسون آند جونسون” ، لثمانية عشر سنة فأكثر ..
– لقاح “فايزر-بيوتكنولوجي” ستكون فعالة بنسبة 97%ضد “كوفيذ-19” ، لمن ظهرت عليهم الأعراض (سانتوماتيك) و الأشكال الخطيرة ل “سارس-كوف-2” ، وفق دراسة بشروط حقيقية ، تمَّ نشرها و إنتاجها منذ أيام على الأشخاص المُلقحين ب “إسرائيل” . و حسب هذه الدراسة ، هذا اللقاح هو أيضاً فعّال ضد الأشكال (سارس-كوف-2) بدون أعراض (أسانتوماتيك) بنسبة 94% ..
– فقط عملية تطعيم ضخم و سريع من شأنه أنْ يمثل أملاً حقيقياً للخروج من أزمة الجائحة ..و لله الأمرُ من قبلُ و من بعد .
عبد المجيد الإدريسي .